fbpx
مجتمع

الأضاحي … “فوق الشواية”

أثمنة حارقة بـ “راس العين” وموسم ارتفاع الأسعار من “حظ” تجار الأزمة

ارتفاع أسعار الأضحيات بشكل غير مسبوق هذا الموسم، دفع عددا من أرباب الأسر وكذا الأزواج وأفراد العائلة إلى شد الرحال والتنقل بين عدة أماكن، لجس نبض أسواق الماشية، بحثا عن ثمن معقول وسط لهيب الأسعار المنتشر وسط المدن.

إنجاز : محمد بها / تصوير : (عبد اللطيف مفيق)

«سوق راس العين»، بإقليم سطات، واحد من الأسواق الأسبوعية التي تشهد حركة دؤوبة من قبل الزوار، نظرا لما يتميز به الفضاء من عرض لأغنام ذات جودة كبيرة، خاصة المنتمية لسلالة “الصردي» باعتبار المنطقة تنتمي إلى جهة الشاوية التي تحفل بأجود أنواع الغنم، إلا أن حمى ارتفاع أسعار الأضحيات لم تستثن السوق الذي اختار تفعيل المثل المغربي “دير كما دار جارك ولا حول باب دارك” بعد دخول “الشناقة» على خط البيع وعرض أغنام بأسعار خيالية.

ازدحام يخفي الثمن
بمجرد تجاوز الزائر البوابة الرئيسية لسوق راس العين واختراقه بالمرور عبر خيم منصوبة لباعة الخضر والسلع والمقاهي والمطاعم الشعبية، يثيره مشهد تجمعات كثيفة حول أنواع من الخرفان والأكباش، يقف خلفها شباب ورجال وشيوخ قدموا من البوادي لعرض أضاحي العيد، أملا في بيعها للزبون المستحق لها.
ويعتقد الناس أن الازدحام سببه الثمن المنخفض بالقول “باينة من الزحام الثمن ناقص فهاد السوق”، إلا أن قيامه بعملية جس النبض بمساومة عدد من العارضين يجعله يصدم وتتأكد له حقيقة المثل القائل “ماتبدل صاحبك غير بما كرف”.

احتقان وسط الزبناء
«هاد العام كلشي متافق علينا، اللي ما كملو غلاء المواد الغذائية والمازوط زادو الحولي”، “العرض كثر من الطلب والثمن غالي فهم تسطى”، “ملي وصل الحولي ل7 آلاف درهم مابقى معنى للعيد”، “هاد العام كيبان ليا الدرويش محال واش اعيد”…من بين عبارات الاستهجان التي توحد فيها الزبناء القادمون من عدة مناطق، خاصة البيضاء وبرشيد وسطات، الذين كانوا يمنون النفس في العثور على كبش ذي جودة وبثمن معقول، مقارنة مع الأسعار الملتهبة التي تركوها خلف ظهورهم وسط مدينتهم وضواحيها، قبل أن يتأكد لهم أن رحلتهم التي قطعوها بالكيلومترات إلى الأسواق الأسبوعية لم تسفر عن أي نتيجة.
وأدى الموقف الموحد للكسابة وتعنتهم في رفع ثمن البيع إلى أسعار قياسية، إلى ظهور احتقان كبير وسط الزبناء، الذين وجدوا أنفسهم رهينة بين «قصوحية» الكسابة الساعين إلى تعويض خسائر موسم فلاحي ضعيف ومصاريف “العلف”، وأساليب الشناقة الذين وجدوا في قضية “السوق طالع” فرصة للتأثير على سوق الثمن وتحقيق أرباح خيالية على حساب المواطن المقهور.

أساليب لتخفيض الثمن
في إطار الحرب الدائرة بين الباعة والزبائن وسياسة الحذر، التي تطبع علاقتهما في ظل رغبة كل طرف في كسب معركة الأسعار وتحقيق الربح، اهتدى عدد من رواد رحبة الغنم إلى قرار الاكتفاء بمعاينة الأكباش ومساومة الكسابة والشناقة، الذين يحيطون بهم لجس نبض السوق، وتأجيل قضية الشراء إلى حين القيام بجولات أخرى في باقي الأسواق الأسبوعية وكذا استقصاء أثمنة العارضين في الكراجات ومناطق “الرحبة” المقامة وسط عدة أحياء بالمراكز الحضرية لمعرفة القيمة الحقيقية لسوق المواشي إن كان فعلا “طالع أو غادي وكينزل» مع توالي الأيام وحجم الإقبال.
وعلق أحد الزبناء على الوضع بالسوق «الكسابة والشناقة دارو مابغاو هاد العام، واش الحولي ديال 35 ألف داير 55، وديال 65 داير 85، وديال 70 وصل 5000 درهم وابزاف»، مشددا على أن الأسعار الخيالية التي يتم تداولها وباتفاق بين العارضين تصيب المواطن المغلوب على أمره سواء أصحاب الدخل المحدود أو الطبقة المتوسطة التي أنهكها ارتفاع الأسعار، بالخوف من المصير المجهول، قبل أن يختم كلامه بالقول «كيبان ليا إلى بقى الثمن طالع الدرويش محال إعيد هاد العام”.
ويأتي الإقبال الضعيف على شراء أضحية العيد، في إطار رغبة عدد من أرباب الأسر في الضغط على الباعة لتخفيض الأسعار بالقول “خليه ابعبع عندهم راه غير تنقص الحركة غايبعيو بثمن قل، حيث براسهم ماغايبغوش ارجعوا الغنم والعلف غالي”.

تبريرات الباعة
جوابا عن تساؤلات الزبناء حول الأسباب الحقيقية وراء ارتفاع ثمن الأكباش رغم وفرة عرض سوق الأغنام والماعز ببلوغ 8 ملايين رأس هذه السنة، مقابل طلب لا يتجاوز 5.6 ملايين رأس، حاول عدد من الباعة تبرير الثمن الخيالي الذي فرضوه على الراغبين في شراء أضحية العيد، بالاستعانة بغلاء الأعلاف في ظل موسم فلاحي ضعيف وكذا تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا، ومصاريف النقل أمام الارتفاع المهول للمحروقات.
وشدد عدد من الكسابة وبعض الشناقة الذين كانوا يتحلقون حول الزبون المحاجج للثمن بهدف تشتيت انتباهه لدفعه إلى اقتناء الكبش بالثمن الذي يرغبون فيه، (شددوا) على أنه رغم الاتفاق على غلاء أثمنة بيع الأضاحي إلا أن ذلك لا ينقص من جودتها، التي تظل أهم من الثمن المعروض، مشيرين إلى أن هناك خرفانا أقل لكنها لم تخضع للعلف المطلوب «مامعلفاش مزيان”، قبل أن يختموا تبريراتهم بالقول “والسوق هو هذا وكل اشري على قد جيبو وزايدون راه المليح بثمنوا زيد الما زيد الدقيق”.

“الحولية دايرة الكرون”
في الوقت الذي اعتاد فيه الناس على الثمن المرتفع للكبش مقارنة بـ»الحولية»، التي لم يكن سعرها يتجاوز 1000 درهم في أقصى الحالات التي تكون فيها النعجة ذات جودة متميزة عن جنسها، صدموا بتحول جذري في قيمة الحولية، التي أصبحت هذا الموسم في زمن غلاء الأسعار، تنافس الكبش. ويتضح من خلال معاينة “الصباح”، لعدد من النعاج كيف وصل ثمنها إلى سعر قياسي، مقارنة بالأعوام السابقة، إذ أدت موضة “كلشي غالي” إلى استغلال الوضع للتجرؤ على عرض بعض النعاج الهزيلة بأثمنة مرتفعة دون إعمال للعقل، حيث وصل بعضها إلى 2000 درهم بينما اختار آخرون عرضها ب1600 درهم تشجيعا منهم على شرائها، وهي الأسعار التي علق عليها بعض الزبناء بسخرية لاذعة بالقول “واكيبان ليا هاد العام الحولية دارت الكرون مابقاتش سويهلة» «دابا اللي بغى اتفطح إعيد بحولية ديال 40 ألف ريال…».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات

نود أن نشكركم على زيارتكم لموقعنا. لكننا نود أيضًا تقديم تجربة مميزة ومثيرة لكم. لكن يبدو أن مانع الإعلانات الذي تستخدمونه يعيقنا في تقديم أفضل ما لدينا.