“السبيطارات”… غرف الموت

مستشفيات الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود ومواطنون يرتمون في أحضان مصحات القطاع الخاص سنحتاج إلى خمسة أجيال على الأقل لمحو صورة "السبيطار"، أو المستشفى العمومي في المخيال الجمعي للمغاربة الذي يخزن أطنانا من البيانات والصورة السيئة عن أماكن الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود، دون أدنى مبالغة في التشبيه. فلا شيء جميلا يتذكره المواطنون مصالح وأقساما وغرفا واستقبالا ومعاملة واستشفاء وخدمات، إذ يستطيع أي أحد منا أن يسرد أمامك قصصا وحكايات، يعجز أعتى كتاب الرواية عن تخيلها، أو ضبط تفاصيلها وجزئياتها، وليس في هذا التعبير أي إساءة لعشرات الأطباء والممرضين والتقنيين والإداريين الذين يبذلون مجهودات جبارة لتحسين صورة مؤسسات "فات فيها الفوت". فما يجري بالقطاع الصحي، منذ سنوات، هو أشبه بالانتقام من مواطنين ومرضى يجدون أنفسهم مجبرين على التوجه إلى مستشفيات عمومية يكون من قبيل "الإنجاز العظيم" مجرد العبور من أبوابها وسط غابة من الحراس الشداد الغلاظ، أما الوصول إلى طبيب واستشارة وعلاج وأدوية ومتابعة، فهو المستحيل نفسه. ففي عدد من المدن والمراكز الحضرية وحتى بعض القرى، تتحول المؤسسات الصحية إلى "كذبة"، في غياب الحد الأدنى من الموارد البشرية والتخصصات والعلاجات الأساسية، دون الحديث عن أقسام المستعجلات والولادة ومصالح الإنعاش وأقسام العمليات الجراحية. ورغم الميزانيات الضخمة، العادية والاستثنائية، التي تخصص إلى القطاع الصحي، فإن الوضع يزداد سوءا في عدد من المناطق، وحتى في المدن الكبرى، حيث تتمركز المراكز الاستشفائية الجامعية والمستشفيات الجهوية والإقليمية. ولأن الطبيعة تكره الفراغ، كان ضروريا أن ينمو على هامش أزمة منظومة الصحة العمومية، قطاع خاص شره، مكون من عدد من المصحات هي أقرب إلى المجازر، منها إلى فضاءات تحلق فوقها ملائكة الرحمة. أما الفقراء الذين لا قدرة لهم على "شيكات" القطاع الخاص، فيرتمون في أحضان الطب الشعبي، ومنه مباشرة إلى الشعوذة. يوسف الساكت

“السبيطارات”… غرف الموت

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مفاوضات ومعارك دولية لنيل الحرية

تقارير تفضح المستشفيات

مقالات ذات صلة