التقييم الأمني … “اللي فرط يكرط”
مخالفة توجهات المديرية العامة للأمن الوطني تعصف بكبار المسؤولين
شرعت المديرية العامة للأمن الوطني، في إعادة تقييم عمل المصالح الأمنية الخارجية، لمعرفة مدى ملاءمة العمل الميداني لمختلف المصالح مع التوجهات الكبرى التي حددتها المديرية في مجال الأمن العام وتجويد الخدمات الشرطية. بعض من مراحل التقييم أظهر عدم الالتزام الدقيق والتام بالمذكرات المصلحية المنظمة للعمل الشرطي في علاقته بخدمة المواطنين، لتصدر المديرية قرارات تأديبية لتفادي النواقص المسجلة، وتحقيق الفعالية الأمنية، مطبقة المثل الشهير «اللي فرط يكرط».
إنجاز:عبدالحليم لعريبي
اعتمدت المديرية العامة للأمن الوطني على إستراتيجية جديدة لتحسين وتدبير المرفق الأمني، قوامها «تقييم مجال العمل الأمني» بدأته ببعض المدن الكبرى، منذ السنة الماضية، لإنجاز تقارير شاملة من أجل إعادة استقرائها واتخاذ ما يلزم من متعين، إذا ظهرت مكامن الخلل في التقصير المهني ومعالجة قضايا الشأن الأمني في وقته المحدد.
عماد هذه الإستراتيجية هو نزول كبار المسؤولين المركزيين إلى الميدان لمؤازرة الأمن المحلي للمدن، كما حدث بوجدة وآسفي وأكادير وسلا، هذه الخطة هدفها معرفة مكامن الخلل لدى المصالح اللاممركزة لعلاج الداء وتقييم الأداء.
مهمة مديرية الشرطة القضائية
أسندت المديرية العامة للأمن الوطني مهمة النزول إلى الميدان إلى مديرية الشرطة القضائية، نظرا لما تتميز به مصالحها المركزية من خبرة في محاربة الجريمة والتصاقها بالجهاز القضائي من خلال مساعدة ممثلي النيابات العامة باعتبارهم ضباطا سامين للشرطة القضائية، ليختار محمد الدخيسي الخروج بنفسه إلى الشارع العام مؤازرا بولاة أمن ومراقبين عامين وعمداء إقليميين وعمداء شرطة، كما وضعت المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني إلى جانبه، فرقة خاصة تابعة للمكتب المركزي للأبحاث القضائية «بسيج» لإنجاح الحملات الأمنية ومداهمة النقط السوداء، سيما بالمدن الكبيرة كما حدث بسلا قبل ستة أسابيع.
المبحوث عنهم أولا
تضع مديرية الشرطة القضائية لوائح للمبحوث عنهم سيما المسجلين ضمن خانة الخطر، في قائمة المستهدفين، والذين تعجز المصالح المحلية للأمن عن إيقافهم أو تتغاضى عن التحقيق معهم لأغراض مشبوهة، ما يجعل المصالح الأمنية تضع في إستراتيجيتها خطة المبحوث عنهم أولا لإماطة اللثام عن الأسباب الحقيقية وراء عدم تنفيذ تعليمات النيابة العامة الكتابية من أجل إيقاف هذه الشريحة وحل ألغاز جرائم تكون بعضها مركبة.
واصطدمت المصالح المركزية بمجموعة من المدن التي شملتها خطة نزول المسؤولين المركزيين إلى الشوارع بوجود الآلاف من المبحوث عنهم في قضايا مختلفة بعضهم كان يجول بكل حرية حتى يستفيد من التقادم القضائي والإفلات من العقاب، وهو ما يطرح إشكالية النجاعة الأمنية في ظل التحديث الجديد الذي بدأته المديرية العامة للأمن الوطني منذ سبع سنوات.
معالجة الشكايات ثانيا
تطلب المصالح المركزية لمديرية الشرطة القضائية من مختلف المناطق الإقليمية للأمن بجرد الشكايات التي مازالت برفوف الأمن المحلي والتي تتم معالجتها، قصد إعادة النظر فيها من جديد وتحرير محاضر في شأنها عبر استدعاء مختلف الأطراف فيها، وإذا تبين تقاعس المشتكى بهم في التخلف عن الحضور، تتكلف فرق التدخل المركزية بالتنسيق مع الضابطة المحلية لملاحقتهم من أجل فتح محاضر استماع لهم.
وفي حال ثبوت تقصير أمني لمعالجة الشكايات وتقديم أطرافها أمام القضاء تبدأ الأبحاث الإدارية لمعرفة الأسباب الرئيسية وراء عدم تفعيل القانون، سيما إذا وجدت المصالح المركزية أن لا مشاكل في إنجاز المساطر البسيطة خصوصا المتعلقة بسوء الجوار والسب والعنف والتهديد والتعاطي للدعارة وباقي الجنح التأديبية البسيطة.
غنائم الحملات
أسفرت عمليات الحجز والتفتيش من خلال ضبط المتحصلات الإجرامية والمعدات المستخدمة لتسهيل اقتراف أفعال جرمية، عن ضبط 216 قطعة سلاح أبيض و4964 قرصا مهلوسا و239 سيارة تتنوع بين المركبات والدراجات النارية، إضافة إلى 49 كيلوغراما من المخدرات.
بعدما انتهت المديرية العامة للأمن الوطني من إجراء تقييم العمل الأمني، أصدرت عقوبات إدارية شملت إعفاء رئيس قيادة الهيأة الحضرية بالأمن الإقليمي بالمدينة ورئيس مصلحة الشرطة القضائية ورؤساء ثلاث مناطق أمنية بسلا المدينة والعيايدة وبطانة تابريكت، أما في المنطقة الأمنية الرابعة ومازالت المديرية العامة للأمن تجري فيها تقييما شاملا بعد تعيين رئيسها حوالي أربعة أشهر، كما شمل الإعفاء رئيسا الدائرتين الأمنيتين الأولى والثانية بحي السلام وتابريكت، كما أعفت مساعد أحدهما، إضافة إلى تنقيلات في صفوف ضباط للشرطة القضائية.
حالة سلا… الضبط والربط
أظهرت الحملات الأمنية التي أشرفت عليها مديرية الشرطة القضائية أن هناك تقاعسا في
التجاوب مع المواطنين من قبل مختلف الفرق الأمنية سيما مع شكايات المواطنين وعدم مواكبتهم لمخططات العمل التي وضعتها المديرية العامة للأمن الوطني، لخدمة أمن المواطنين وضمان سلامتهم من الجريمة.
وانكبت اللجنة المركزية على إجراء تقييم شامل لمردودية مصالح الشرطة القضائية والأمن العمومي، وذلك على مستوى نجاعة التغطية الأمنية وطبيعة الخدمات الشرطية المقدمة وإجراءات السلامة المرورية أو على مستوى طريقة التفاعل مع شكايات المواطنين سواء الواردة مباشرة أو عن طريق قاعة القيادة والتنسيق عبر الخط الهاتفي الأخضر 19، الذي جرى إحداثه قبل سبع سنوات وله علاقة بالفرق المتنقلة للنجدة والدراجات النارية عبر مجموع القطاعات السكنية سيما التي تعرف انتشارا كبيرا لمختلف مظاهر الانحراف من سرقات واتجار بالمخدرات وحيازة السلاح الأبيض الذي من شأنه المس بسلامة الأموال والأشخاص.
وكان الهدف من تلك الحملات إجراء تقييم شامل في الموضوع، بغرض إجراء تدخلات نوعية لملاحقة الأشخاص المبحوث عنهم وزجر كل مظاهر الجريمة بما يحقق تعزيز الشعور بالأمن لدى المواطنين والمواطنات.
نتائج ملموسة للحملات الأمنية
أسفرت العمليات الأمنية التي قامت بها مختلف وحدات التدخل المركزي والإقليمي عن إيقاف 13 ألف شخص، من بينهم 7504 أشخاص جرى ضبطهم في حالة تلبس باقتراف أفعال جرمية، كما تمت الإطاحة ب5413 شخصا مبحوثا عنهم بموجب مذكرات بحث في قضايا جنائية وجنحية مختلفة، إذ استهدفت هذه العمليات بشكل أساسي مكافحة مختلف الجرائم المطبوعة بالعنف والتي تشكل تهديدا حقيقيا لسلامة المواطنين وشعورهم بالأمن.
وبلغ عدد المبحوث عنهم الموقوفون في قضايا الاعتداءات الجسدية 2661 شخصا وفي الجرائم الماسة بالممتلكات بما فيها السرقات المشددة 522 موقوفا وقضايا الاتجار بالمخدرات سقط فيها 276 مروجا، وبالنسبة للجرائم المالية والاقتصادية 625 مبحوثا عنهم.
تقصير
قال العميد الأمني المتقاعد محمد أكضيض، إن التقييم الأمني، كما حدث بسلا، يرتبط بتقصير ولا يرقى إلى تقاعس المسؤولين الأمنيين عن أداء مهامهم، مضيفا أن العمل الأمني يبقى متداخلا بين المصالح الخارجية والمركزية.
وأوضح العميد الممتاز سابقا أن هناك توجها لتقليص الجريمة التقليدية كالسرقات والعنف والاتجار بالمخدرات، وكل ما يمس المواطن في الشارع العام، ولا يمكن بأي حال من الأحوال ألا تكون هناك جريمة بالمغرب، لكن حقيقة الأمر أن مؤسسة الأمن والمصالح الخارجية قلصت من نسبة الجريمة، التي تظهر لأسباب معلومة كحالات الطوارئ ولأسباب اجتماعية وغيرها، وهنا نجد حسب قوله أن مصالح الأمن بمختلف تلاوينها قد لا تتوانى في محاربة الجريمة من خلال المذكرات ومعالجة الاحصائيات.
ويشدد المتحدث نفسه على أن مصالح الأمن لا تتوقف عن محاربة الجريمة، وما تدوول من وجود الكلمة تقاعس فإنها ليست مناسبة ولا ملائمة، لأن هذه العبارة لا تنصف الكثير من رجال الأمن، وفي إطار التقييم الأمني، تبقى مواكبة المديرية المركزية أساسية عبر أجهزة مختلفة وأقسام لتتبع نوعية الجريمة وتحليلها، ويظهر حسب رأيه أن هناك تغييرا في تطور أساسي، كما أن هناك استثناءات ليست هي الإطار العام، ولذا فالمؤسسة تشتغل برجالها ونسائها لمحاربة الجريمة.
ولا بد من الإشارة إلى أن المغرب نجح في محاربة الجريمة الإرهابية وكذلك الهجرة غير الشرعية، وهناك اعتراف دولي سيما من قبل دول الجوار في محاربة هذه الظواهر، التي تبقى في إطار علاقات ثنائية والتزامات المغرب الدولية.
دعوات لحملات بمختلف المدن
تقاطرت مجموعة من التعليقات على قرارات الإعفاء، التي أشرت عليها المديرية العامة للأمن الوطني، وتمنى معلقوها أن تشمل الحملات الأمنية مجموعة من المدن، سيما الكبيرة منها.
وعنون معلق يقدم نفسه باسم حسن بقوله»برافو سي حموشي، المرجو القيام بالعمل نفسه في باقي المدن»، أما الآخر الذي علق باسم «كازاوي» فقال «نتمنى أن تكون مثل هذه المستجدات من نصيب المدينة «الغول» الدارالبيضاء التي كثر فيها الإجرام في كافة أحيائها الشعبية».
وبالنسبة للمعلق «مواطن» استرسل في كتابه «نتمنى أن تشمل هذه الإجراءات مدينة فاس عاجلا لأننا نذوق الويلات من تصرفات أشخاص مجرمين، فهناك السرقة والعنف بالدراجات النارية وحمل الأسلحة البيضاء بلا حسيب ولا رقيب وسياقة الدراجات النارية الاستعراضية ليلا والتهور في السياقة وعدم احترام القانون…ووو».