سوق الإمام علي بفاس... جبروت "القفة" غلاء الأسعار أزم النفوس وأحرق القدرة الشرائية لمستهلك اضطر للتبضع بتقسيط "حبات الخضر" تتشابه الأجواء في كل أسواق فاس الشعبية منها وحتى الراقية. سخط عارم من التهاب الأسعار، ووجوه شاحبة حائرة. نساء ورجال رفعوا الراية البيضاء مستسلمين أمام جبروت «قفة» استعصى عليهم تدبر تكاليفها زادت وأحرقت قدرتهم الشرائية وأتلفت ما تبقى من قدرتهم على تحمل وضع أزم نفوسهم قبل جيوبهم المثقوبة. حال متسوقين يدعو للشفقة في انتظار من ينظر إليهم بعين الرحمة، قفف وأكياس شبه فارغة، يحملونها مع هم يومي مؤرق زاد بحلول رمضان، كثير منهم يجوب السوق المقصود، طولا وعرضا بحثا عن بضاعة بثمن أرخص ولو بسنتيمات قليلة، طمعا في تبضع بالمتوفر في الجيوب، ولو قل عن كل الحاجيات الأسرية المعتادة. شاب إفريقي بيده كفة ميزان يجمع فيها «حبة» من كل الخضر يحتاجها لإعداد وجبة إفطاره وسحوره. 20 درهما ناولها تاجر خضر وفواكه بسوق الإمام علي بالمدينة الجديدة، ثمن كيلوغرام واحد من «كوكتيل» الطماطم والبطاطس والبصل. لا قدرة له على غير ذلك. وفي صورته اختصار لما يعيشه أمثاله قليلو الدخل أو منعدموه.يقول التاجر إن هذا المشهد المقزز مألوف حتى وسط أسر بعدد متفاوت من الأفراد، مؤكدا لجوءه لهذه الطريقة رأفة بزبناء «لا قدرة لهم على غير قليل من الخضر الضرورية»، وتيسيرا لترويج بضاعته بعدما قل الإقبال عليها بشكل اضطره لتقليص كمية المشترى منه، مقارنة مع أيام خوال كان يروج فيها كمية أكبر محققا أرباحا أكثر من الحالي. «أحيانا نحرج أمام زبنائنا الذين يصدمون لما تكشف ثمن ما تبضعوه. التاجر أيضا يؤدي الثمن غاليا. و100 درهم غير كافية لشراء قليل حاجيات الزبون» يقول التاجر نفسه، بمبرر أن ثمن كل صندوق من الخضر والفواكه يزداد يوميا و»يحتم علينا مضاعفة الثمن» على مستهلك كبلت الأسعار قدرته الشرائية ليصبح أسير وضع مختنق. «الخضرة طلعت للسما. بحال يلا كتشري الدوا من الصيدلية. بزاف هدشي. واش المسكين ما يعيش، واش ما فقلبكم رحمة؟» تتساءل امرأة خمسينية جابت أركان السوق بحثا عن بضاعة أرخص، دون جدوى، قبل أن تقف أمام التاجر نفسه، سائلة عن أسعار كل ما يعرضه من بضاعة، وكأنها عضو بلجنة مراقبة الأسعار وجودة البضائع. تساؤلها جر زبونة أخرى، لنقاش لن يجدي في شيء. معا عبرا عن امتعاضهما، كما كل المواطنين. «حالنا يدمي القلب. ذلتنا الأسعار، لكن لمن تشكي همك؟» تقول الثانية وأقسمت أن الفواكه لم تدخل منزلها منذ شهور، لأن لا قدرة لها عليها، فقط «كنعدي ونشري الحاجة لي ما يمكنش نتخلى عليها باش نوكل ولادي» تقول بمرارة. حميد الأبيض (فاس)