البيضاء… الأرض تنبت صفيحا

عاصمة الاقتصاد ترفض أن تكون بدون "براريك" وتناسل وحدات القصدير رغم تقنيات المراقبة خصصت الدولة أزيد من 3200 مليار سنتيم، من أجل القضاء على دور الصفيح بالتجمعات الحضرية وإعادة إسكان قاطنيها في مساكن تضمن الحد الأدنى من العيش الكريم. لكن الحصيلة تظل دون الأهداف التي كانت محددة، خاصة بالمدن الكبرى، مثل الدار البيضاء، التي فشلت كل المجهودات في تحويلها إلى مدينة دون صفيح، ورغم إعلان النوايا من قبل كل المسؤولين المتعاقبين باجتثاث أحزمة الصفيح التي تخنق العاصمة الاقتصادية، فإن دور «الصفيح» تتحدى كل محاولات القضاء عليها، إذ سرعان ما تظهر من جديد، بعد اختفائها مؤقتا، وكأن الأرض بالعاصمة الاقتصادية أصبحت تنبت صفيحا. عاينت «الصباح»، خلال جولة بمناطق مختلفة توالد «البراريك»، ويعتمد أصحابها حيلا لتفادي إثارة الانتباه. ترفض البيضاء بكل إصرار أن تتحول إلى مدينة بدون صفيح رغم كل المحاولات، وتمكن «الصفيح» من هزم كل المسؤولين الذين تعاقبوا على قطاع الإسكان والتعمير، سواء المحليين منهم أو المركزيين. لقد أطلقت برامج، منذ 2006، من أجل إعادة إسكان قاطني دور الصفيح، لكن بعد مرور سنوات ما تزال البيضاء متشبثة بـ"تراثها" الصفيحي، الذي تريد التميز عن باقي المدن، التي انهزمت وسمحت باقتلاع كل التجمعات الصفيحية بها وإعلانها مدنا بدون صفيح. ولم تكن تداعيات جائحة «كورونا»، على ما يبدو، سلبية على الجميع، بل مثلت لبعض منتهزي الفرص مناسبة لتحقيق أرباح هامة، على غرار سماسرة السكن العشوائي، الذين استغلوا فترة الحجر الصحي للمتاجرة في دور الصفيح وتفريخ عدد من «البراريك» وبيعها للباحثين عن مسكن. وهكذا عرف دوار «دراعو»، تجاوزات عمرانية، خلال فترة الحجر الصحي، إذ أنشئت عدد من دور الصفيح به تحت مرأى ومسمع السلطات المكلفة بالمراقبة. وأفادت مصادر بالمنطقة أن المتورطين في العملية يعمدون، خلال الفترة التي تسبق عيد الأضحى، إلى تسييج بقع أرضية ووضع بعض رؤوس الأغنام بها، استعدادا لبيعها خلال هذه المناسبة، للإيهام بأن استغلالها مؤقت، لكنهم يبادرون إلى بنائها في جنح الظلام، لتتحول إلى دور صفيح، يتم بيعها للباحثين عنها لاستغلالها في السكن والاستفادة من بقعة أرضية، خلال عمليات إعادة إسكان قاطني هذا التجمع. كما عاينت «الصباح» بعض العائلات التي ما تزال تقطن في أحياء صفيح سبق أن تمت إعادة إسكانها، وأفاد بعض القاطنين بهذه المناطق أنهم كانوا ضحية تلاعبات شابت عمليات الإحصاء، إذ أن بعض الأشخاص الذين كانوا يقطنون بالتجمع عمدوا إلى فتح أبواب متعددة بوحدة الصفيح التي يقطنون بها، وتم إحصاء كل باب على أنه مدخل لوحدة مستقلة، وهكذا تفرغت من مسكن واحد ثلاث وحدات بتواطؤ مع السلطات آنذاك، ما حرم عددا من الأشخاص الآخرين من الاستفادة من العملية، رغم أحقيتهم في ذلك، ما جعلهم يتشبثون بمساكنهم إلى حين الاستفادة. ويستغل بعض محترفي المتاجرة بدور الصفيح الوضع لتفريخ براريك أخرى، في انتظار إعادة إحصاء للأشخاص الذين لم يسبق لهم أن استفادوا. ويطرح المتتبعون عددا من الأسئلة حول الأسباب الحقيقية التي تقف وراء فشل كل هذه البرامج، وتتمحور كلها حول المسؤولية عن الإخفاق. الغريب في الأمر أن الجهات المسؤولة عن تنفيذ هذه البرنامج لم تفتح تحقيقا معمقا من أجل تسليط الضوء على الأسباب الحقيقية وراء فشل إخلاء البيضاء من أحزمة البؤس التي تحيط بها من كل جانب، بل هناك بعض أحياء الصفيح الموجودة في مناطق بقلب العاصمة. وأفادت مصادر مطلعة أن السبب الرئيس في الفشل يعود إلى التلاعبات التي شابت عمليات إحصاء قاطني دور الصفيح، إذ هناك بعض الأشخاص الذين قسموا الوحدة الصفيحية التي كانوا يقطنون إليها إلى أربع وحدات، من أجل الاستفادة من أكثر من بقعة أرضية مخصصة لإيواء قاطني دور الصفيح، ما حرم عددا من الأسر من الاستفادة، بإيعاز من الجهات التي كانت مسؤولة عن عملية الإحصاء. 270 ألف أسرة حدد إحصاء 2004 عدد الأسر المعنية بالبرنامج في 270 ألف أسرة، كان من المفترض أن تتم إعادة إسكانها، والعمل على منع تناسل دور صفيح جديدة لإخلاء المدن من دور الصفيح، لكن تساهل السلطات المحلية ساهم في انتشار أحزمة البؤس في محيط الحواضر. وكان بالإمكان لو تعاملت السلطات بنوع من اليقظة والمسؤولية القضاء على الظاهرة نهائيا، لكن عدد القاطنين بدور الصفيح عرف تزايدا بفعل الهجرة القروية التي زادت سنوات الجفاف من كثافتها، علما أن أغلب هؤلاء يقصدون أحياء الصفيح للاستقرار. ويتساءل السكان القاطنون بالتجمعات السكنية المجاورة لدور الصفيح، كيف يمكن أن تتم عمليات تفريخ هذه الوحدات في غفلة من أعوان السلطة المكلفين بالمنطقة والسلطات المحلية، ما يثير علامات استفهام كبيرة. عبد الواحد كنفاوي

البيضاء… الأرض تنبت صفيحا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مطالب بإصلاح مدارة بتطوان

10سنوات لسبعيني قتل زوجته بالحاجب

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات