قلة المراعي دفعت المربين لبيع القطيع

أسعار لحوم البقر والغنم بجهة فاس تتراوح ما بين 75 درهما و80 للكيلوغرام للغلاء في أسعار اللحوم الحمراء أسباب مختلفة ومتعددة ومتنوعة، لبعضها صلة بأحوال «كسابة» أثقلت كواهلهم ظروف طبيعية وأخرى موضوعية وذاتية، فتخلوا مكرهين عن التربية والتسمين لأنهما يكلفانهم مصاريف كبيرة لا قدرة لهم عليها، أمام توالي سنوات الجفاف وقلة المراعي وانحسار مدخولهم غير الكافي لشراء الأعلاف. وتتراوح أسعار بيع لحوم البقر والغنم في أسواق جهة فاس، بين 75 و80 درهم للكيلوغرام الواحد، بـ5 دراهم أقل من لحم الماعز. أسعار تبدو باهظة لزبون قد لا يعلم ظروف تربية وتسمين الفلاح لما تبقى من ماشيته التي تقلص عددها بشكل كبير مقارنة مع سنوات خوال، لتناسل أسباب متنوعة تطالبت عليه مجتمعة. كان "الكسابة" يعتمدون على المراعي، وما ينتجونه من أعلاف في تربية ماشيتهم، ولا يلجؤون لشراء القليل منها إلا في حالات استثنائية. لكن ذلك، لم يعد ممكنا راهنا بعدما قل المطر بنسبة كبيرة وتوالى الجفاف الذي أقبر مراعي طبيعية بما في ذلك المجاورة للغابات في المناطق الجبلية، التي تخلى سكانها عن الرعي والتسمين. وساهمت العوامل الطبيعية في جفاف الأنهار ومنابع المياه التي كانت مصدرا رئيسيا لسقي حقول عادة ما كان الفلاحون يزرعون فيها الكلأ وأعلافا مختلفة تعفيهم تكاليف شرائها، وبالأخص في فصل الصيف، خاصة الذرة و»الفصة» و»البرسيم» و»الخرطال»، ما كان عاملا مشجعا على تربيتهم للماشية التي تشكل موردا لعيشهم. هذه الحقول تحولت بعد توالي سنوات الجفاف، لفضاءات قاحلة مثيرة للشفقة، ما جعل الكثير من الكسابة يبيعون قطيعهم بأثمنة بخسة ويتخلون عن تربية الأغنام والماعز والأبقار، طالما أنه يكلفهم أحيانا أكثر مما يبيعونه في غياب الدعم الرسمي الكافي لتدارك آثار الجفاف، رغم إطلاق مبادرات لتوزيع الشعير المدعم. هذا الواقع يثقل كاهل الفلاحين العاجزين عن إطعام ما تبقى من القطيع، ولو بالمناطق الجبلية الوعرة القريبة من الغابات التي تضررت من الجفاف، ولم تعد مرعى خصبا، بعدما كانوا يعتمدون عليها وعلى ما ينتجون من كلأ وأعلاف في تسمينه المستحيل حاليا بالنسبة إلى فئة كبيرة من الفلاحين البسطاء، بسبب غلاء أثمنة العلف. والتهبت أسعار الأعلاف بشكل صاروخي غير مسبوق، قصف ما تبقى من قدرة الفلاح على التحمل والمقاومة، وبنسب متفاوتة وصلت إلى نحو 50 بالمائة ليس فقط بجهة فاس، بل بكل المناطق، ما شكل عبئا إضافيا على المربين الصغار الذين بالكاد «يتصارعون» لتوفير لقمة عيش أسرهم. كما تضاعف سعر حزمة تبن )بالة( تضاعف من 15 إلى 30 درهما، ولا يكفي لتغذية بقرة تكلف مربيها أحيانا أكثر من 50 درهما يوميا، باحتساب تناولها تبن قمح أو شعير أو قطان، وعلفا موازيا سواء الخرطال البالغ ثمنه 600 درهم للقنطار، أو «كرسانة» أو الشعير أو النخالة التي فاق ثمنها 3.40 دراهم للكيلو كما الشمندر وثمنه 4 دراهم. أسعار هذه المواد باهظة ومكلفة على ضوء ما تستهلكه الماشية يوميا، عكس ما كان عليه الأمر سابقا من استهلاكها نسبة كبيرة من حاجياتها في المراعي، كلما أينعت وتنوع كلؤها. ويبقى الفلاح أكبر ضحية في هذه المرحلة، إذ يضحي ويتكبد الخسارة لتربية وتسمين ماشية قد لا يبيعها بثمن محفز، ليسقط ضحية مضاربين. هؤلاء المضاربون يتصيدون الفرص بالأسواق الأسبوعية القروية لشراء الماشية بأبخس الأثمنة. حميد الأبيض (فاس)

قلة المراعي دفعت المربين لبيع القطيع

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

رالي دكار يعبر الكركرات

تثمين القنب الهندي في "الباحث"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات