جدران عدة مدن شاهدة على إبداعاته في مواضيع الكرة والبيئة والسياسة يواصل الشاب سعيد الذهبي رسم خارطة طريق نجاحه في جدران أحياء فاس الشاهدة على ما أبدعه عليها من جداريات ورسومات تختصر اهتمامه وحبه للرياضة وتؤرخ للحظات تاريخية، دون أن يكل أو يمل من مواصلة طريق شاق لم يجد فيه من ينيره من مسؤولين غافلين عن تجربته الفريدة المحتاجة إلى دعم خاص. عشرات الجداريات رسمها في مواقع مختلفة بأحياء النرجس وبن دباب وبنسودة وزواغة وسايس وصهريج كناوة حيث يقطن، كما في مدن أخرى خاصة أصيلة وأكادير والدار البيضاء وتطوان، الشاهدة بدورها على براعته في التأريخ للحظات جميلة رافقت زيارته أو استقراره فيها في فترات زمنية مختلفة، منذ اختار معانقة الريشة. آخر إبداعاته بورتريهات 8 لاعبين ممن ساهموا في تألق المنتخب المغربي لكرة القدم في نهائيات كأس العالم الأخيرة، منهم ابن فاس يوسف النصيري الذي أهداه لوحته في حفل نظم بفاس بعد العودة من قطر بحضور مسؤولي المدينة الذين احتفوا باللاعب والمفروض أن يلتفتوا لفنان تشكيلي مبدع يؤرخ لأوجه الجمال بجدران فاس. مثل هذه الالتفاتة للاعبي المنتخب، ليست جديدة في مساره الإبداعي المميز طيلة أكثر من عقدين، فقد أنجز بورتريهات مماثلة للاعبي المنتخب بمونديال روسيا وقبله في كؤوس إفريقيا للأمم، سيما منذ دورة تونس في 2004، موازاة مع رسم جداريات للاعبين آخرين مغاربة وأجانب آخرهم الظاهرة عبيدي بولي والمتألق أشرف حكيمي. اهتمام سعيد الثلاثيني العازب، بكرة القدم ونجومها مستمد من حبه للعبة وفريق المغرب الفاسي الذي يرافقه أينما حل وارتحل ويبدع "تيفوات" يرفعها الجمهور في مبارياته، بل أرخ لتألقه في 2011 بإنجاز بورتريهات للاعبين وجداريات رسمها بجدران أحياء فاس مؤرخا للحظات من عمر الفريق ونجومه ومسيريه. ويؤكد سعيد أن رسمه اللاعبين و"تيفوات"، جزء من تيمات مختلفة تتميز بها جدارياته التي رفعت اسمه عاليا بين فعاليات فاس وخارجها، وحرك قنوات عمومية مغربية وأخرى أجنبية للاهتمام بتجربته الرائدة والفريدة وطنيا، مشيرا إلى اهتمامه بمواضيع أخرى، بما فيها ظروف انتشار فيروس كورونا وتضحيات المجندين للحد من انتشاره. ويعالج في رسمه على الجدران، مواضيع مختلفة ويلامس قضايا هادفة يوجه فيها رسائل لمن يهمه الأمر سيما في مجال البيئة، فيما رسم على جدران مدارس ومؤسسات تعليمية لوحات مفعمة بالرسائل الإنسانية والتوعوية وقضايا أخرى وطنية ودولية تعبر عن حبه لوطنه وتطلعات الشعب المغربي ودعمه لفلسطين. مغربية الصحراء حظيت باهتمام أوفر في جدارياته، كما اهتمامه بأطفال ضحايا عنف أو حوادث مميتة، بمن فيهم الطفل ريان وزميله عدنان ضحية الاغتصاب والطفلة هبة من سيدي علال البحراوي، دون أن يغفل إنجاز لوحات لأشخاص بسطاء تكريما لهم، بمن فيهم عامل النظافة مراعاة للدور الهام الذي يلعبه. ويؤكد سعيد الذهبي أنه رسم لوحات فنية معبرة عن التراث المغربي الأصيل على جدران مدن تاريخية بينها فاس، دون أن ينسى تجربة أصيلة وجداريات رسمها على جدرانها بعدما استقر فيها وقضى بها خمس سنوات بدءا من 2006، كما لوحة أهداها لزليخة نصري أول امرأة في تاريخ المغرب تتولى منصب مستشارة للملك. تلك اللوحة رسمها على بقايا أكياس إسمنت في "تجربة فريدة ونادرة دوليا" يؤكد الذهبي الأستاذ بمركز التدرج المهني بحي المصلى باب الفتوح، وهو صديق للبيئة، متحدثا عن لوحات سريالية متميزة أبدعها بإعادة تدوير نفايات واستغلال أكياس مختلفة في الرسم بطريقة قليل من يجيدها على المستوى الوطني والعربي. موهبة الصغر موهبة سعيد ظهرت مبكرا منذ كان صغيرا، إذ كان مولعا بالرسم في فترة دراسته، قبل أن يحترف ذلك ويصنع اسمه في رسومه، ما مكنه من المشاركة في عدة مهرجانات محلية وإقليمية ووطنية، موازاة مع شهرة تتزايد أكسبتها إياه لوحاته وجدارياته المتداولة صورها على نطاق واسع في صفحات التواصل الاجتماعي. ما وصله هذا الشاب من نجاح، ما كان له أن يكون لولا صموده وتجاوزه كل المعيقات التي رافقت مساره في غياب الدعم لمبادراته التي تستحق التفاتة رسمية منتظرة. منذ صغره اعتمد على نفسه وقدراته دون أن يجد يدا ممدودة أو حضنا يحضنه، إلا من شباب حي يعيش فيه، عانق تجربته بكل الحب والاحترام والدعم. حميد الأبيض (فاس)