هالة ركبت المغامرة وولجت عالم الاستثمار بتربية الحلزون لتحسين وضعية المنخرطات لم تكن هذه الفتاة المدينية، ولادة ومنشأ، هالة بياضة، تفكر في ولوج عالم غريب عنها وبعيد عن متمنياتها، رغم أنها تابعت دراستها في مجال التعليم الفلاحي بالثانوية التقنية بجمعة اسحيم (إقليم آسفي) والتي ساهمت في تكوين العديد من الأطر الفلاحية العليا. كانت أسرتها الصغيرة، تحلم بولوجها عالما يتناسب مع مؤهلاتها العلمية والتقنية وطموحها اللامحدود بولوج عالم الطب أو التعليم، لكن أحيانا قد تتدخل أشياء بسيطة في تحديد مستقبل الشخص، وتدفعه إلى ركوب المغامرة والتحلي بالصبر والمثابرة لتحقيق الهدف والنجاح فيه. لما أنهت هالة دراستها العليا وجدت نفسها أمام خيارين، إما مواصلة تعليمها في التخصص الذي اختارته وانتظار ما ستجود به الأيام، أو ولوج عالم الشغل والتشغيل الذاتي والاعتماد على النفس لتحقيق الذات. تقول الشابة الطموحة، في حوار لها مع "الصباح"، "فكرت في ولوج عالم التشغيل الذاتي وعملت مع بعض النساء على تأسيس تعاونية متعددة الخدمات، تعمل في المجال الفلاحي لتسهيل مأمورية النساء القرويات وتأطيرهن والوقوف إلى جانبهن من أجل تحقيق دخل شهري أو سنوي يساهم في تسوية وضعهن المالي وتجويد حالتهن المعيشية. واتفقت مع بعض النساء اللواتي تعرفهن جيدا على إحداث تعاونية فلاحية لتثمين المنتوجات الفلاحية، تأخذ ضمن أولوياتها النهوض بريادة الأعمال وتمكين النساء القرويات من إثبات ذواتهن. واكترت التعاونية قطعة أرضية قريبة من الجديدة، وحرصت على تكوين المنخرطات وهيأت الظروف المناسبة للانخراط في مشروع تربية الحلزون، وتقدمت التعاونية بطلب لدى المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي عملت على دراستها ومواكبة أعضاء التعاونية بالتكوين والتأطير والتوجيه، لجعل هذا المشروع، "تربية الحلزون" نموذجا ناجحا يساهم في توفير مناصب للشغل، خاصة النساء القرويات، وتمت الاستفادة من دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، لاقتناء معدات وتجهيزات لتربية الحلزون وتثبيت خيام مغطاة. وتضم التعاونية أربع نساء إضافة إلى رئيستها، انخرطن جميعا، بعد تجهيزها بالخيام والمعدات الخاصة بتربية "الحلزون"، في عمل مضن، بتحضير الأرضية وزراعتها ببعض الخضر والأعشاب التي يقبل عليها الحلزون بكثرة مثل الجلبان واللفت والجزر، وترك فضاء آخر للأعشاب البرية التي تنمو بطريقة عفوية وتساهم في تفريخ وتوليد هذا المخلوق العجيب. وأكدت هالة بياضة، رئيسة التعاونية، في تصريح لـ"الصباح"، أنها أنشأت رفقة أربع نساء هذه التعاونية المتخصصة في تثمين المنتجات الفلاحية، خاصة تربية الحلزون، وتمكنت بعد أربع سنوات من العمل، من الشروع في ترويج منتوجها داخل المغرب، مضيفة أنها وجدت بعض الصعوبات في سبيل تصديرها إلى الخارج، لأن ذلك يتطلب شروطا صعبة. وأوضحت بياضة، أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، تساهم في تمويل ودعم المبادرات الشبابية، الرامية إلى توفير فرص جديدة للشغل، خاصة في العالم القروي، الذي يحتاج إلى ثورة حقيقية لانتشال الشباب والشابات من براثن العطالة والحد من تفشي ظاهرة البطالة. وأضافت المتحدثة نفسها أنها تمكنت، بفضل الدعم القيم الذي قدمته لها المبادرة الوطنية، من تثبيت الخيام المغطاة، مشيرة في الوقت ذاته إلى جهود جميع أفراد التعاونية في سبيل التأقلم مع متغيرات السوق الذي يفرض التعامل مع منتوج الحلزون الذي يتطلب معرفة ودراية كبيرة بخصوصياته وطرق تربيته وتسويقه، وهو ما ساهم نسبيا في النجاح في مسعاها الشخصي والجماعي. أحمد ذو الرشاد (الجديدة)