تمتد جرائمهم للتزوير وتسهيل تهريب الممنوعات تحجز فضائح "أعوان السلطة" مساحات واسعة من اهتمامات الرأي العام، جراء تورط عدد منهم في قضايا وملفات خطيرة تسيء للسلطة الترابية وهيبة الدولة، ولا تقتصر فقط على السمسرة والارتشاء والفساد والمساهمة في انتشار البناء العشوائي وغير المرخص، بل اتسع نطاقها إلى ترويج الممنوعات والتواطؤ مع تجار المخدرات بجميع أصنافها... ما يطرح عدة تساؤلات مشروعة حول نوعية المعايير التي تعتمدها المصالح المختصة في عملية انتقاء الأشخاص المؤهلين لمزاولة هذه الوظيفة، التي تعتبر جزءا رئيسا من المهام الموكولة لرجال السلطة في تسيير الإدارة الترابية. وتعددت في السنوات الأخيرة بمدن الشمال جرائم مساعدي السلطة، بمن فيهم المقدمون والشيوخ، إذ لا يمكن أن تمر سنة دون أن تسمع عن فضيحة جديدة، منها ما تمت معالجته داخليا بقرارات تأديبية أصدرتها مصلحة الشؤون العامة بولايات الجهات المعنية، ومنها ما بت فيه القضاء وأصدر في حق المتورطين عقوبات سالبة للحرية وصلت في بعض الأحيان عشر سنوات سجنا نافذا وغرامات مالية كبيرة، ومازالت أخرى رائجة بمحاكم الجهة. ومن بين الملفات المثيرة، التي عرت عن فضائح أعوان سلطة اغتنوا بطرق ماكرة وراكموا ثروات مالية وعقارية مختلفة، نجد ملفا بتت فيه استئنافية طنجة، توبع فيه عون سلطة برتبة مقدم بعمالة العرائش، بتهمة الانتماء لشبكة منظمة للتزوير والتلاعب بشهادات الاحتياج وتسليمها إلى أشخاص ميسورين متابعين في قضايا التهريب والاتجار في المخدرات من أجل الإفلات من غرامات ثقيلة لفائدة خزينة الدولة. وتفجرت هذه القضية، عندما اكتشف الوكيل العام باستئنافية طنجة، وهو يتفحص ملفات المتورطين في تهريب 23 طنا و800 كيلو غرام من المخدرات، التي تم حجزها بالعرائش، "شهادة احتياج" ضمن وثائق ملف بارون شهير للمخدرات يلقب بـ "الجن"، وأمر بفتح تحقيق قضائي مع كل من رئيس قسم الشؤون العامة بعمالة العرائش وقائد المقاطعة الحضرية وعون سلطة من رتبة مقدم حضري، الذين وجدت توقيعاتهم على الوثيقة المذكورة. وكشفت التحقيقات، التي قادتها عناصر الشرطة القضائية للأمن الإقليمي بالعرائش، أن تاجر المخدرات "الجن"، لجأ إلى عون سلطة بالمقاطعة الحضرية السابعة، من أجل استخلاص شهادة للاحتياج يضمها إلى ملف المتابعة، بعد أن وجد نفسه ملزما إما بأداء غرامة ثقيلة لإدارة الجمارك تقدر بمليار و400 مليون سنتيم، أو قضاء مدة حبسية للإكراه البدني، عقب إدانته بالحبس والغرامة في قضية الاتجار والتهريب الدولي المخدرات. وبعد إغرائه بمبلغ مالي مهم، خضع "المقدم" لطلب تاجر المخدرات الشهير، وسلمه وثيقة تتضمن مجموعة من المعطيات تظهر حالته الاجتماعية الضعيفة، وذلك بدون أي يكون لقائد المقاطعة والمسؤول في العمالة علما بالموضوع، ليتم إيقاف المقدم وإحالته على محكمة الاستئناف بطنجة لمحاكمته وفقا للمنسوب إليه. قضية أخرى تقمص فيها دور "البطولة" عون سلطة بمدينة مرتيل، الذي تم إيقافه للاشتباه في علاقتة بأحد أخطر مروجي المخدرات بالمنطقة، وتسهيله عمليات بيع وشراء أراضي وعقارات بأختام مزورة. واكتشف أمر المقدم الموقوف، بعد أن اعتقلت عناصر الدائرة الأمنية الثالثة بتطوان مروجا للمخدرات القوية رفقة سائقه، وأسفرت عملية تفتيش منزله عن العثور على أختام وطوابع مزورة لمصلحة المصادقة على الإمضاءات بجماعات مرتيل وتطوان والملاليين، وكذا جماعات قروية تابعة لإقليم طنجة أصيلة، وحجزت كميات كبيرة من مخدر الكوكايين المعدة للبيع، وموازين إلكترونية دقيقة وأسلحة بيضاء ومبالغ مالية محصلة من عملية بيع المخدرات. وبعد إحالته على الشرطة القضائية بولاية أمن تطوان، أقر تاجر المخدرات الموقوف بالمنسوب إليه، وأكد أن شريكه عون سلطة كان يسهل له، بواسطة الأختام المزورة التي ضبطت بمنزله، عملية تزوير عقود بيع وشراء عقارات وأراض بمناطق مختلفة بجهة طنجة تطوان الحسيمة، ليتم عرضهما معا على أنظار العدالة بتهمة "تكوين عصابة إجرامية والتزوير واستعماله وتزييف أختام الدولة والاتجار في المخدرات". المختار الرمشي (طنجة)