حملات تشكيك في برغواطة

رسائل إلى بن طريف البرغواطي 7 قولهم إن صالح بن طريف ادعى النبوة وشرع الشرائع وكتب لهم قرآنهم في كتابه "سبع رسائل إلى صالح بن طريف" يحاول الباحث والأديب شعيب حليفي إعادة كتابة تاريخ أربعة قرون ضائعة من التاريخ الرسمي المغربي، والتي تُعرف بإمارة برغواطة، ببلاد تامسنا، بمثابة رواية أخرى لما جرى انطلاقا من العودة إلى كل المصادر المعلومة. الكتاب محاولة لإعادة تركيب تاريخ في حكاية متحررة من حقائق "زائفة" بقيت طويلا، باعتبارها الصورة الكاملة لأول إمارة مغربية، بُعَيدَ الفتح الإسلامي، مستقلة عن المشرق والخلافة الأموية، أو عن أي سلطة خارجية.في هذه الحلقات نسافر مع صاحب "مساءات الشوق" في متنه التاريخي والأدبي، وهو يخاطب شخصية تاريخية لفها الغموض وكثرت حولها الأقاويل. إعداد: عزيز المجدوب هل تريد، يا صاحبي، أن تعرف ما قيل : نقطتان حاولوا من خلالهما التشكيك في دولة بُرغواطة وتأبيد صورتها: الأولى: قولهم إن نسب طريف يعود إلى اليهود، وهو كلام كل مُنافس لا يملك ما يحاجج به فيلجأ إلى الطعن في النسب باعتبار ما كان للنسب، في ذلك السياق، من أهمية تُعضّدُ العصبية. فهل يُعقل أن يقبل العقل هذا الكلام حول المصامدة وهم من أقحاح المغاربة الأمازيغ الذين وُجدوا ببلاد المغرب منذ آلاف السنوات وأسلموا إسلاما صحيحا، ودافعوا عنه دفاعا حقيقيا وساهموا إسهاما فعليا وحاسما في فتح بلاد الأندلس، ولولا أطماع وخوف الحاكمين المتنفذين، لفتحوا باقي بلدان الشمال. لم ولن يقبل المصامدة أو غيرهم من القبائل المغربية وفروعها، في تلك المرحلة أو قبلها وبعدها، أن يسوسهم إلا مصمودي مسلم له نسب متجذر فيهم. النقطة الثانية مرتبطة بالأولى، قولهم إن صالح بن طريف ادّعى النبوة وشرّع الشرائع وكتب لهم قرآنهم، ورووا بخصوص ذلك قصصا بتفاصيل كثيرة. أنتَ ابنُ عصركَ وزمنكَ. تتنفّسُ هواءَه وتنطق لُغته، وتدركُ العطب واحتمالات مُحاصرته. هل كان ادعاء النبوة أو المهدوية هاجسا ساخنا لمواجهة أمر جلل والعبور إلى السلام الرّوحي في غمرة الانفجار؟ كل المؤرخين والجغرافيين والرحالة، قبل ابن حوقل والبكري وابن عذارى زمنيا، لم يذكروا من هذا الأمر شيئا: ابن عبد الحكم (ت:871م) والبلاذري ( ت :892م) واليعقوبي (ت:895م) وكذلك ابن خرداذبة (ت:912م) والاصطخري (ت: 961م). هل نُكذّب هؤلاء الذين عاصروا البرغواطيين، ونصدق من جاء بعدهم ؟ لأن الأمر، برمته، لا يعدو أن يكون ممارسة مغربية للإسلام، بعد ترجمة للقرآن، وتبسيط معانيه، وتقريبها لساكنة تامسنا التي لم تكن تتكلم اللغة العربية، في تفاعل مع إرثهم الكبير والمتنوع. بعد تأسيس إمارة بُرغواطة سنة 739م، ظهرت في ريفها الأعلى إمارة نكور، وتمكن الأمويون من الأندلس (755م)، ثم حكم المدراريون سجلماسة(757م)، والرستميون الإباضيون في تاهرت ببلاد المغرب الأوسط(776م)، كما ظهرت مملكة الأدارسة (788م)، والأغالبة بالقيروان (800م)، ثم الفاطميون ببلاد افريقيا بالمغرب الأوسط سنة 908م. وسط كل هذه الممالك الصغرى والمذاهب السنية والشيعية والخارجية، لم نجد ولو وثيقة واحدة تُكفّر أو تطعن في نسب ودين البرغواطيين، بل إن من رجاحة عقل التامسنيين أنه بمجيء الأدارسة سيجنحون إلى حسن الجوار وطيب المعاملة رغم بعض المناوشات والمعارك. وحينما تولّى محمد بن إدريس الثاني حُكم المغرب سنة 828 م، في عهد يونس بن صالح بن طريف ملك برغواطة، وزع البلاد على إخوته، وجعل تامسنا من نصيب أخيه عيسى ثم عمر. وقد قبلت بُرغواطة بطاعة شكلية على أن يستقِلوا بحكمهم، ولم يعارض الأدارسة في ذلك، ولم يطعنوا في نسبهم أو يتقوّلوا عليهم بما تقوّله ابن حوقل والبكري. ولو كانوا فعلا يدينون بدين جديد لاستنكر ذلك عليهم الأدارسة والفاطميون والأمويون.

حملات تشكيك في برغواطة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تحت الدف

في أحضان فاس البالي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات