تنسيقية متطوعي ليساسفة سخرت سواعد المنطقة لتنظيم حملات لتنظيف المقابر قبل تعميم التجربة وطنيا "الرجال عند المواقف" حكمة تصلح أن تكون عنوانا لشباب منطقة ليساسفة، فإذا كان هذا الحي المعروف بسمعته السيئة ارتباطا ببعض الحالات المعزولة لجانحين يقطنونه وكذا بالوضعية المزرية لبنيته الاقتصادية والاجتماعية، إلى حد تصنيفه من الضواحي ذات النقط السوداء بالعاصمة الاقتصادية، فإن الغوص في تفاصيل الحياة اليومية لسكانه يكشف جانبا مضيئا وسط عتمة الفقر والتهميش الذي طال فضاءات طريق الجديدة لسنوات خلت. ليساسفة التي أنجبت أسماء لامعة وأضحت رقما صعبا في معادلة الحياة اليومية للمغاربة في جميع التخصصات سواء في مجال السياسة والرياضة أو الثقافة والإعلام وقبل هذا وذاك في ميدان المجتمع المدني الذي خبرت كواليسه إلى حد تكوين أجيال قالت كلمتها داخل المغرب وخارجه بعدما تعلمت أصول "العمل الجمعوي"، استطاعت مرة أخرى بفضل سواعد أبنائها وطاقاتها الشابة تكسير الصورة النمطية المأخوذة عن المنطقة بالتأكيد على أنهم شباب يعول عليهم لخدمة الصالح العام، بعدما اختاروا هذه المرة التميز بخدمة الأموات بتنظيف المقابر. واختار شباب ليساسفة الانخراط في مبادرات مجتمعية للعناية بالأموات وعدم إهمالهم بتركهم عرضة لتراكم الأزبال وانتشار الأشواك وتجمعات الحشرات التي تسيء إلى صورة مقبرة المسلمين ولعائلاتهم التي ترغب في القيام بزيارة للترحم على أحبتهم، ولأنه عمل متميز يهدف إلى حماية حرمة المقابر فإنه يمكن القول إن تنسيقية شباب ليساسفة تستحق أن تكون ضمن زاوية "قافزين" لأعمالها الجليلة التي تركت أثرها الطيب في نفوس المجتمع المغربي. مبادرة كرامة الموتى في إطار أنشطتها التطوعية ووعيها بضرورة الحفاظ على حرمة المقابر والاعتناء بها وصونا لكرامة الموتى، حرصت جمعية تنسيقية متطوعي ليساسفة على تنظيم عدة حملات من أجل تنظيف وترميم المقابر بعدد من أحياء البيضاء، قبل أن تتطور مبادراتها إلى عقد شراكات مع جمعيات وفعاليات أخرى استحسنت التجربة ورغبت في استثمارها بمنطقتها. ومن الأمور التي تتميز بها مبادرات تنظيف المقابر وترميمها أنها تتم على مرحلتين، يتم فيها كنس الأزبال المتراكمة بين القبور، وإزالة الحشائش والأشواك التي تعرقل حركة زوار المقبرة، وإزالة الأحجار المتناثرة بممرات وجوانب المرفق، وترميم الأسوار المتهدمة، وذلك من أجل أن يكون العمل مكتمل الأركان ويتحقق الهدف من عملية التنظيف وإعادة تأهيل المقبرة المستهدف بهذا العمل التطوعي. وفي عز أزمة وباء كورونا، قام المتطوعون، بحملات تنظيف لعدة مقابر، من بينها مقبرة سيدي أحمد الغنضور التابعة لجماعة دار بوعزة بالنواصر، إذ تأتي هذه الحملة في شطرها الثاني التي تقوم بها تنسيقية متطوعي ليساسفة، من أجل تنظيف المقبرة من الأزبال التي أغرقت مجموعة من القبور، وهي مبادرة تأتي لتأكد الإيثار الذي يميز سلوك شباب نذروا حياتهم لخدمة الموتى في مرحلة دقيقة كان فيها العالم والمغاربة يضعون أيديهم على قلوبهم خوفا من الإصابة بعدوى فيروس قاتل. تعميم التجربة وطنيا شكلت التنسيقية نموذجا يحتذى به ليس في العاصمة الاقتصادية، بل كذلك على الصعيد الوطني، بعد أن صار أبناء ليساسفة قدوة للشباب ومختلف اليافعين لخدمة الصالح العام، انطلاقا من العمل الجمعوي، اعتمادا على إمكانياتهم الذاتية وتدخلات بعض المحسنين الذين يتحمسون للمبادرة المدنية التي تسعى إلى تنظيف المقابر وترميمها صونا لكرامة الموتى وحرمة المقبرة كذا لتأمين الظروف المناسبة لدخول هذا الفضاء سواء لمباشرة عمليات دفن ميت أو للترحم عليه. ولأنهم نالوا العلامة الكاملة بالتفوق في حملات التنظيف انطلاقا من عدد من المقابر بليساسفة والألفة وغيرهما من أحياء العاصمة الاقتصادية، أصبح أعضاء تنسيقية متطوعي ليساسفة مطلوبين لتعميم التجربة على الصعيد الوطني بالإشراف على الحملة بعدد من المدن والأقاليم. ويأتي تعميم التجربة استجابة لنداء أطلقه نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، من أجل تنظيف المقبرة المذكورة وتحويلها إلى فضاء نقي يسهل معه الوصول إلى المقابر والترحم على الأموات. محمد بها "فيسبوك" لإنجاح حملات التنظيف من أجل ربح الوقت اختارت التنسيقية الاعتماد على مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" لإنجاح مبادراتها الخيرية لصالح الموتى وفي الوقت نفسه لحماية البيئة، إذ تم تخصيص صفحة رسمية للتواصل مع الشباب والأشخاص من مختلف الأعمار والشرائح الراغبين في الانخراط في حملات تنظيف المقابر. وساهمت الرقمنة بشكل فعال في تشجيع عدد مهم من الشباب والأسر والمحسنين على التجاوب مع الحملة وتلبية نداء التطوع بالمشاركة بالتنظيف وتسخير أدوات القص وتشذيب الأشجار والأحراش والأشواك والآلات الخاصة بإزالة الأشواك وسياراتهم الخاصة باعتبارها مبادرة متميزة، كما أن عرض صور الحملات المنظمة وفيديوهات المتطوعين وهم منشغلون في عمليات التنظيف على صفحات رسمية بمنصات التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، شجع على تعزيز الثقة بجدوى المبادرة وشجع آخرين على الالتحاق بركب المتطوعين.