حصد جوائز وطنية وعالمية في الابتكار ويدير المهارات والمواهب وبرامج «الروبوتيك» لم يولد الشاب عبد الله مرهون بملعقة ذهبية بفمه، ولم يكن طريق نجاحه مفروشا بالورود. لكن طموحه ذوب صعابا اعترضت حياته منذ ولد وشب في قرية انجيل في بولمان، حيث كابد ليتسلق سلم العلم إلى أن سطع نجمه بوزارة التعليم والتربية الإماراتية، بعد مسار علمي زاخر يفتخر به. عبد الله مسؤول حاليا عن اختيار وتنظيم وإدارة المهارات والمواهب والابتكار وكل البرامج، التي لها علاقة بعالم "الروبوتيك" والأولمبياد المدرسية. ويشتغل على مشاريع ضخمة في المجال واكتشاف المواهب علميا وأكاديميا في المجال الفني والاجتماعي لتسليط الضوء عليها وإبرازها ودعمها. ومن أضخم المشاريع التي يفتخر بها ابن قرية انجيل وعمره 32 سنة، في مسيرته الاحترافية التي انطلقت قبل نحو عقد، سهره على تنظيم أكبر حدث علمي في الإمارات في العام الماضي. ويتعلق بأولمبياد العلوم للصغار، التي سهر عليها أكاديميا وتنظيميا وزادت من شهرته عالميا. "أطمح لمشاركة الأجيال الصاعدة بوطننا، هذه التجربة المتواضعة خاصة في مناطق مهمشة لا تتيح لأبنائها فرصا مماثلة"، يقول عبد الله، مؤكدا اشتغاله وزميله إبراهيم أمعرش ابن الإقليم نفسه، على إنشاء منصة رقمية لإتاحة هذه الفرصة لأبناء بولمان، على أن تعمم مستقبلا لتشمل كل مناطق المغرب. حلم يراود شابا نجح ولم ينس أصله وحسبه ونسبه ويحرص على توسيع رقعة الاستفادة من تجربته الغنية على أوسع نطاق، بعدما راكم تجربة قادته قبل سنة ونصف إلى دبي، حيث يشتغل أيضا على تنظيم التظاهرات بالمدارس، بعدما صقل موهبته في تجربة عمرها 5 سنوات بشركة دانماركية. "كنت في زيارة لعائلتي بمكناس لما وصلني بريد إلكتروني من هذه الشركة المختصة في مجال "الروبوت"، يخبرني بإطلاق برنامج تدريب وحاجتهم لمن يتكلف به في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا"، يستعيد شريط علاقته بشركة فتحت في وجهه آفاقا واسعة في مجال "الروبوتيك" وتنظيم التظاهرات. في 3 سنوات فقط جاب 9 دول بالخليج وشمال إفريقيا والدنمارك وأوزباكستان، في تحد نجح فيه و"فرصة انفتحت فيها على سوق الشغل العالمي وتنافسيته العالية، إذ صقلت مهاراتي وخبرتي" "وكان لعملي مع الشركة، فضل في إدخال مسابقة الروبوات لطلبة الإمارات والسعودية". حينها أنجز عملا مشتركا مع وزارة التعليم والتربية بالإمارات، رسم خارطة طريق التحاقه بها مسؤولا، ليدشن مرحلة جديدة في مساره أعقبت حيازته عدة جوائز عالمية منذ 2013 تاريخ تكريمه وأصحاب 10 مشاريع مختلفة، ضمن معرض علمي بالأردن، من طرف أميرها ووزير التربية. وبملتقى دولي ببروكسيل التقى عبد الله زميله الدكتور إدريس الورادي المسؤول عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، لينفتح فيها على عدة دول بآسيا وإفريقيا، بعدما رافقه في إنجاز مشاريع أطلقتها المنظمة، بعدما أدرك الشاب أنه "لا يصلح للعمل الإداري الروتيني" بعد تجربة مع شركة. لعبد الله أحلام وبرامج ومشاريع وطموح لا ينتهي بعدما وجد الطريق السالك لشهرة ولمعان يؤمن أنهما لا يدومان إلا بمزيد من العمل والكد اللذين لا يعرف غيرهما، منذ رأى النور بمنزل بميسور بين 8 إخوة منهم فتاتان، حيث فتح عينيه على المدرسة لأول مرة بابتدائية يدير والده شؤونها. مساره الدراسي تواصل بإعدادية المسيرة الخضراء بميسور، قبل أن يكتشف في التاسعة إعدادي ميوله وشغفه بالتكنولوجيا والأعمال اليدوية والكهربة و"اختراق" الآلات البسيطة. ويتذكر كيف حول آلة "بلياردور" مصدر دخل بمنطقته، قبل أن يرحل لفاس لاستكمال دراسته بالثانوية التقنية. بها درس تكنولوجيا الكهرباء في 3 سنوات "شكلت منعطفا هاما في حياتي ودراستي بين طلبة متفوقين وموهوبين ومتميزين من مناطق متفرقة" يقول مضيفا "كل شيء تغير في حياتي. لكن ذلك كان طفرة في الإلمام بكل ما هو تقني على يد أساتذة أجلاء أعتز بتتلمذي على أياديهم". "صقلنا مهاراتنا في التكنولوجيا. وتلقينا بذرات علوم جديدة. وكنا نقضي أكثر الوقت في مصانع التكنولوجيا. إنها بحق مرحلة بصمت بثبات في حياتي وأثرت في شخصي" يتذكر ذلك والتحاقه بكلية العلوم التقنية بطنجة لم يقض بها إلا عامين، قبل أن يغادرها لتطوان بسبب مشكل مع أستاذ. دراسته لم تمنعه من الموازنة بينها والمشاركة بمختلف التظاهرات ذات الصلة بالروبوتيك لينطلق مسلسل نجاحه وحصده للجوائز في مسابقات الابتكار من المدرسة المحمدية للمهندسين والمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بتطوان والمدرسة الوطنية للكهرباء والميكانيك بالبيضاء. حميد الأبيض (فاس)