تلميذان يفوزان بالمركز الأول بمشروع ينهل من الثقافة المغربية انهارت الحدود بين العلوم الحقة وبين الثقافة الشعبية، إذ أصبح الكثير من المبدعين والمبتكرين يرتكزون على ثقافات الشعوب في إبداعاتهم وإنتاجاتهم العلمية، ما يعطيها طعما خاصا واهتماما منقطع النظير، وهو ما جسده تلميذان مغربيان على أرض الواقع في الدورة 41 من الأولمبياد الوطنية للكيمياء. واحتضنت باريس الدورة 41 من هذه المسابقة الدولية، التي يشارك فيها التلاميذ المبدعون من مختلف بقاع العالم، لتقديم إبداعاتهم في مجال الكيمياء، وتمكن الشابان المغربيان ياسين بكاوي وياسمين قدميري إدريسي، من التفوق عليهم جميعا، بسبب مشروعهما المبتكر، المرتكز على أحد أهم روافد الثقافة والهوية المغربيتين. ويتعلق الأمر بمشروع يربط الكيمياء الدقيقة بفن التبوريدة المغربي، من خلال تقديم حلول تعالج مسألة مكافحة المنشطات المستعملة في سباقات الخيل، التزاما بشعار دورة 2025 من المسابقة الدولية، الذي كان بعنوان "الكيمياء والرياضة"، إذ قام التلميذان بمحاكاة تحاليل مخبرية للكشف عن مواد منشطة مثل "الكافيين" و"البيتاميثازون" بالاعتماد على تقنيات حديثة، مثل التحليل اللوني والتحليل الطيفي الكتلي. وينتمي التلميذان الفائزان بالرتبة الأولى، إلى مجموعة مدارس جاك شيراك بالرباط، وأشرف على مشروعهما الأستاذان ياسين ناجي وإلهام الشيشاوي. ونال المشروع إعجاب لجنة التحكيم، في المسابقة التي شارك فيها ما يقارب 3500 شاب عبر العالم. ولم يقف مشروع التلميذين عند التحاليل المخبرية، بل شمل جوانب أخرى، من قبيل الزيارات الميدانية وإنتاج محتوى توعوي رقمي، وإعداد موقع إلكتروني تفاعلي، وتنظيم أنشطة محلية تحسيسية، وابتكار مرهم طبيعي مضاد لالتهابات الخيول، ناهيك عن الانخراط في تجربة ميدانية داخل مختبر مكافحة المنشطات، التابع لمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة. وأصبحت المدارس المغربية منفتحة على المشاركة في الأنشطة والمسابقات الدولية، وتحقق نتائج ممتازة، سواء على الصعيد الإفريقي أو الدولي، وفي مجالات مختلفة، من قبيل الكيمياء والرياضيات وعلوم التكنولوجيا و"الروبوتات" وغيرها. ولا يقتصر الأمر على مدارس البعثات الأوربية أو المدارس الخاصة، بل إن النصيب الأكبر من الجوائز حصدها تلاميذ المدارس العمومية. وتعد هذه التتويجات الأخيرة ثمرة الأنشطة الموازية والأندية المدرسية، التي أصبحت تعتمد عليها الوزارة، باعتبارها رافعة لتحفيز الإبداع، وجعل المدرسة فضاء مرغوبا فيه، من قبل التلميذ، ومحفزا للإبداع والاختراق وتحقيق الذات. عصام الناصيري