المشرع المغربي بين مطرقة تحفيز المجالات الحيوية وسندان العائدات الضريبة للخزينة تعتبر الإعفاءات الجبائية إحدى الآليات التي توظفها الحكومة، من أجل تحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية. وأوضح عصام ابن حيون، خبير مختص في الجبايات، أن هذه الأهداف تتجلى، عموما، في تحفيز بعض القطاعات أو بعض الفئات المهمشة أو ذوي الدخل المحدود لأجل أهداف اجتماعية واقتصادية، تتجلى عامة في تقليص الفوارق الاجتماعية وتحقيق التوازنات الماكرواقتصادية. وأكد ابن حيون أن هذه الأهداف تظل، في أغلب الأحيان، حبرا على ورق يفتقد إلى حنكة في التنزيل من قبل الجهات المتخصصة، لأنها تفتقد لنظرة مركبة وشمولية للتحديات الاقتصادية المعاصرة التي تخص بلادنا بوجه خاص، والوضع الاقتصادي العالمي بشكل عام. وأوضح أنه لو أخدنا بعين الاعتبار التوجه الجديد الذي تنهجه الحكومة بالنسبة إلى قانون المالية 2023، نلاحظ ترويجا ملحوظا لاقتصاد الريع عبر استبدال الإعفاءات غير المباشرة بتعويضات مباشرة (مثل إلغاء إعفاء الضريبة على القيمة المضافة للسكن الاجتماعي والاقتصادي المقدرة في حوالي 50 ألف درهم لصالح إعطاء تعويضات لا تصل عتبة 10 آلاف درهم). هذه التدابير تؤكد، حسب الخبير المختص في السياسة الجبائية، على عدم نضج في اتخاذ القرارات، علما أن مجمع الباحثين العالميين في مجال المالية العامة والسياسات المالية والضرائب يؤكدون على ضرورة تفعيل سياسات اقتصادية مالية، وفق تنزيل ضرائب غير مباشرة جديدة ومبتكرة من صنف الضريبة على القيمة المضافة، التي لم يُر لها نظير منذ حوالي قرن من الزمن، بل يرى بعضهم بأنها السبيل الوحيد لفك عدد كبير من الأزمات المعاصرة، لأن الوضع الاقتصادي الراهن يتميز بهيكلة جد مركبة ومشعبة لا تنفك تحل بتدابير سطحية ومبسطة كالتعويضات. من جهة أخرى، أشار الباحث في المجال الجبائي إلى أن المغرب اعتمد، منذ بداية حقبة انفتاح الاقتصاد المغربي على الاقتصاد العالمي، عددا كبيرا من التدابير في شتى المجالات ذات صلة بتطوير الوضعية الاقتصادية، وعلى رأسها التدابير الضريبية، التي كانت وما زالت تضع المشرع المغربي بين مطرقة تحفيز المجالات الحيوية وسندان العائدات الضريبة للخزينة. إلا أن هنالك بعض القطاعات التي كانت وما زالت تلعب دورا محوريا في الاقتصاد الوطني، مثل الفلاحة والصناعة والعقار أو الصادرات، والتي ما زالت في الوقت الراهن تتوفر على حصة الأسد في عدد وقيمة الإعفاءات الضريبية. وأكد ابن حيون، بهذا الصدد، أن قطاع العقار يشكل حوالي 22 في المائة من النفقات الضريبية، يليه قطاع التأمين الاجتماعي بنسبة 20 بالمائة، يليهما قطاع الكهرباء والغاز بنسبة 15بالمائة. ويعد الموظفون أكثر الفئات المستفيدة من هذه الإعفاءات بنسبة 11.5 في المائة، وكذا الفلاحين بنسبة 7 بالمائة، وأخيرا المصدرين بنسبة 6 بالمائة. ح. أ. (فاس)