تعكسها عبارات مثل "ها هوا فوق راسي لا تقولو فرماسي" و"الصباح صباح مواليه" تحبل الأغاني والأهازيج الشعبية بالعديد من المقاطع والجمل التي تتغنى بعذرية الفتاة وحفاظها على غشاء البكارة سليما، إلى حين ليلة عرسها، وهو ما تعكسه عبارات من قبيل "ها هو فوق راسي لا تكولوا فارماسي" أو "الصباح صباح ماليه.. الملحة والسر عليه" وغيرها من المقاطع التي تردد في الأعراس. هي مقاطع من أغان شعبية متوارثة وشهيرة، تعبر عن الفرحة بالقماشة البيضاء المغمسة بدماء البكارة، وطهارة العذرية، على أنغام الموسيقى والزغاريد، وتكشف جزءا مهما من الثقافة الشعبية التي ما زالت تنظر إلى غشاء البكارة رمزا للطهارة والعفة بالمعنى المعياري والأخلاقي للكلمة. ووفقا لهذا التصور، فإن مؤسسة الزواج تبقى مهمة في تصور العديد من الأفراد في المغرب، خصوصا بالنسبة إلى النساء، بسبب الضغوطات المجتمعية من طرف الأسرة التي تسعى إلى مراقبة جسد المرأة وجنسانيتها، لكن أيضا بسبب عدم قبول العديد من الرجال الزواج بامرأة لا تحتفظ بغشاء بكارتها، في محاولة أخرى لمراقبة جسدها وجنسانيتها حتى قبل الزواج، فإن العديد من الفتيات اللواتي لا يحتفظن بغشاء البكارة، واللواتي يرغبن في دخول مؤسسة الزواج، يفضلن إعادة ترقيعه لضمان دخول تلك المؤسسة الزوجية بأقل الأضرار. ورغم أن غشاء البكارة، علميا، لا وظيفة بيولوجية أو صحية له، إذ أن وجوده أو عدمه لا يؤثر على صحة المرأة الجسدية والإنجابية. كذلك، فإن وجوده لا يعني الغياب التام لكل علاقة جنسية، لأن العديد من الفتيات لهن ممارسات جنسية بدون إيلاج، تمكنهن من التوفيق بين المتعة الجنسية وبين التجاوب مع إكراهات المجتمع. هذا يعني أن وجود الغشاء لا يعني، علميا، ثبوت البكارة والعذرية بقدر ما يترجم غياب علاقة جنسية بالإيلاج، أما التصور المجتمعي فيربطه، خطأ، بالعذرية. وتتداخل في تكريس هذه الثقافة رواسب الثقافة الدينية والمجتمعية، لأن الدين يفرض الامتناع عن الجنس قبل الزواج بالنسبة إلى الرجال والنساء (باستثناء العلاقات الجنسية التي كانت مباحة للرجال مع "ما ملكت أيمانهم"). ليس هناك نص ديني، باستثناء كلام الفقهاء، يتحدث عن بكارة وعذرية المرأة. هو إذن بناء مجتمعي يرسخ العقلية الذكورية التي تعطي للرجل الحق في المتعة الجنسية وتراقب جسد المرأة، عبر عدد من الآليات، يوجد غشاء البكارة ضمنها. عزيز المجدوب