«أو سي بي» أصبح فاعلا في السياسة الخارجية ومؤثرا في العلاقات مع دول العالم بقلم: الدكتور خالد الشرقاوي السموني(*) صار المغرب يستثمر في احتياطاته الضخمة من ثروته المعدنية "الفوسفاط"، لتعزيز قوته على الصعيد الدبلوماسي وحضوره الاقتصادي في عدد من البلدان، خاصة في ظل أزمة الطاقة والغاز والأزمة الغذائية العالمية، وهو ما يجعله لاعبا دبلوماسيا مهما في العالم، باستعمال ورقة الفوسفاط، لربط علاقات قوية مع عدد من دول العالم، تطبعها الثقة والتعاون المشترك، خصوصا مع الدول الإفريقية. ولا شك أن المغرب حقق تطورات مهمة ونتائج إيجابية في مجال تصدير الفوسفاط إلى عدد من دول العالم في السنوات الأخيرة، بفضل احتياطاته الضخمة من هذه الثروة المعدنية، وهو ما عزز النفوذ الدبلوماسي المغربي في الدول الإفريقية ودول أمريكا اللاتينية، لدرجة أنه أصبح نموذجا رائدا في مجال ما صار يسمى "دبلوماسية الفوسفاط"، اعتبارا للأدوار الكبرى التي بات يضطلع بها على مستوى تحقيق الأمن الغذائي في الدول التي تشهد أزمات الغذاء خاصة بالقارة الإفريقية. ونشير إلى أن هذا التطور الإيجابي، يندرج في إطار التوجه الذي كرسته المملكة في مجال الانتقال إلى الطاقات الخضراء وتطوير الطاقات المتجددة بصفة عامة، وتطوير قطاع الفوسفاط والنهوض به بصفة خاصة، حيث لوحظ كيف أن "دبلوماسية الفوسفاط"، جعلت المغرب يحقق ريادة على مستوى القارة الإفريقية في كل ما يتعلق بالأمن الغذائي. وفي هذا الإطار، يضطلع المكتب الشريف للفوسفاط بمجهودات عبر مشاريعه في القارة الإفريقية، خصوصا عندما قام بتخصيص أربعة ملايين طن من الأسمدة من أجل تعزيز الأمن الغذائي في القارة الإفريقية خلال العام الجاري، بالإضافة إلى عدد من الاتفاقيات التي وقعها مع مؤسسات نظيرة في عدد من الدول الإفريقية . فعلى سبيل المثال، أشرف جلالة الملك محمد السادس، الأربعاء 15 فبراير، في العاصمة الغابونية ليبروفيل، بحضور رئيس جمهورية الغابون علي بونغوأونديمبا، على تسليم هبة تتكون من 2000 طن من الأسمدة من أجل تسهيل ولوج الفلاحين في الغابون إلى أسمدة ذات جودة. كما نذكر الاستثمارات المتعددة التي قام بها المغرب على هامش الزيارات الملكية الأخيرة، في مقدمتها إنشاء محطة مندمجة لإنتاج الأسمدة بإثيوبيا بقيمة مالية بلغت أربعة ملايير دولار موزعة على خمس سنوات، وذلك بناء على الاتفاقية التي وقع عليها المغرب وإثيوبيا في 2016. وتعتبر هذه المحطة التي يشرف عليها المكتب الشريف للفوسفاط ثاني أضخم استثمار تنجزه حكومة أديس أبابا بعد بناء سد النهضة على نهر النيل، إضافة إلى الاتفاق الذي أبرمه "OCP" في نيجيريا مع مجموعة "Dangote" المحلية، القاضي بإنتاج مليون طن من الأسمدة في أفق 2018، وهو المشروع الذي سيسهم فيه الجانب المغربي بحوالي 1.2 مليار دولار. ولذلك يتضح جليا أن المكتب الشريف للفوسفاط، تلك المؤسسة العمومية الاستراتيجية، أصبح فاعلا أساسيا في السياسة الخارجية المغربية وذراعا اقتصاديا مهما للمملكة ومؤثرا في علاقتها مع دول العالم، مما يستوجب على الدولة المزيد من الاهتمام بهذه المؤسسة العمومية وتمتين وضعها القانوني وتطوير هيكلتها الإدارية وإستراتيجيتها على الصعيد الوطني والدولي، مع اقتراح إحداث مركز وطني للأبحاث العلمية حول الفوسفاط تابع للمكتب الشريف، حتى تنهض هذه المؤسسة بدورها في تقدم الاقتصاد الوطني، ودورها الجيو-الإستراتيجي على الصعيد الإقليمي والدولي، وتكون بالتالي رافعة للتنمية المستدامة بالمغرب ومحركا رئيسيا للدبلوماسية المغربية. (*) مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والإستراتيجية