الأجهزة العميقة و”الكابرانات”

يتلاعبون بأوربا للتهجم على المغرب لأنه بلد يرفض الوصاية ومستقل في قراراته لم يستسغ المغاربة، ما قام به البرلمان الأوربي من مناورات للتهجم على بلدهم عبر سيل من الاتهامات المتعلقة أساسا بحرية التعبير والصحافة، ووضعية حقوق الإنسان، وسير المحاكمات، والتجسس بنظام "بيغاسوس"، رغم أن قرارات البرلمان الأوربي غير ملزمة لرئاسات وحكومات الدول، ولا تأثير لها على ما يتم توقيعه بين المغرب ومؤسسة الاتحاد الأوربي من اتفاقيات متعددة تهم المجال الفلاحي والصيد البحري والصناعي والهجرة وغيرها. ورغم أن وضعية المغرب، مقارنة بدول الاتحاد المغاربي وإفريقيا وأمريكا الجنوبية وآسيا، أحسن بكثير في مجال التنقيط الدولي لوضعية حرية الصحافة والتعبير وسير المحاكمات وحقوق الإنسان عموما، فإن البرلمانيين الأوربيين ركزوا على المغرب، الذي كان نظامه السياسي أول من سن قوانين الحريات العامة في 1958 في مواجهة دول شمولية عسكرية قامت بانقلابات على أشكال مختلفة، مدعية أنها ثورات، ومع ذلك تجد المساندة من قبل الأوربيين، لأنهم يريدون الإبقاء على هذا النوع من الأنظمة التي تمنحهم خيرات ما تحت الأرض، والمقدرة بالملايير من الدولارات، كي تجعل منهم مجرد توابع لها، بخلاف المغرب الذي يرفض الوصاية عليه، ويدافع عن استقلالية قراره السياسي. خونة وجواسيس إن أخطر ما وقع هو مشاركة ممثلين عن ميليشيات "بوليساريو" في بعض أشغال لجان الضغط بالبرلمان الأوربي وبجوازات سفر مزورة لأعضاء أجهزة المخابرات العسكرية الجزائرية التي أضحت تتحكم في دواليب تشكيل مثل هذه المجموعات البرلمانية من 79 نائبا ونائبة لإصدار قرارات مناهضة للمغرب، علاوة على استقبال نشطاء من عملاء الجزائر الذين يدعون أنهم يعانون مضايقات حقوق الإنسان بالمغرب، والحقيقة أنهم مجرد "خونة" و"جواسيس" يستحقون المحاكمة بمنطق دساتير وقوانين كافة الدول الأعضاء بالأمم المتحدة. والأدهى والأمر أن مسؤولي المخابرات العسكرية الجزائرية لا يكتفون بالتحرك داخل أروقة البرلمان الأوربي بكل سهولة، بل لهم أيضا دور في عمليات الاستقطاب التي تتم ب"الأموال تحت الطاولة"، والاستفادة مجانا بحجز غرف فنادق خمس نجوم، وما يلزم ذلك من ملذات الحياة. غابة الفساد وتم، أخيرا، فضح تملك فريد بن شيخ، المدير العام للأمن الوطني الجزائري، لفندق في قلب باريس، عبر تزوير وثيقة الإقامة، وهذا جزء من شجرة غابة الفساد التي تعرفها الدولة العميقة بفرنسا، على الخصوص من الجنرالات والمخابرات الذين يعرفون جيدا ما تقوم به الجزائر في البرلمان الأوربي، من تلاعبات، ما يمس بالأمن القومي لدول البحر الأبيض المتوسط وشمال إفريقيا، فكيف للدولة العميقة بفرنسا، أي مخابراتها المدنية والعسكرية، السماح بدخول عناصر تدربت على استعمال السلاح في ميليشيات "بوليساريو"، والمشاركة في برامج قناة "فرانس 24" وقنوات أخرى بلباس مدني لشتم المغرب واتهامه اتهامات رخيصة، وهل يدخل هذا في نطاق حرية التعبير؟ الجواب لا. والمغرب طبعا ليس جنة للحريات، ومع ذلك هذا لا يعفي أوربا من التلاعب بالأوراق وخلطها، والخضوع لتعليمات نظام العسكر الجزائري الذي هرول وباع النفط والغاز الطبيعي بسعر رخيص لإرضاء دول أوربية كي تسكت عن جرائم النظام العسكري في التصفية الجسدية، والاعتقال والمس بحرية الصحافة والتعبير، دون أن ينطق أوربي واحد بكلمة ولو عن طريق العتاب، لأن الكل مستفيد من خيرات تحت الأرض. رائحة الغاز واتهم برلمانيون من مختلف الفرق بكلا المجلسين النواب والمستشارين، فرنسا دون تسميتها بالاسم، ببيع ذمتها لأجل الحصول على غاز التدفئة بسعر أدنى، من الجزائر، ومعاكسة السياسة الجديدة للمغرب التي أكدت أنه قوة في محيط جيو سياسي وإقليمي متقلب. وهاجم برلمانيون في مداخلاتهم في جلسة طارئة فرنسا دون تسميتها. وقال أحمد التويزي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة، بمجلس النواب، إن قرار البرلمان الأوربي الذي انتقد وضعية حقوق الإنسان في المغرب يقف وراءه "بلد كنا نعتقد أنه صديق لكن رائحة الغاز أفقدته وعيه وصوابه"، مؤكدا أن المغرب لم يعلن الحرب على أي دولة من دول الاتحاد الأوربي حتى تتم صياغة قرار "تحت الطلب"، ضده. وانتقد محمد غياث، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار، فرنسا وبعض اشتراكيي أوربا، مؤكدا أن المغرب ليس له بترول وغاز حتى يشتري ذمتهم، متسائلا، هل البرد القارس وغاز التدفئة ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان؟ توصية معادية وقرر البرلمان المغربي إعادة النظر في علاقاته مع البرلمان الأوربي وإخضاعها لتقييم شامل لاتخاذ القرارات المناسبة والحازمة، إثر المواقف الأخيرة الصادرة عنه تجاه المغرب. وأعرب البرلمان المغربي، بكل مكوناته وأطيافه السياسية، عن خيبة أمله إزاء الموقف السلبي، والدور غير البناء الذي لعبته، خلال المناقشات في البرلمان الأوربي والمشاورات بشأن مشروع التوصية المعادية للمغرب، بعض المجموعات السياسية المنتمية لبلد يعتبر شريكا تاريخيا للمغرب، في إشارة إلى فرنسا. وجاء ذلك في بيان مشترك تلاه رشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب في ختام جلسة عمومية ترأسها إلى جانب رئيس مجلس المستشارين النعم ميارة. وندد البرلمان المغربي بمجلسيه، بالحملة المغرضة التي تتعرض لها البلاد، والتي كانت آخر تطوراتها تصويت البرلمان الأوربي على توصية بتاريخ 19 يناير 2023. وأعرب البرلمان المغربي، عن أسفه لانصياع البرلمان الأوربي لبعض الجهات المعادية داخله واستدراجه في حملتها المضللة التي تستهدف شريكا عريقا وذا مصداقية، يضطلع بأدوار كبرى في حماية الحقوق والحريات والدفاع عن الأمن والسلم الإقليمي والدولي، ويعتبر ركيزة استقرار ودعامة لحسن الجوار وللتفاهم بين الشعوب والحضارات والثقافات. أحمد الأرقام

الأجهزة العميقة و”الكابرانات”

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

نبض الشارع

الديك المذبوح

مقالات ذات صلة