“ما معيدينش” … المقاطعون يستعيدون “البوز”
دعوات للامتناع عن الشعيرة بمبرر الغلاء وآخرون يشفقون على مآل الخروف
تنتعش عبقرية المغاربة “الافتراضيين” في الأعياد الدينية، فيسخرون من الغلاء بمقاطعة السلع، ويتهكمون على ارتفاع أسعارها بتبخيس المنتجات، ويتحدون لإطلاق “الهاشتاغات”، رغم أن حروب “روتيني اليومي” أنهكتهم في “فيسبوك” و”إنستغرام” و”تيك توك”.
ولأن مقاطعة السلع مثل التثاؤب، سريعة العدوى والانتشار، فإن “الافتراضيين” اعتبروها سلاحا فعالا صالحا لكل المناسبات، فقاطعوا الحليب بـ “خليه يروب” والدجاج بـ “خليه يقاقي”، والمدارس الخصوصية ومشاهدة برامج تلفزيونية، والبنزين وقيادة السيارات، وامتنعوا عن اقتناء “الشامبوان” والمياه المعدنية، والسلع الفرنسية والأفلام التركية، وقاطعوا معلقي بعض مباريات كرة القدم على “الرياضية”… فالمقاطعون في ما يعشقون مذاهب.
ومع اقتراب عيد الأضحى استعاد المقاطعون “الافتراضيون” متعة “البوز”، فتنافسوا في الدعوة إلى الامتناع عن اقتناء الأضحية، حتى انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي “هاشتاغات” عديدة، أشهرها “خليه يبعبع” و”ما معيدينش” الذي احتل “الطوندونس”، وأزاح كل المعارك الافتراضية من عروشها، خاصة أنه يلامس قلوب وعقول المكتوين بنيران الغلاء.
تعددت المنشورات في “الفضاء الأزرق” الداعية للامتناع عن اقتناء الأضحية، بدعوى غلاء أسعار الأكباش بأسواق المواشي، واقترح بعضهم قضاء عيد الأضحى مع أفراد أسرهم والاكتفاء باقتناء كمية محددة من اللحوم من الجزار ليوم العيد، مشيرين إلى أن ارتفاع الأسعار شل قدرتهم الشرائية، فأسعار الأضاحي شهدت ارتفاعا ملحوظا مقارنة مع السنوات الماضية، والكسابة استغلوا الظرفية الاقتصادية لتحقيق أرباح خيالية، غير آبهين بمعاناة البسطاء من ارتفاع أسعار المحروقات والمواد الغذائية الأساسية، ومصاريف العطلة الصيفية ونهاية الموسم الدراسي.
في الماضي تحول الكبش إلى “نجم” مع اقتراب العيد. أما الآن، فأصبح فرصة لتحقيق “البوز”، فلا تقتصر دعوات مقاطعة اقتنائه على ضيق ذات اليد، بل استغلها آخرون لتحقيق أحلامهم، فأسسوا مجموعة افتراضية أطلقوا عليها اسم “ما معيدينش”، هدفها تصفية الحسابات مع شعيرة ذبح الخروف، إذ يرون أنها قائمة على أسس غير سليمة من الناحية المنطقية، فرفعوا شعار “لا للهمجية .. لا للسادية … جميعا ضد عيد الأضحى”، مبررين دعوتهم بأن هدفها “ليس هو الدعوة إلى عدم أكل اللحوم، بما أن أغلبهم يتناولها في باقي أيام السنة، وليس لأنهم يشفقون على الخراف ويتقززون من مظاهر الذبح التي يعرف بها هذا العيد، لكن لأن سنة التضحية مبنية على أسس هشة”، كما يقول زعيمهم الذي يضيف، في تصريحات إعلامية أن “النبي إبراهيم رأى في المنام أنه يذبح ابنه، وما إن هم بذلك في الواقع، حتى نزل عليه كبش سمين من السماء، ومنذ ذلك الحين أصبح عيد القرابين شعيرة إسلامية راسخة في شكل يتداخل فيه الميتافيزيقي مع الأسطوري”.
خالد العطاوي