هكذا بدأت الحكاية 6 اشتهر بمراوغاته وأبهر الفرنسيين والإنجليز وعلاقته بوالدته استثنائية لم تكن الطريق مفروشة بالورود أمام العديد من نجوم المنتخب الوطني في مونديال قطر 2022، فمنهم من ضاق ذرعا من ضيق الحال والتهميش ومشاكل أسرية واجتماعية أثرت في شخصيتهم، قبل أن يبلغوا المجد والشهرة والمال الوفير. تختلف حكاياتهم ومعاناتهم ومآسيهم وتطلعاتهم وأهدافهم المشروعة، لكن قاسمهم المشترك، هو الدفاع عن الراية الوطنية في معظم المحافل الدولية. في هذه السلسلة نستعرض محطات نجوم عانوا في سبيل لقمة العيش وتحقيق أمنية ممارسة الكرة أولا، ثم حمل القميص الوطني ثانيا. عيسى الكامحي ولد سفيان بوفال في 17 شتنبر 1993، من عائلة مغربية مهاجرة بأنجي الفرنسية، وبالضبط بمنطقة باسم "لاروز ياري". اشتهر بوفال في كأس العالم الأخيرة بقطر، برقصته الشهيرة مع والدته، وسط الملعب، إذ احتفل معها بإنجاز الأسود التاريخي. مارس بوفال كرة القدم في سن مبكرة، وعرف في حيه بالمراوغ الرائع، إذ انضم لمدرسة تكوين أنجي، وأبهر كل المدربين بتحركاته ومهاراته. عندما وصل بوفال ل 16 سنة، قرر النادي الاستغناء عنه، في قرار مفاجئ. صدم اللاعب الشاب آنذاك، غير أن مدربه، ستيفان مولان، أقام الدنيا وأقعدها حينها، بسبب هذا القرار الذي اعتبره ظالما في حق اللاعب. كان لمولان ابن يلعب مع بوفال في فريق الشباب، وكان يروي له كثيرا عن مهارات اللاعب المغربي، ما جعله يدافع عنه بشكل كبير، ويغير قرار إدارة أنجي. في 2011، عين مولان مدربا للفريق الأول، وكانت فرصة ذهبية لبوفال ليظهر لأول مرة مع كبار أنجي، ليكون له ما أراد في 24 غشت 2012، حين لعب أول مباراة رسمية مع النادي، ليوقع بعدها بأشهر أول عقد احترافي له في مسيرته. منح المدرب مولان ثقته كاملة لبوفال، وكان يشركه أساسيا، فخطف الأنظار بمهاراته، ودخل قلوب جماهير النادي بسرعة، إذ كان اسمه متداولا بقوة في الصحافة الفرنسية. لم يستمر بوفال كثيرا في أنجي، إذ أتاه عرض من ليل بقيمة أربعة ملايين أورو، وقبل ناديه بيعه، بحكم أنه فريق متواضع، ويحتاج للمال، ويعول على بيع لاعبيه كثيرا من أجل ذلك. كان عقد ليل قفزة في مسيرة بوفال، الذي سيكتشف الدوري الفرنسي الأول، لأول مرة في مسيرته. قدم مستوى رائعا في ليل، وكان من بين هدافي الفريق، ناهيك عن تمريراته الرائعة، وصنف من أفضل المراوغين في "الليغ 1". خلال الموسم الموالي، تمت المناداة على بوفال لأول مرة للمنتخب الوطني المغربي من قبل المدرب بادو الزاكي. لم تكتمل فرحة بوفال، وتعرض للإصابة ولم يشارك في كأس إفريقيا. بعد الإصابة، استهل بوفال موسما رائعا آخر مع ليل، وكان من بين أفضل اللاعبين في الدوري، إذ وصفته الصحافة الفرنسية ب"المراوغ البرازيلي"، ونال لقب أفضل لاعب إفريقي في الدوري الفرنسي. عندما أتى هيرفي رونار لتدريب المنتخب الوطني الأول، لم يتردد في المناداة على بوفال، الذي دربه في ليل، ويعرف إمكانياته، وقبل اللاعب، ولعب أول مواجهة له بقميص المغرب أمام الرأس الأخضر، في تصفيات كأس إفريقيا، لكنه أصيب مجددا وغاب عن الملاعب لفترة. شكرا والدتي في 29 غشت 2016، أعلن نادي ساوثهامبتون، بشكل مفاجئ، التعاقد مع بوفال، بقيمة مالية بلغت 25 مليون أورو، رغم إصابته، إذ احتاج لأشهر قبل لعب أول مباراة مع الفريق الإنجليزي. أطلقوا عليه في إنجلترا "مارادونا الصغير"، وكان يحدث الفارق في ساوثهامبتون رغم أنه لم يكن أساسيا، وهو ما أغضبه في بعض الأحيان. لعب بوفال في العديد من الأندية، من بينها سيلتا فيغو الإسباني قبل الانتقال إلى الريان القطري، أخيرا. علاقته بوالدته رائعة، كما صرح خلال كأس العالم، وقال إنها كانت سببا في ما وصل إليه، إذ كافحت من أجل أن يحقق حلمه، وأن يصبح لاعب كرة قدم محترف، ليقدم لها اكبر شكر في التظاهرة العالمية الأخيرة بقطر، حيث خلفت رقصته معها تجاوبا واستحسانا كبيرا.