محاضر الضابطة… إشكالات الحجية

دليل إثبات يصطدم بالإنكار وسوابق قضائية فضحت شطط بعضها غالبا ما ينفي المتهم ما حرر ضده في محاضر الضابطة القضائية، عند مثوله أمام النيابة العامة أو القضاء الجالس، ما يدفع القضاء إلى بذل جهد أكبر، لاستبيان الحقيقة، سيما أن المحاضر موثوق بمضمونها في الجنح إلى أن يثبت العكس. وتعد هذه المحاضر من بين أهم وسائل الإثبات في المادة الجنائية، لما تحتويه من اعترافات ومعاينات ووقائع وشهادات وتصريحات، من شأنها أن تكشف للقاضي الجنائي اللبس عن القضية المعروضة عليه، لتكوين قناعته الشخصية لإصدار الأحكام المناسبة، إما بالبراءة أو الإدانة . ومع تنامي مد حقوق الإنسان والحريات، تغير عمل الضابطة القضائية، بل أصبحت وفق التعديلات التي طرأت على قانون المسطرة الجنائية، مطوقة أكثر باحترام القانون والشكليات، وإنجاز الإجراءات وفق نصوص القانون، وإلا تعرض عملها للطعن والإبطال. ولعل من صور الإشكالات التي تطرح أمام القضاء، تضمين مكالمات أو رسائل تنتزع من الهاتف دون اتباع المساطر التي تبيح ذلك، أو رفض المتهم التوقيع، وغيرها من الأمور التي تتحول معها المحاكمة إلى افتحاص للمحاضر بسبب دفوع تطعن في سلامتها. م. ص استغلال هواتف الموقوفين... الشطط المكالمات والرسائل محمية دستوريا والاطلاع عليها محصور بأمر قضائي تعتمد محاضر الضابطة القضائية على شكليات وجوانب ينبغي على المأمور بتحريرها أن يحترمها، وإلا تعرض عمله إلى الإبطال، ومن بين هذه الجوانب، إخبار الشخص الموقوف بحقوقه، وكذا اتباع المساطر الخاصة بالتنصت على الهاتف أو الاطلاع على الرسائل، وغيرها. ويعمد العديد من ضباط الشرطة إلى استغلال الموقوفين لاستدراج آخرين، عن طريق تمكين أمر الشخص المسلوب الحرية، من مكالمة هاتفية لاستدراج متهم آخر، قصد إيقافه أو استغلال المعطيات الموجودة بهاتف الموقوف بطريقة عشوائية ودون اتباع المساطر المحددة قانونا. وتكمن شجاعة القضاة، في مناقشة الإشكالات التي تعرض عليهم، سيما الدفوع الشكلية الجادة، والنظر فيها بمعزل عن الموضوع لإقرار قانونية إجراء، من عدمها، فضباط الشرطة مطوقون بمجموعة من النصوص الآمرة، التي تقيد عملهم الوظيفي وفي حال إغفال احترامها تتعرض أعمالهم إلى الطعن والإبطال. ومجرد عدم إخبار الموقوف بحقه في التزام الصمت، يتيح الدفع إبطال محضر الاستماع إليه، سيما أن المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية تلزم الضابط بذلك، إذ تشير إلى أنه "يتعين على ضابط الشرطة القضائية إخبار كل شخص تم القبض عليه أو وضع تحت الحراسة النظرية فورا وبكيفية يفهمها بدواعي اعتقاله و بحقوقه و منها حقه في الصمت». من جهة ثانية تزايد اللجوء إلى استغلال هواتف الموقوفين في الأبحاث وكذا لاستدراج المطلوبين أو المشكوك فيهم، ما طرح استفهامات عريضة حول سلامة هذا الاستغلال، ومدى قانونيته، سيما أن الفصل 108 من قانون المسطرة الجنائية حدد الكيفيات والجهة المخول لها إصدار أوامر قضائية في هذا الشأن، كما أن الدستور في الفصل 24، من الباب الخاص بالحريات والحقوق، ينص على أنه «لا تنتهك سرية الاتصالات الشخصية، كيفما كان شكلها. ولا يمكن الترخيص بالاطلاع على مضمونها أو نشرها، كلا أو بعضا، أو باستعمالها ضد أي كان، إلا بأمر قضائي، ووفق الشروط والكيفيات التي ينص عليها القانون». وسبق للمحكمة الابتدائية للقنيطرة أن أبطلت محاضر للشرطة القضائية التابعة لأمن المهدية، في زمن الطوارئ الصحية، لمناسبة نظرها في ملف يتعلق بمتهم توبع من قبل النيابة العامة بناء على محاضر الشرطة بحيازة المخدرات والاتجار فيها. واعتمدت المحكمة في قرار إبطالها المحضر على عيوب ضمنها، الاطلاع على رسائل والتنصت لمكالمات من قبل الضابط محرر المحضر، دون سلكه المساطر القانونية الخاصة بذلك، إذ استعمل الضابط هاتف موقوف لاستدراج آخر، كما قرأ رسائل نصية واردة على الهاتف نفسه وأوردها بالمحضر، وهو ما اعتبرته المحكمة مخالفاً لمبدأ المشروعية الدستورية، لخرق سرية الاتصالات الشخصية المكفولة دستوريا، وهي الاتصالات التي لا يمكن الترخيص بالاطلاع عليها أو باستعمالها ضد أي شخص إلا بأمر قضائي، سواء كان هذا الأمر صادرا عن النيابة العامة أو قضاء التحقيق أو قضاء الحكم، تطبيقا للفقرة الثالثة من الفصل 24 من الدستور. ولما رأت المحكمة خلو المحاضر من أي أمر قضائي يخول لضابط الشرطة القضائية الاطلاع على الاتصالات الشخصية للمتهم، اعتبرت أن مشروعيتها للقيام دليلا جنائيا أصبحت منتفية، ويتعين على المحكمة عدم الاعتداد بها عند تكوين قناعتها واستبعادها عن ذلك، حماية وصونا للحق الدستوري في ضمان سرية الاتصالات الشخصية. المصطفى صفر

محاضر الضابطة… إشكالات الحجية

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إيقاف نائب رئيس جماعة بني شيكر

اعتراف متهم على آخر ... إدانة بالقوة

مقالات ذات صلة