أثارت مسودة إصلاح منظومة التقاعد جدلا واسعا وردود فعل حول المنهجية التي اختارتها الحكومة في تدبير ورش معقد. كيف استقبلتم ما تم الإعلان عنه؟ > تابعنا جميعا جولة الحوار الاجتماعي بين الحكومة وبعض النقابات، خلال الأيام الماضية، ولاحظنا كما لاحظ الجميع تمرير عدد من الاقتراحات من خلال مسودة حكومية تتضمن رأيا من جانب واحد لإشكالية مجتمعية واقتصادية كبيرة. لقد تبنت الحكومة من خلال المسودة رأيا أحاديا ولم تشرك حتى النقابات التي استدعتها للحوار في صياغتها أو الاستماع إلى رأيها في الموضوع. كما تضمنت المسودة اقتراحات بمثابة توجيه للحوار والتفاوض حتى قبل أن يبدأ، وهذا في رأيي، إخلال بالاحترام للطرف الآخر وللمقترحات الممكن أن يقدمها باعتباره طرفا من أطراف الحوار الاجتماعي الثلاثي. ملاحظة أخرى، هي أن المسودة تقترح أرضية لا اجتهاد فيها ولا إبداع من خلال الإشارة إلى الاصلاحات المقياسية، وهي الإصلاحات التي جربتها الحكومة السابقة في 2016 وأدت بنا إلى النفق المسدود، ناهيك عن أن الموظف هو من أدى ضريبتها. يحمل المشروع مقترحات برفع سن التقاعد الى 65 سنة. هل يكفي هذا الإجراء لإنقاذ الصناديق من خطر الإفلاس؟ > نعيد التأكيد ونكرر مرة أخرى أن رفع السن القانوني للإحالة على المعاش، وكذا الزيادة في الاقتطاعات، ومراجعة طريقة احتساب المعاش، ليست حلا لإشكالية عجز الصندوق المغربي للتقاعد، بدليل أن الحكومة السابقة طبقت هذه الوصفة المجحفة في 2016 وها هي الحكومة الحالية، بعد ست سنوات فقط جاءت لتقترح الإجراءات ذاتها. إن الحل في رأيي هو أن تتحمل الدولة مسؤولياتها كاملة، من خلال تبني إصلاح جذري وبنيوي وشامل يقوم على العدل والإنصاف، ومراعاة حقوق كافة الأجيال. كيف سيتم تدبير ورش الإصلاح في ظل تجاهل مطالب النقابات ومقارباتها للإصلاح الشمولي المنشود؟ > لا يمكن لأي إصلاح أن ينجح دون إشراك كافة الفرقاء الاجتماعيين، دون إقصاء أي طرف، والاستماع إلى صوت المعنيين مباشرة بالموضوع، وهم الموظفون من خلال ممثليهم. أما الإصلاحات المنزلة والمفروضة من فوق، فنتيجتها الحتمية هي الفشل. فلا سبيل لحل الإشكال سوى إشراك الفرقاء في الحوار، واعتماد التوافق سبيلا، ثم مراعاة الظروف الاجتماعية والاقتصادية، عند تبني أي إصلاح. واعتبر اقتراح المسودة نهاية ماي أجلا للتوصل إلى إصلاح متفق عليه تعسفا واستعجالا في قضية مجتمعية كبيرة، تتطلب الصبر وطول النفس والوقت الكافي لبلورة تصور توافقي وتشاركي لحل إشكالية تهم الأجيال المقبلة، والاستفادة من تجارب الدول التي سبقتنا إلى فتح هذا الملف، في إطار حوار وطني يتوج بالتوافق بين أطراف الحوار، بما ينقذ المنظومة من الإفلاس، ويحافظ على مكاسب المتقاعدين، ويتجاوز الاختلالات القائمة في تدبير الصناديق. أجرى الحوار: برحو بوزياني (*) عضو المجلس الإداري للصندوق المغربي للتقاعد