التعاون الوطني… توصيات لمواجهة الاختلالات

لجنة برلمانية موضوعاتية للرقابة لتغيير سياسة القطب الاجتماعي والوزيرة حيار تتجاوب أثارت اختلالات شهدتها مؤسسة التعاون الوطني، ضجة سياسية، دفعت أعضاء لجنة المراقبة المالية بمجلس النواب، إلى إحداث لجنة موضوعاتية لإعمال المراقبة، وجر عواطف حيار، وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، إلى المساءلة. وتجاوبت وزارة التضامن مع التوصيات المرفوعة، قصد تغيير سياسة مؤسسة التعاون الوطني نحو الأفضل. إعداد: أحمد الأرقام أحدثت مؤسسة التعاون الوطني في 1957 ، بموجب ظهير شريف، وهي ذات طابع اجتماعي كما تتمتع بالمنفعة العامة. وتحولت في 1972 إلى مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المدنية والاستقلال المالي وتخضع لوصاية وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة. وتضم التعاون الوطني إدارة مركزية تتكون من مدير، ومفتشية ومديريتين فرعيتين، وستة أقسام، وعشرين مصلحة، و 12 منسقية جهوية، و 82 مندوبية إقليمية . ويشرف التعاون الوطني تقريبا على 4240 مركزا في إطار التسيير إما بشكل مباشر، أو في إطار تسيير بشراكة مع أكثر من 3000 جمعية. المراكز التي يسهر عليها التعاون الوطني متعددة، منها مراكز مؤسسات الرعاية الاجتماعية، والتربية والتكوين، ومراكز التكوين المهني بالتدرج، ورياض الأطفال، ودور الأمومة، و فضاءات متعددة الاختصاصات للنساء، ومراكز المساعدة الاجتماعية، وفضاءات محو الأمية. معونة وإسعاف وخدمة " جسر" يقدم التعاون الوطني مهام مختلفة عبر تقديم المعونة، والإسعاف والمساعدات، والمساهمة في الإنعاش العائلي والاجتماعي، ومراقبة الجمعيات التي تستفيد من إعانته المالية، وجمع الهبات والإعانات وتوزيعها، وتقديم الاستشارة حول التدابير العامة والخاصة التي تهم التضامن والتعاون والمساهمة في إحداث الهيآت والمؤسسات الرامية إلى تيسير العمل، والإدماج الاجتماعي والمساهمة في تكوين الأعوان العاملين بالمؤسسات التي تخضع لمراقبته. أما المهام الجديدة التي طورها التعاون الوطني فهي مندرجة في إطار مخطط تنمية التعاون الوطني الذي يرتكز على تدخل المؤسسة على ثلاث وظائف أساسية، هي الاستماع والتوجيه، والمواكبة والخدمات الاجتماعية واليقظة الاجتماعية. وفي إطار الإستراتيجية الجديدة للقطب الاجتماعي تم تطوير خدمات "جسر"، وهو نوع جديد لأجل تجديد اجتماعي أخضر ومبدع يعتمد الرقمنة والجودة لأجل تقوية القدرات. ولهذا فالتعاون الوطني فاعل أساسي في المساعدة الاجتماعية والاستثمار في العنصر البشري . وبخصوص الموارد البشرية يصل عدد المستخدمين نحو 2598 ، موزعين حسب جهات المملكة وأيضا عدد المستفيدين. مهام الرقابة...غياب الحكامة خلصت مهمة مراقبة تسيير مؤسسة التعاون الوطني إلى مجموعة من الملاحظات، تتضمن في مجملها النواقص المرصودة على ثلاثة مستويات رئيسية، ويهم ذلك نظام الحكامة والهيكلة، وإستراتيجيات المؤسسة، والمهام المعتادة والجديدة للتعاون الوطني، وتدبير موارده ونظامه المعلوماتي . وسجل قضاة المجلس الأعلى للحسابات عدم تعديل النظام الأساسي المؤطر لاختصاصات المجلس الإداري الذي كان مبرمجا ولم يفعل، وغياب تنظيم داخلي يحدد شروط وظروف انعقاد هذا المجلس، وانعقاد غير منتظم لدوراته، وغياب اللجن الدائمة المنبثقة عنه. وسجل التقرير التفويض التلقائي لصلاحية منح المساعدات للجمعيات لفائدة المسؤول عن مؤسسة التعاون الوطني، وعدم مصادقة المجلس الإداري على الميزانية التعديلية، وغياب التفويض في اتخاذ القرارات والتعاقد حول الأهداف مع المنسقيات الجهوية، ونقصا في التتبع والمراقبة والإبلاغ، ووجود نواقص في التخطيط والعمل التكاملي، وغياب التنسيق في الأعمال المنجزة بشراكة مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وعدم ملاءمة الموارد البشرية لحاجيات التعاون الوطني، وعدم استهداف فئات الأطفال في وضعية إعاقة المتخلى عنهم، والمرضى عقليا في وضعية الشارع. ضعف التمويل استغرب القائمون على التقرير توزيع مؤسسة التعاون الوطني لمساعدات غذائية تبلغ تكلفتها 220 درهما ثلاث مرات في السنة، ما طرح السؤال حول مدى أثرها على الأشخاص في وضعية إعاقة، بالنظر إلى طبيعة الفئة المستهدفة بهذا البرنامج. وكشف التقرير ضعف التمويلات المقدمة من قبل التعاون الوطني لفائدة مؤسسات الرعاية الاجتماعية وضعف المراقبة المالية، وعدم مسك السجلات المحاسبية، وعدم تفعيل نظام اليقظة الاجتماعية، ووجود تدبير ارتجالي للمساعدات التقنية، ونقص في تتبع استيفاء إيرادات الرسوم الجبائية. وأكد التقرير فشل التعاون الوطني في تفعيل بعض الشراكات، منها برنامج" إدماج " الذي كان موضوع صلة مع الاتحاد الأوربي ، ووضع السؤال حول مآل هذا البرنامج . 453 عملية تفتيش سجل نقص في تفويض اتخاذ القرارات والتعاقد حول الأهداف مع المنسقيات الجهوية، ونقص أيضا في التتبع والمراقبة والإبلاغ، ونواقص في التخطيط والتكاملية، وغياب التنسيق في الأعمال المنجزة بشراكة مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. وفي إطار الإستراتيجية الجديدة للقطب الاجتماعي سيتم توقيع عقد برامج مع الإدارة، إذ تم تقديم ذلك في فاتح مارس الماضي إلى المسؤولين المركزيين والجهويين لتدارك النقص في تفويت اتخاذ القرارات. أما بخصوص المراقبة والتفتيش، فمنذ تعيين المفتشين بتاريخ 4 شتنبر 2014 أنجز المعنيون بالأمر 453 عملية تفتيش في المصالح المركزية همت بالأساس متابعة ومراقبة مختلف المصالح المركزية والخارجية لمؤسسة التعاون الوطني، والقيام بالتحقيقات الضرورية حول التسيير التربوي والإداري والمالي والتنظيمي والمحاسبي، والقيام بالدراسات الرامية لضمان حسن التدبير الإداري والمالي وتطوير أساليب العمل، والرفع من مستوى علاقات المتعاملين مع المؤسسة، وإجراء المراقبة والتدقيق في حسابات الجمعيات ومؤسسات الرعاية الاجتماعية، بالإضافة إلى المؤسسات التي تستفيد من دعم التعاون الوطني. معضلة تفويض الصلاحيات سجل وجود تفويض تلقائي لإدارة التعاون الوطني بشكل مباشر لفائدة الجمعيات، إذ يرجع الأمر إلى أن هذه البرامج والمشاريع المنجزة لم تتغير، ولوجود استمرارية في منهجية الدعم وطبيعة النفقات. كما أن تدارس منح المساعدات خلال المجلس الإداري سيترتب عنه تأخير في صرف المنحة، وهذا هو المبرر المقدم. وبخصوص عدم إمكانية بت المجلس الإداري في المنح لتفادي التأخير، تم وضع نظام للرقابة، إذ يكون لدى الوزيرة أو الوزير الحق في متابعة صرف تلك المنح دون تحويلها مباشرة إلى المجلس الإداري. هيكلة متجاوزة بخصوص الملاحظة المتعلقة بوجود هيكلة غير ملائمة ومتجاوزة، ووفقا لمخرجات مخطط تنمية التعاون الوطني، تم إعداد مشروع هيكل تنظيمي جديد في طور المصادقة عليه لاعتماده من قبل المؤسسة، يتماشى والمهام الجديدة الموكولة إليها في مجال المساعدة الاجتماعية ويحدد اختصاصات جميع الوحدات الإدارية. وفي إطار الإستراتيجية الجديدة للقطب سيتم تحيين ومراجعة هذه المخرجات، كما طلبت الوزارة من التعاون الوطني تحضير عقد برنامج 2021 - 2026 ، قصد وضع برنامج متجدد مع ملاءمة الموارد البشرية لحاجيات التعاون الوطني، إذ يتم إعداد مرجع للوظائف والكفاءات ضمن مخطط تنمية التعاون الوطني إلى غاية 2025 ، مع إدراج نقطة تعديل النظام الأساس في المجلس الإداري كي ينعقد دورتين كل سنة، وتحديد دورات انعقاد اللجان الدائمة. وتم وضع مخطط لتطوير المؤسسة يتضمن 4 محاور إستراتيجية، و14 برنامجا و 30 ورشة، و 58 مشروعا، وكذا خارطة الطريق لتفعيل ذلك في إطار تكامل لعمل القطب الاجتماعي. مشروع هيكلي جديد للمؤسسة أكدت مؤسسة التعاون الوطني في ردها على ملاحظات المجلس الأعلى للحسابات، أنه تم إعداد مشروع هيكل تنظيمي جديد للمؤسسة يتماشى والمهام الجديدة الموكولة إليها في مجال المساعدة الاجتماعية، ويحدد اختصاصات جميع الوحدات الإدارية، وهو في طور المصادقة عليه لاعتماده . وأجابت المؤسسة بأنها تسير العديد من المراكز خاصة المحدثة منها من قبل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية أو في إطار الشراكة مع الوزارة الوصية، ما أصبح يشكل ضغطا حقيقيا على ميزانية التسيير التي لم تواكب هذا الارتفاع المهم في عدد المراكز. وأضاف التعاون الوطني بأن إدراج نقطة التفويض التلقائي لصلاحية منح المساعدات للجمعيات لفائدة مدير التعاون الوطني في المداولة من قبل المجلس الإداري بشكل منتظم، ستترتب عنه صعوبات وتأخر في صرف الدعم، الشيء الذي يفسر تفويض هذه الصلاحية إلى المدير. وأوضح المصدر نفسه بأن ضعف منح التسيير راجع لضعف الميزانية المرصودة للجمعيات وللتزايد المستمر في عددها. واعتبر المتحدث نفسه، أن مخطط تنمية التعاون الوطني تم وفق ثلاث وظائف أساسية للمؤسسة، الأولى هي الاستماع والتوجيه ومواكبة الأشخاص في وضعية الهشاشة والإرشاد والتوجيه لفائدة الفئات التي سيتم استقبالها للمواكبة الفردية والأسرية، والثانية تكمن في التكفل بالأشخاص في وضعية صعبة خصوصا منهم الأطفال والنساء في وضعية هشاشة قصوى، والأشخاص في وضعية إعاقة والمسنين بدون عائل، والثالثة تتمثل في اليقظة والذكاء الاجتماعي وذلك عبر جمع المعلومات حول وضعيات الأشخاص ضحايا الهشاشة والإقصاء، وإنشاء قاعدة معطيات حول السكان المستهدفين، وتتبع مسارات الأشخاص في وضعيات الهشاشة والإقصاء. الوزيرة حيار ترد ردت عواطف حيار، وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، على ملاحظات قضاة المجلس الأعلى للحسابات، بالتأكيد بأن منح التفويض التلقائي راجع لأن البرامج والمشاريع لم تتغير، ولوجود استمرارية في منهجية الدعم وفي طبيعة النفقات، مشيرة في الوقت نفسه، إلى أن تدارس منح المساعدات خلال المجلس الإداري سيترتب عنه تأخير في صرف المنحة. أما عن التفويض المباشر، فأكدت الوزيرة أنه يعني أوتوماتيكيا المدير، مشيرة إلى أنه خلال هذه السنة طلبت أن يقرن التفويض بالرقابة، ما أدى إلى ظهور أمور ليست متضمنة في القانون الداخلي. وفي المجلس الإداري تم تطبيق الرقابة على الميزانية، وإحداث نظام للرقابة لدى الوزير لتتبع ما يجري ميدانيا. وبخصوص الملاحظة المتعلقة بغياب تنسيق الأعمال المنجزة بشراكة مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، أكدت الوزيرة أن التعاون الوطني شريك أساسي في المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لتنفيذ مشاريعها، كما أن كل المصالح الترابية للتعاون الوطني لها العضوية وتشارك في كل برامج المبادرة على المستويين الإقليمي والجهوي. وفي إطار الإستراتيجية الجديدة للقطب الاجتماعي، سيتم تعزيز أكثر لهذه الإلتقائية في الجهات والأقاليم مع جميع المتدخلين في الشأن الاجتماعي، خاصة مع وكالة التنمية الاجتماعية في ما يخص الاشتغال مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية .

التعاون الوطني… توصيات لمواجهة الاختلالات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الفساد يقود مستشارا جماعيا إلى السجن

قرض جديد بالبيضاء بـ450 مليارا

مقالات ذات صلة