متورطون في سرقات وجرائم قتل بشعة ويعرضون المارة للابتزاز تحت شعار «عطيني ولا نحيح» في الشوارع العامة والمدارات وإشارات المرور، صار منظر المتشردين و"الشمكارة" مألوفا، رغم شن السلطات بين الفينة والأخرى حملات ضدهم لترحيلهم، إلى مراكز الإيواء، سيما بمنطقة تيط مليل. ظروفهم الصعبة وملابسهم الرثة، تثير شفقة كل من عاينهم، إذ يسارع للتصدق عليهم بمبلغ زهيد على الأقل لضمان زادهم اليومي، إلا أن فئة منهم تحولت إلى قنابل موقوتة، تورطت في جرائم بشعة وصلت إلى حد القتل حرقا. عدوانية غير مسبوقة صار "يتحلى" بها "شمكارة" ومتشردون ضد المواطنين، وابتكروا أسلوبا جديدا في التسول مبنيا على الابتزاز، شعاره "عطيني ولا نحيح عليك"، يدفع البعض إلى الاستسلام تفاديا للأسوأ، سيما كما ردد البعض "ما غادي تصور منهم والو". لم يقتصر الأمر على الابتزاز، بل تحول العديد منهم إلى لصوص محترفين، تشكلوا في مجموعات وقسموا الأدوار فيما بينهم، لاستهداف الضحايا، خصوصا النساء، إذ مجرد نظرة تثير الهلع فيهن وتحبط أي مبادرة للمقاومة، وبخطة محكمة تنتشل حقائبهن أو هواتفهن المحمولة، وفي مناسبات تجد الضحية نفسها وجها لوجه معهم وفي استسلام تام تمكنهم مما تملك خوفا منهم. تتذكر سعيدة لحظة خوف عاشتها بسبب متشردين، كلفتها حقيبتها النسائية بها مبلغ مالي مهم، إذ كانت على متن سيارتها، ولما توقفت أمام إشارة ضوئية، تقدم منها متشرد نحوها غطاء باليا جدا، وطالبها بمبلغ مالي بطريقة مستفزة، تلاسنت معه، واستغل شريكه الفرصة لفتح باب سيارتها الذي لم يكن مغلقا أوتوماتيكيا، وسرق الحقيبة وفر رفقته، وقتها أدركت أنها ضحية خدعة محكمة، لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل وجه لها شريكهما الثالث نظرات تهديد، كأنه يطالبها بالتزام الصمت والمغادرة، وهو ما قامت به دون تردد. إلى جانب السرقة، تورط متشردون في جرائم خطيرة، وصلت إلى حد القتل حرقا دون شفقة ورحمة، فبحكم إدمانهم على "الدوليو"، فإنه يبقى سلاحهم المفضل في الانتقام من أي شخص. ويتذكر البيضاويون واقعة حرق شاب بمنطقة بوركون أمام الملأ، بعدما حاصره أربعة متشردين وسكبوا عليه "الدوليو" وأضرموا فيه النار، ليصاب بحروق من الدرجة الثالثة، فارق الحياة بسببها. دوافع الجريمة أن الضحية، اتهم من قبل قاتليه بسلبهم كميات من "الدوليو" كانت مخبأة في منزل مهجور، إذ كان المتهمون يعيدون بيعها إلى المدمنين، ولما ضبط في حالة تلبس طاردوه وقتلوه بوحشية. واقعة مماثلة عاشتها منطقة عين الشق، عندما أشعرت عناصر الشرطة بوجود جثة تحترق بخلاء مجاورة للإذاعة الوطنية. وخلصت التحريات والبحث التقني والعلمي إلى أنها تعود لامرأة متشردة كانت تشارك متشردين شم "الدوليو" واحتساء الكحول "الحارق"، وبسبب خلاف قتلت بسكب "الدوليو" عليها وإضرام النار فيها. ينضاف إلى هذه الفئة، "البوعارة"، إذ كانت جرائمهم في البداية تقتصر على سرقة البالوعات ولوازم السيارات المركونة، وأي شيء يصادفونه في طريقهم، يتم إخفاؤه بين كومة القمامة في عرباتهم المجرورة، ومع الوقت تطور نشاطهم الإجرامي، إذ أطاحت عمليات أمنية بعدد مهم لتورطهم في اعتراض سبيل المارة ليلا، وتهديدهم بالسلاح الأبيض. مصطفى لطفي