تقارب إستراتيجي مزعج

تنويع الشراكات وتهديد مصالح فرنسا داخليا وإفريقيا دفعاها إلى خوض حرب صامتة تخوص فرنسا في الأشهر الأخيرة، حربا صامتة على المغرب، وتحاول ابتزازه في مصالحه العليا، خاصة بعدما شعرت بأن مصالحها مهددة نتيجة تنويعه للشركاء في الفترة الأخيرة، سواء تعلق الأمر بإسبانيا أو ألمانيا أو إسرائيل. وفي هذا السياق يقول مصطفى تاج، الباحث في العلوم السياسية، إن "قرار فرنسا الذي اتخذته قبل سنة، والمتعلق بتقليص عدد التأشيرات لصالح طالبيها من المغرب والجزائر وتونس، يبقى غير مفهوم وأسبابه واهية، إذ عبر ناصر بوريطة حينها أن مبررات القرار غير مقنعة". وأضاف أن القرار جاء في سياق انفتاح المغرب على دول قوية أخرى، تدخل ضمن المثلث الاقتصادي والسياسي والديبلوماسي القوي عالميا، سواء تعلق الأمر باتفاقيات الشراكة التي عقدت مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، أو مع ألمانيا وإسبانيا، وأن هذا التقارب انعكس على مواقف هذه الدول من قضية الصحراء. ويعتقد تاج أن هذا التنسيق، هو ما دفع الخطاب الملكي الأخير، إلى التعبير بشكل صريح، والقول إن المغرب يعتبر أن الموقف من قضية الصحراء هو النظارة التي ينظر منها إلى دول العالم، وبالتالي ما دام موقف فرنسا غير واضح وحاسم تجاه القضية الأولى للمغرب، فهذا سيؤدي إلى الانفتاح على شراكات ودول أخرى، خاصة أن فرنسا ظلت تستفيد من خيرات البلاد طيلة خمسة عقود، إذ كانت المستفيد والمستثمر الأول، غير أن هذا الانفتاح الأخير قض مضجعها، وهدد مصالحها، إذ نتحدث عن قرابة 1000 شركة، تستفيد من امتيازات وسوق وتسهيلات في الاستثمار. وتحاول فرنسا نتيجة هذا التقارب، حسب تاج، أن تضغط على المغرب بطرق مختلفة، بسبب هذه الأزمة الخفية، سواء من خلال الفيديو المسرب والمفبرك، الذي تم تهويله، أو ما حدث أخيرا من استقبال رئيس تونس لزعيم مليشيا البوليساريو، وكذا التصعيد الجزائري ضد المغرب، وما هذا إلا تجلي لهذه الأزمة الخفية، وعلامة من علامات الضغط الذي تحاول فرنسا ممارسته. وتابع المحلل السياسي، أن المغرب يرفض أن يكون تلك الحديقة الخلفية الاقتصادية لفرنسا، وداخلا في قوقعتها، والدليل على هذا أنه قرر تنويع شراكاته، والانفتاح على دول أخرى من قبيل إسبانيا وألمانيا وتركيا والصين وأمريكا وإسرائيل، ولا ننسى أن فرنسا كانت تنوي الفوز بصفقة تأهيل ميناء الداخلة، الذي سيشيد بمواصفات دولية، والتي استفادت منها شركة مملوكة لمغربي يهودي، ثم مشروع القطار فائق السرعة البيضاء أكادير، والتي استفادة منها الصين عوض فرنسا، وهو ما يبين أن العامل الاقتصادي والتجاري يلعب دورا، إذ أن مصالح فرنسا الاقتصادية أصبحت مهددة بقوة في المغرب. وأوضح المتحدث ذاته، أن هناك عاملا اقتصاديا آخر متمثلا في المنافسة القوية بين الشركات المغربية والفرنسية في دول إفريقيا جنوب الصحراء، إذ هناك شراسة لبعض الشركات الوطنية، ناهيك عن تدحرج فرنسا إلى الرتبة الثانية في المعاملات التجارية مع المغرب، وراء إسبانيا. عصام الناصيري

تقارب إستراتيجي مزعج

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أزمـة صامتـة

الصفعة الصينية لفرنسا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات