معرض جديد بالبيضاء لأحدث لوحات الفنان التشكيلي يتواصل برواق "الفهد غاليري" بالمعاريف بالبيضاء، إلى غاية 19 فبراير المقبل، معرض تشكيلي للفنان سعيد حاجي تحت عنوان "الفن من أجل الذاكرة". ويشتغل حاجي صباغيا على تيمة الذاكرة منذ سنوات بتقنية خاصة به، من خلال محاولة اللجوء إلى بعض العلامات مثل الكرسي والمظلة وعش العنكبوت والرجل الهلامي. وسبق للناقد والفنان شفيق الزوكاري أن كتب عن تجربة سعيد حاجي قائلا إنها "وجودية/غرائبية من حيث الموضوع، وواقعية من حيث الشكل، إذ تؤكد بهذا الاختلاف على أهمية الشيء l’objet، وما يحمله من دلالات أيقونية وسيميائية، كفكرة محركة وأساسية . وأضاف الزوكاري "يحضر الكرسي بثقله، محركا لأبعاد ثقافية، عبر نسيج تاريخي لوظيفته المادية المباشرة والمفاهيمية، بداية بتلقي المعرفة، وانتهاء بما قد يترتب عنها في غياب الوعي والديموقراطية، إذ تتحول هذه الوظيفة من نعمة العلم لنقمة الانتظار والعتمة، وفي خضم هذا العنصر المهيمن على سند القماش، لايحضر هنا الإنسان بجسده في عمل سعيد حجي إلى جانب الكرسي، إلا شبحا أو ظلا ثانويا، لا يقوم إلا بتأثيث الفضاء، محاولا بذلك تغييب الذات وتجاهلها في ظل فضاء مغلق تقسمه وتخترقه أشعة يصعب تحديد منبعها". وتابع الزوكاري أن لوحات حاجي في النهاية خدعة بصرية طريفة، توهم المتلقي بعدم أهمية الجسد في غياب تفاصيله، بينما العكس هو الصحيح، حيث حضور الجسد بظله ككتلة ظلت تحجب ما وراء الشكل فكرة سفر ذهني بحثا عن الحرية خارج الفضاءات المغلقة افتراضيا في تصور الفنان، بجدرانها السميكة التي اتخذت لها أبعادا لونية، اختزلها المبدع في اللونين البني والأزرق، ليشارك المتلقي لذة المتعة من خلال خدعة بصرية جمعت بين حرية غيابية/ذهنية نظريا، وحرية ملموسة حاضرة في المشهد الإجمالي للعمل لما يحملانه من تركيبات تلامس القضايا التي تصب في المحور التشكيلي. واعتبر الناقد الجمالي كمال مصطفى أن حاجي يتقاسم لغة النص والتناص داخل مجالات الكتابة الروائية والشعرية وبناء اللوحة التشكيلية بصيغة التفاعل الجزئي داخل نسق واحد كلي وهو بذلك يعكس طبيعة المفاهيم التي تؤسس وعيه المرحلي من تاريخ المغرب المعاصر . تتميز اعمال سعيد بهندستها التقويمية للبناء وهذا يعيد التفكير في المبحث الأنطولوجي عند الزمن داخل الذات، والآخر بشكل يجعل اللوحة تفعل خطابا فلسفيا عن طبيعة الرؤية البصرية ومضمونها السيكولوجي والثقافي والجمالي للإنسان المعاصر. وإلى جانب روايته "الفينق" و"أرواح بويزكارن "وديوانه الشعري "كاميكاز"، يكتب سعيد حاجي تجربة متميزة على مستوى البناء البصري، واللغة الإيحائية. فرهانه الأول والأخير هو تقديم عتبات موازية عبر تقنيات تشكيلية مختلفة تزاوج بين التشخيص التعبيري والتجريد الرمزي. عزيز المجدوب