فعاليات المنتدى الإفريقي الثالث لتمويل الأسمدة يعتمد خارطة طريق لتجاوز ارتفاع الأسعار في سياق دولي يتسم بالارتفاع اللافت للأسعار العالمية للأسمدة، وتداعيات هذا الأمر على الأمن الغذائي بالقارة الإفريقية، وجه المشاركون في المنتدى الإفريقي الثالث لتمويل الأسمدة، وعلى رأسهم البنك الإفريقي للتنمية، نداء البيضاء من أجل تضافر الجهود لتأمين الولوج إلى الأسمدة من قبل فلاحي القارة. وعرف هذا الملتقى المرجعي، الذي انعقد بالبيضاء أخيرا بمبادرة من مجموعة البنك الإفريقي للتنمية، فرع المجمع الشريف للفوسفاط لإفريقيا والآلية الإفريقية لتمويل وتطوير الأسمدة، مشاركة أزيد من 200 فاعل رئيسي في المجال من وزراء فلاحة ومهنيين وخبراء وبنكيين وجمعيات، اتفقوا مع نهاية المشاورات، على اعتماد خارطة طريق عملية على المدى القصير والمتوسط تتضمن ثلاث نقاط رئيسية تتجلى في تهيئة الظروف لتأمين التناسق بين مختلف المبادرات الهادفة إلى تسهيل الحصول على الأسمدة بأسعار مناسبة لفائدة الفلاحين الصغار وتعميم استعمال الأدوات التمويلية الجديدة، مثل الضمان التجاري للقروض، الذي يتيح تحقيق أرباح أعلى بقيمة 15 ضعفا مقارنة مع المبلغ المستثمر، إضافة إلى العمل على آليات تمويلية جديدة تساعد على تسهيل الوصول إلى المدخلات الفلاحية الأخرى، مثل البذور، مع نشر أوسع للتقنيات التكنولوجية الفلاحية الجديدة التي تضمن أقصى مستويات الأرباح. وهي الإجراءات التي من شأنها أن تساهم في زيادة الإنتاجية الفلاحية للقارة وسد العجز في القطاعات المعنية، من أجل ضمان السيادة الغذائية لقارة إفريقيا، حسب المتدخلين. وقال لوبين لووي، وزير الفلاحة بجمهورية ملاوي: "الوضعية حساسة للغاية، فنحن في أمس الحاجة لتأمين الغذاء للأعداد المتزايدة من السكان. ولكن في ظل الأزمات تبرز الفرص، ويتوجب على إفريقيا اغتنام هذا الأمر، من أجل وضع نظم غذائية مستدامة". من جانبه، قال مانويل بارتولوميو دا كونا جواو، كاتب الدولة في الفلاحة والثروة الحيوانية في أنغولا: "تشكل الفلاحة قطاعا حيويا في أنغولا، لكن محاصيلنا الزراعية تظل مستوياتها دون القدرات الحقيقية المتوفرة. ومن أجل رفع هذا التحدي، أطلقنا للتو برنامجا ضخما لإنتاج الحبوب، يتطلب توفير كميات كبيرة من الأسمدة. فهذا الأمر أصبح مسألة مستعجلة للغاية، والحل يوجد داخل قارتنا". بدوره وضح مارتن فريجن، مدير الفلاحة والصناعات الغذائية في البنك الإفريقي للتنمية، أنه "لمواجهة هذه الظرفية المستعجلة، اعتمد البنك الإفريقي للتنمية حلولا ملائمة في زمن قياسي. ففي غضون أسابيع قليلة، تمت تعبئة 1.13 مليار دولار في إطار المرفق الإفريقي لإنتاج الأغذية في حالات الطوارئ، من أجل تمكين 20 مليون مزارع إفريقي من الفلاحين الصغار بـ24 دولة إفريقية، من الولوج إلى الأسمدة واقتناء البذور. والهدف، المساعدة في إنتاج 38 مليون طن من الأغذية الإضافية، بقيمة إجمالية تبلغ حوالي 12 مليار دولار خلال السنتين القادمتين". وفي إطار تضافر المجهودات الموجهة لرفع الإنتاجية الزراعية بالقارة، أشار محمد أنور جمالي، المدير العام لفرع المكتب الشريف للفوسفاط لإفريقيا، إلى "تسليم 550 ألف طن من الأسمدة في 20 دولة، والتي وجهت إلى 4 ملايين فلاح في القارة على شكل تبرعات وتخفيضات، وهو ما يمثل 16 في المائة من الاحتياجات السنوية لإفريقيا". إلى جانب ذلك، تلتزم مجموعة المجمع الشريف للفوسفاط بتخصيص أربعة ملايين طن من الأسمدة تلائم احتياجات التربة والمحاصيل الزراعية في القارة. وستعتمد هذه العملية على مقاربة هيكلية مبتكرة شاملة، تنبني على شراكة تقوم على أسس علمية، وتهدف إلى دعم الفلاح الإفريقي لضمان تأثير مستدام أوسع وأقوى على إنتاجيته الزراعية.