نهاية الوصاية بعد الحماية

المغرب أنهى زمن هيمنة سعت الدولة الفرنسية للحفاظ عليها بعد الاستقلال ترفض فرنسا الاعتراف بأن المغرب قطع منذ استقلاله مسارا طويلا وعاش مخاضا صعبا من أجل تحرير اقتصاده من الهيمنة الخارجية واسترجاع سيادته الوطنية، من خلال سياسات اقتصادية وتجارية وإدارية وأمنية مست مصالح المستعمر القديم القائمة والمتراكمة منذ عقود، وأنهى زمن وضع الامتياز الذي كانت تحظى به فرنسا في فترة الحماية وسعت للحفاظ عليه بعد الاستقلال. تغيرت الأمور كثيرا بعد أن نجح المغرب في إرساء مؤسساته السياسية والاقتصادية وصار حائزا لمقومات الدولة الحديثة الكاملة السيادة، بشكل يفرض تغيير أسس علاقته بفرنسا، في ظل تغير المعطيات السياسية والاقتصادية للبلدين، لكن فرنسا تريد مواصلة ممارسة وصايتها على المغرب. لقد نهج المغرب سياسة تنويع الشركاء الاقتصاديين وأعاد بناء تحالفاته باعتباره "حرا في قراراته واختياراته وليس محمية تابعة لأحد " كما قال جلالة الملك بالرياض في 20 أبريل 2018، أياما قليلة بعد زيارته إلى روسيا، حيث التقى في مقابلة رسمية بالرئيس فلاديمير بوتين، تم التوقيع خلالها على اتفاقيات مهيكلة في العديد من المجالات الحيوية وإبرام شراكات متعددة، شكلت مناسبة لإعلان هذا التصريح الحاسم من طرف الملك وتوجيهه إلى كل من كان يشكك في استقلالية المغرب وسيادته من جهة، ومن جهة أخرى إلى حلفائه التقليديين الذين قد لا يروق لهم توجه المغرب لبناء تحالف مع دولة مثل روسيا توجد في وضعية صراع وتنافس مع حلفائه المغرب التقليديين كفرنسا أو السعودية أو أمريكا. وحمل الخطاب الملكي المذكور تعبيرا صريحا عن الموقع الذي بات يحتله المغرب في المنتظم الدولي كدولة كاملة السيادة من حقها التكيف مع التحولات الدولية واختيار حلفاء جدد من خارج منظومة الحلفاء التقليديين، تماشيا مع التحول الذي طرأ على بنية النظام الدولي الذي أصبح يسير نحو التعددية القطبية، الشيئ الذي أصبح يحتم على المغرب صياغة سياساته الخارجية على ضوء هذه المستجدات، بالعمل على نسج تحالفاته مع القوى الدولية الجديدة التي أصبح لها دور كبير ومؤثر في الساحة الاقتصادية والسياسية الدولية، حماية لمصالحه وتعزيزا لاستقلاليته. وبالمقابل تحاول فرنسا تكريس وضعية هيمنة استمرت حتى بعد الإعلان الرسمي عن استقلال المغرب وإلغاء معاهدة الحماية في 2 مارس 1956، إذ ظل المغرب تحت الوصاية الاقتصادية الفرنسية بحكم مجموعة من العوامل الموضوعية التي رسختها الحماية، وفي مقدمتها رواج العملة الفرنسية والخضوع لوحدة جمركية مع فرنسا وهيمنة البنوك الفرنسية والرأسمال الفرنسي على الاقتصاد الوطني، فضلا عن التزام المغرب إلى غاية 1959 بتوجيه صادراته حصريا نحو فرنسا، واستيراد حاجياته بالمرور إجباريا عبر باريس، لأنها كانت المصدر الوحيد للعملة الصعبة. واستمر الوضع إلى أن أدركت الدولة المغربية أن استقلالها السياسي والإداري عن فرنسا سيبقى شكليا ما لم تحقق استقلالها الاقتصادي والمالي الذي يعد المدخل الحقيقي لاسترجاع السيادة الوطنية، والتحكم في إدارة موارد الدولة، من هنا شرعت الحكومات المغربية منذ البدايات الأولى للاستقلال في التخطيط لبناء اقتصاد وطني مستقل ومنفصل عن الأنظمة والهياكل الاقتصادية التي أوجدتها الحماية. ياسين قُطيب

نهاية الوصاية بعد الحماية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ماما فرنسا المفترسة

بكر ... رحيل الساخر الأكبر

مقالات ذات صلة