fbpx
الأولى

حملة “كب الما فالرملة”

يجب القطع مع الزراعات التي تستنزف ثروتنا المائية ومنع ملاعب “الكولف” والعودة إلى زمن “البرمة”

مرة أخرى، تطلق وزارة التجهيز والماء حملتها التوعوية، من أجل وقف تبذير الماء وترشيد استهلاكه. وهي حملة يبدو أنها لن تصل إلى أي نتيجة تذكر، في ظل انعدام الوعي لدى المواطنين بأهمية هذا المورد الطبيعي الحيوي، وفي ظل الأنانية التي تميز طباع العديدين منا، من حاملي شعار “أنا، ومن بعدي الطوفان”، علما أن الطوفان اليوم، سيجرفنا جميعا، مع أننا في مرحلة جفاف قاتل.

إن الوزارة الوصية على القطاع، بمثل حملاتها هذه، وكأنها “كا تكب الما فالرملة”. فمبادرة التحسيس والتوعية، رغم نبلها ورقيها، إلا أنها لن تؤتي أكلها في بلد يفتقر سكانه، بفقرائه وأثريائه، ونخبته وحضيضه، لحس المواطنة، ولوعي جماعي. إن المواطن المغربي، والإنسان بطبعه عموما، لا يمتثل إلا أمام قانون زجري، يستحضره، كلما فكر في الخروج عنه. لذلك، ومن باب التعجيل وعدم إضاعة الوقت في حملات تأثيثية أكثر منها عملية، من الأفضل اللجوء إلى حلول منطقية، أثبتت نجاعتها في حالات مشابهة.

على السلطات اليوم، أن “تتحزم” لبعض السلوكات الرعناء وتتخذ عددا من الإجراءات الصارمة من أجل تقنين استعمال الماء، على كل من سولت له نفسه تضييع هذه الثروة التي جعلت الطبيعة منها كل شيء حي. يجب فرض غرامات ثقيلة على كل من سولت له نفسه غسل سيارته ب”السطولة ديال الما”، بدل الاكتفاء ب”طاسة” صغيرة و”شيفون”، أو من “يسيق” أمام باب داره أو يسقي حديقة بيته بخرطوم تظل المياه “تشرشر” منه، حتى بعد الانتهاء من التنظيف. يجب فرض “كوطا” على الحمامات التقليدية أو العودة بها إلى زمن “البرمة” بدل “بزابيز” الماء التي تظل مفتوحة على عواهنها، مع أنها لا تستعمل. وقد نوغل في التطرف ونطالب بإقفال هذه الحمامات بما فيها التركية و”السبا”، وكفى المؤمنين شر القتال. يجب أيضا أن ترتفع قيمة المبلغ المالي الذي يتم سداده مقابل استغلال الماء، حتى يشعر المستهلك بأثره على جيبه، عل وعسى يردعه ذلك عن تبذير هذه النعمة.

قضية الماء اليوم لا تهم وزارة نزار البركة وحدها، بل يجب أن تتجند لها الحكومة كلها وأن تنخرط فيها جميع مؤسسات الدولة، بما فيها المؤسسة الملكية.

يجب أن نقطع مع الزراعات التي تستنزف فرشاتنا ومياهنا الجوفية، مثل الأفوكا والدلاح، والتوقف عن دعمها. علينا معاقبة حفار الآبار غير المرخص لها، داخل الفيلات والضيعات الخاصة ل”فلان” و”ابن علان”. يجب علينا أيضا التوقف عن سقي المناطق الخضراء، وملاعب “الكولف” الشاسعة، بالمياه الصالحة للشرب، فقط من أجل رفاهية حفنة من الأثرياء يستفيدون من ثروات هذه البلاد المادية والطبيعية، ويحتفظون هم بثرواتهم في أبناك سويسرا وفي الجنات الضريبية.

إننا اليوم في حالة طوارئ مائية. سدودنا “واكحة”. يتهددنا العطش. ناتجنا الخام ضعيف. ميزانيتنا مثقوبة. ديوننا ضخمة. مواردنا فقيرة. الجفاف يحيط بنا من كل جانب. تنتظرنا سنوات عجاف في الأفق بسبب التغيرات المناخية. مواطنونا طفح بهم الكيل من فرط الغلاء وغياب العدالة الاجتماعية.

الصورة ليست متشائمة. إنه الواقع الأليم والمر لعالم سيشن حروبه المستقبلية من أجل قطرة ماء. فهل من متدبر حكيم؟

نورا الفواري


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات

نود أن نشكركم على زيارتكم لموقعنا. لكننا نود أيضًا تقديم تجربة مميزة ومثيرة لكم. لكن يبدو أن مانع الإعلانات الذي تستخدمونه يعيقنا في تقديم أفضل ما لدينا.