تزوير السيارات … مسؤولون في قفص الاتهام
شبكات إجرامية تستغل تواطؤ موظفين وناقلات مسروقة تتجول بوثائق مشبوهة
رغم تشدد الدولة عبر التشريعات في حماية الناقلات وتقنين تجولها وفرض معايير خاصة وإجراءات حصرية لتملكها، إلا أن تلك الحماية تخترق من قبل شبكات إجرامية متخصصة في التلاعب بالمساطر وتزوير الوثائق، بل إن بعضها أصبح محترفا لدرجة تركيب سيارات جديدة، على مقاس أخرى قديمة أو متهالكة.
وكشفت ملفات أحيلت على القضاء وأوقف فيها مشتبه فيهم، عن تطور الجرائم المرتبطة بتزوير السيارات، لدرجة أن شبكات جرت معها مسؤولين من موظفي النقل المكلفين بالسهر على سلامة إجراءات نقل الملكية أو التعشير وغيرها.
وبخلاف السيارات المسروقة من داخل المملكة والتي يتم التلاعب في وثائقها وإطارها ورقم هيكلها، فإن سيارات أخرى تسرق من أوربا، بعضها بتواطؤ مع أصحابها، الذين يبيعونها ويعمدون إلى التبليغ عن سرقتها عند تأكدهم من دخولها التراب المغربي، قصد الاستفادة من التأمين عن السرقة، قبل تحويل وجهتها نحو موريتانيا ودول جنوب الصحراء، إذ تشرف مافيا على العمليات الإجرامية.
كما تتم سرقة سيارات لاستعمالها في أغراض نقل الممنوعات ويعمد المشتبه فيهم إلى بيعها لعصابات الاتجار في المخدرات، وتزوير صفائحها، إذ حين المطاردة يتركونها ويفرون. وهناك شبكات تعمد إلى سرقة السيارات، من أجل تفكيكها وإعادة بيع قطع غيارها في أسواق المتلاشيات.
م. ص
مراكـز تسجيـل دون علـم الـوزارة
فضيحة سوق أربعاء الغرب كشفت قدرة عصابات على اختراق مصالح مختلفة
انتهت واقعة سوق أربعاء الغرب، بعد مداهمة عناصر الفرقة المحلية للشرطة القضائية بالمفوضية الجهوية للأمن، أخيرا، مرأبا يشبه ملحقة تابعة لمركز تسجيل للسيارات، بحجز ما يزيد عن 40 وثيقة مزورة، ضمنها 22 بطاقة رمادية، ووثائق لشركات تأمينات وبطائق خاصة بتحويل شهادات الملكية.
وبين تعميق البحث أن الأمر يتعلق بشبكة مختصة في تزوير وثائق السيارات والتلاعب فيها واستخراج بطائق رمادية بعد تحويل مركبات تحتوي على أرقام هياكل مزورة، قصد إعادة بيعها بطرق ملتوية.
هذه واحدة من القضايا التي باتت تؤرق ليس الأمن وحده، بل حتى مسؤولي المديرية العامة للجمارك والضرائب غير المباشرة ومراكز تسجيل السيارات التابعة لمديرية النقل والسلامة الطرقية “نارسا” وأيضا شركات التأمينات، بعدما استطاعت هذه العصابات اختراق مجموعة من هذه المصالح، ضمنها المقاطعات الحضرية، لتحويل ملكيات سيارات بالتدليس، ووجد منها أفراد هذه العصابات وسيلة للاغتناء السريع، بل تحول بعضهم إلى مقاول يملك مستوعات لبيع السيارات المستعملة. وأمر الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالقنيطرة، منتصف الأسبوع الماضي، بتعميق البحث في النازلة مع الموقوف الرئيسي صاحب المرأب، وبزيارة مصالح مختلفة من اجل إماطة اللثام عن كيفية الحصول على البطائق الرمادية الخاصة بالسيارات المحجوزة، وبوليصات التأمين عن الحوادث وشهادات انتقال الملكية، ومختلف الوثائق التي يتحوزها هؤلاء للتأكد من صحة التوقيعات الواردة بها وكيفية استخراجها.
ووضعت النازلة الثقيلة مسؤولين كبارا في قفص الاتهام، لتوجه النيابة العامة تعليماتها بإجراء خبرة على المحجوزات للتأكد من صحة الوثائق والجهات التي استخرجتها، ومازال البحث مفتوحا في الموضوع، بعد إحالة المشتبه فيه على قاضي التحقيق الذي أودعه السجن الاحتياطي، في انتظار الإفراج عن الخبرات التقنية.
هذه واحدة من القضايا التي استطاعت شبكات مختصة في التزوير والاغتناء غير المشروع باستعمال التدليس التلاعب في مثل هذه الحالات بمختلف الوثائق وإغراء الموظفين البسطاء بمبالغ مالية مهمة، ليجدوا أنفسهم أمام جرائم تكوين عصابات إجرامية وسرقة السيارات وتزوير هياكلها والارتشاء عن طريق تقديم مبالغ مالية للقيام بعمل من أعمال الوظيفة.
وتساهم مثل هذه العمليات في إلحاق خسائر مادية كبيرة ليس فحسب ضد الشركات الدولية المشتكية عن طريق منظمة الشرطة الدولية “أنتربول”، بل أيضا تضيع على خزينة الدولة عبر إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة ومختلف المصالح المتدخلة مبالغ مالية مهمة، ما دفع القضاء إلى تكييف هذه الجرائم إلى جنايات ثقيلة تصل عقوبتها السجنية إلى عشر سنوات سجنا نافذا.
عبدالحليم لعريبي