رفض التطبيع رغم توقيعه عليه بدعم من بنكيران سقط العدالة والتنمية في تناقض سياسي كبير، في رده على بلاغ الديوان الملكي الذي وبخه بسبب التدخل في اختصاصات جلالة الملك في مجال تدبير السياسة الخارجية. ولم يقدم قادة "بيجيدي" الاعتذار لاتهامهم ناصر بوريطة، وزير الخارجية والتعاون الإفريقي، بأن "مواقفه الأخيرة كأنه يدافع عن الكيان الصهيوني في بعض اللقاءات الإفريقية والأوربية"، وهي العبارة التي أغضبت كثيرا الديوان الملكي، والصادرة في البلاغ الأول لحزب "المصباح"، لأنها بكل بساطة العبارة نفسها التي رددها خصوم الوحدة الترابية الذين أنفقوا آلاف الملايير لمعاكسة الوحدة الترابية للمغرب، وفشلوا، وشعروا بالاختناق والمحاصرة الدولية بعد توقيع اتفاق أبراهام مع إسرائيل وأمريكا الذي تم بموجبه اعتراف أمريكا بمغربية الصحراء فوقع تحول كبير على المستوى الجيو إستراتيجي شجع إسبانيا وألمانيا على تبني مقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، وغير موازين القوى في ضفة المتوسط وشمال إفريقيا. واتضح من خلال رد قادة "بيجيدي" على بلاغ الديوان الملكي، استعانتهم بالشعبوية في تبرير بلاغهم، بطريقة أظهروا فيها عدم استيعابهم للخطأ الذي وقعوا فيه، علما أنهم وقعوا على اتفاق أبراهام وكانوا شاهدين عليه من خلال توقيع سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة السابق، وأمين عام سابق للعدالة والتنمية، وبمساندة من عبد الإله بنكيران، الذي خرج ليدافع عن التوقيع على التطبيع مع إسرائيل، ويزكي توجه الدولة ويلتمس من إخوانه عدم الاحتجاج، ويؤكد أن جلالة الملك لديه رؤية ثاقبة في مجال تدبير السياسة الخارجية والتي أتت أكلها، مع التنويه به ودوره في حماية القدس والدفاع عن المقدسيين، وعن الفلسطينيين. وانقلب بنكيران على موقفه السابق، علما أن تركيا التي تعد نموذجا بالنسبة إلى إسلاميي المغرب طبعت مع إسرائيل، واستقبل رئيسها أردوغان ببلده، الرئاسة والحكومة الإسرائيلية، ووقع اتفاقيات في جميع المجالات، كما السلطة الوطنية الفلسطينية، وبالتالي لا يمكن اتهام بوريطة بأنه يدافع عن إسرائيل وهو يواجه خصوم الوحدة الترابية في إفريقيا وأوربا بتوجيهات ملكية وتتبع يومي، رغم أن المغرب لا يتوفر على نفط وغاز طبيعي كي ينفق الملايير للدفاع عن وحدته الترابية. وأراد العدالة والتنمية اللعب على الحبلين ولم يوفق، بالتأكيد، من خلال بلاغه الأخير، أنه "تلقى بكل ما يليق من تقدير، البلاغ الصادر من الديوان الملكي، باعتبار مكانة جلالة الملك وانطلاقا بما يكنه الحزب لجلالته من توقير واحترام"، وأن "الحزب لا يجد أي حرج في تقبل ما يصدر عن جلالته من الملاحظات والتنبيهات"، وبنفي، في الآن نفسه، بشكل مطلق تدخله في الاختصاصات الدستورية للملك وأدواره الإستراتيجية، مع أحقيته في انتقاد بوريطة، باعتباره عضوا في الحكومة، وهو أمر طبيعي وتقوم به الأحزاب والبرلمانيون، علما أنه لم يكن انتقادا عاديا، بل اتهاما يتطلب اعتذارا، لأن وزير الخارجية تحرك بتعليمات ملكية. أ. أ