غياب رؤية واضحة دفع المجلس إلى إحداث خارطة طريق جديدة للعلاقة بينهما وقف المجلس الأعلى للسلطة القضائية في علاقته مع الجمعيات المهنية القضائية، على وجود بعض العراقيل التي تقف حاجزا أمام تطويرها وفق المقاربة التشاركية، إذ أظهرت نتائج الفحص التي أجراها المجلس انعدام التواصل الشفاف والمستدام بينهما، وغياب رؤية واضحة ومشتركة للأدوار القانونية والمؤسساتية والميدانية لكل طرف منها، وعدم وجود محددات للعلاقة بين الجمعيات المهنية وباقي المؤسسات الدستورية والحكومية، خاصة بين الجمعيات المهنية والمجلس الأعلى للسلطة القضائية. ومن بين النقاط التي تغيب فيها المقاربة التشاورية الاشتراكية، تلك المتعلقة بعدم تحديد الأهداف التي ينبغي الاشتغال عليها بشكل مشترك والمتمثلة أساسا في خدمة المصلحة القضائية وتحقيق المبادئ والقيم القضائية العليا، والتي من المفترض أن توضع فوق كل اعتبار، وغياب إطار متفق عليه للتعامل والتواصل والتشارك لتحقيق الغايات، كل حسب مهامه الدستورية والقانونية والميدانية في احترام تام لهوية كل فاعل في هذا المجال. الوضعية تلك دفعت المجلس الأعلى للسلطة القضائية إلى وضع اتفاقية شراكة وتعاون بينه وبين الجمعيات المهنية لتحديد وتأطير طريقة العمل المشترك بينهما، في إطار التأسيس لمرحلة جديدة، شرع في مناقشتها مع الجمعيات المهنية في انتظار اتفاق على الصياغة النهائية لها لتوقيعها. وتم تسطير أهداف لتلك المقاربة التشاركية تأتي في مقدمتها حماية استقلال القضاء في جوانبه القانونية والمؤسساتية، والمساهمة في التكوين المستمر وتقوية القدرات المهنية والتواصلية للقضاة، والعمل على تقوية الحماية الاجتماعية للقضاة، والتنزيل السليم لمقتضيات مدونة الأخلاقيات القضائية، ودعم وتطوير الدور الاستشاري للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وتنظيم التظاهرات الثقافية والترفيهية لفائدة القضاة، والتعريف بالتجربة الوطنية المتميزة في مجال استقلال السلطة القضائية، وتكريس ثقافة حقوق الإنسان وتعزيز دور القضاء في إعمال القانون الدولي لحقوق الإنسان. ومن بين الالتزامات التي وضعتها الاتفاقية على عاتق الجمعيات المهنية، موافاة المجلس بالبرامج المتعلقة بتنفيذ الاتفاقية، والمساهمة في إنجاح ورش استقلال السلطة القضائية، والتعريف بالتجربة المغربية وطنيا ودوليا، وتنظيم أيام دراسية بالتنسيق مع المجلس للتعريف باختصاصاته ومخططه الإستراتيجي، ولقاءات تحسيسية بمضامين مدونة الأخلاقيات القضائية، وعقد لقاءات وطنية وجهوية مع القضاة، من أجل تلقي ملاحظاتهم واقتراحاتهم بخصوص تجويد العمل بالمحاكم، مع موافاة المجلس بنتائجها، والالتزام باعتماد الحوار الجاد والمسؤول من خلال القنوات التواصلية عبر الآليات المحدثة بمقتضى هذه الاتفاقية في مناقشة الأمور المهنية، التي تخص القضاة وبما لا يتعارض مع واجب التحفظ والوقار والأخلاقيات القضائية. أما في ما يتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية فقد وضع مشروع الاتفاقية على عاتقه العديد من التزامات العمل، تبدأ من خلال توفير الوسائل المادية واللوجيستيكية المتاحة والموارد البشرية الممكنة لتنفيذ البرامج والمشاريع المتفق عليها مع الجمعيات المهنية، أو مع كل جمعية مهنية على حدة، تنفيذا لمقتضيات هذه الاتفاقية، وتنظيم ندوات وأيام دراسية وموائد مستديرة مشتركة ودورات تكوينية لفائدة منخرطي الجمعيات المهنية، بمبادرة من المجلس أو بطلب من الجمعيات المهنية المعنية، خاصة في مواضيع التدبير الجمعوي وتقنيات التواصل وحقوق الإنسان والأخلاقيات القضائية، ودعوة الجمعيات كلما اقتضت المصلحة إلى المشاركة في إعداد دراسات وتقارير تتعلق بمنظومة العدالة، وبالوضعيتين المهنية والاجتماعية للقضاة وبرامج ومخططات عمل المجلس، وفتح قنوات الإنصات والتواصل والتفاعل الآني مع ملتمسات الجمعيات حول الإشكالات المتعلقة بالشؤون المهنية لمنخرطيها، والعمل على دراستها وتقييمها ومعالجتها والإخبار بمآلها، ضمانا للمعالجة الداخلية الرصينة والبناءة لهذه الإشكالات. كريمة مصلي