fbpx
مجتمع

مـوجـة الغـلاء تـجـتـاح “الـبـال” 

ارتفاع أسعار الملابس المستعملة وثمن الكيلوغرام الواحد منها تجاوز 130 درهما

“البال” له زبناء أوفياء، بعضهم لا يمكنهم التخلي عنه أو التوقف عن اقتناء ما يباع فيه من ملابس وأحذية وحقائب مستعملة. أوفياء إلى درجة أن شراء الملابس من “البال” أصبح بالنسبة إليهم “بلية” ونوعا من الادمان، يصعب عليهم التخلص منه، علما أنهم يحرصون أيضا على اقتناء ملابس جديدة من المحلات التجارية الكبرى، لكن “البلية” غالبا ما تقودهم إلى “البال”.
ومن بين زبناء هذه الأسواق، مغاربة من فئات فقيرة، باحثون عن ملابس بأثمنة مناسبة، سيما أن اغلبهم لا يقوون على اقتناء الجديد في كل مرة، لكن، موجة غلاء الأسعار، وصلت إلى “البال”، وارتفعت أثمنة الملابس المستعملة إلى مستويات قياسية، وأثارت جدلا كبيرا.

نار على نار
صراخ شباب في مقتبل العمر يعلو المكان، ويغطي على أصوات أشخاص آخرين يدعون زبناء إلى اكتشاف ما يعرضونه. غير بعيد عند هذا المكان، وضعت لافتة كتب عليها “همزة”، وشاب يقف إلى جانبها يصرخ بأعلى صوت “فابور فابور ها الماركات ها العزلة خودو ما بقاش”.
هذه بعض أجواء السوق النموذجي للملابس المستعملة بقرية ولاد موسى بسلا. سوق يقصده الكثير من الأشخاص بشكل يومي لاقتناء ملابس وأحذية واكسسوارات مستعملة وبأثمنة مناسبة، لكن الوضع خلال الفترة الأخيرة، تغير، سيما بعدما وصل “تسونامي” غلاء الأسعار إلى “البال” وأسواق الملابس المستعملة، وتضاعفت أسعارها.
ففي الوقت الذي كان فيه سعر الكيلوغرام واحد من الملابس المستعملة، لا يتجاوز 40 درهما، تجاوز 130 درهما، وهو ما يدفع التجار إلى رفع الثمن في وجه الزبناء.
وفي هذا الصدد، قال تاجر في السوق النموذجي للملابس المستعملة، إنه من تداعيات تقنين القطاع، ارتفاع أسعار الملابس المستعملة، فالقطع التي كانت تباع بـ10 دراهم مثلا، صار سعرها أكثر من 25 درهما.
وأوضح المتحدث ذاته أن تجار التقسيط، مضطرون أيضا إلى رفع الأسعار، بعدما رفع تجار “البال” الكبار ثمن الكيلوغرام، علما أن بعض “البالات”، والتي تحتوي على ملابس جيدة ومن ماركات عالمية، يصل سعرها في بعض الأحيان إلى 200 درهم للكيلوغرام الواحد.
ومن جانبها، قالت فاطمة من زبناء سوق الملابس المستعملة، إنه في وقت سابق كان ذوو الدخل المحدود الأكثر ترددا على “البال”، لكن تغير الوضع، وصار وجهة الجميع.
 وتساءلت المرأة ذاتها عن سبب الغلاء الذي عرفته الملابس المستعملة، علما أنه كان فرصة لذوي الدخل المحدود للتمكن من اقتناء ملابس لكل أفراد العائلة وبسعر معقول الأمر الذي لن يكون ممكنا في محلات الملابس الجديدة. 
واسترسلت “تفاجأت كثيرا خلال الفترة الماضية، بارتفاع الأسعار، الذي سيكون له انعكاس على تجار “البال”، إذ في ظل هذا الوضع من الأفضل اقتناء ملابس جديدة وليست مستعملة مادام السعر لا يختلف كثيرا”.

“البياس الحي”
يعتبر حي كريمة، أحد الأحياء الشعبية بسلا، وجهة الكثير من الأشخاص، من سكان المدينة وأيضا من سكان الرباط.  ففي هذا الحي يوجد أيضا سوق للملابس المستعملة، يجد فيه الكثيرون ضالتهم وما يبحثون عنه، ويقتنون ملابس مستعملة قادمة من إحدى الدول الاوربية.
 ففي هذا المكان، يمكن لسليمة، شابة في العشرينات من عمرها، أن تحصل على ملابس من ماركات عالمية، بسعر قد لا يتجاوز 60 درهما، وقد يصل إلى 100 درهم، في بعض الأحيان. تجوب السوق، بحثا عن “البياسة الحرة”، فتجدها في نهاية المطاف، وتستمتع بارتدائها بعد غسلها بطبيعة الحال.
فكل ما تحتاج إليه سليمة من سراويل وأقمصة وأحذية وحتى حقائب واكسسوارات أخرى، تجده في هذا المكان، لذلك فهي، حريصة على أن تقصده بشكل مستمر.
تقول سليمة، إنها تقطن الرباط، لكنها لا تتردد في القيام بجولة بسوق الملابس المستعملة في سلا، مشيرة إلى أنها وكلما جاءت إلى هذا المكان تجد “بياسات” أحسن من التي تباع في المحلات التجارية الكبرى.
وتابعت سليمة حديثها بالقول إنه في الكثير من الأحيان تندهش مما تجده في “البال”، إذا غالبا ما تعثر، بعد بحث طويل، على قطع مميزة وتواكب الموضة، فتقتنيها بأقل بكثير من قيمتها الحقيقية، والأكثر من ذلك، فإنها تعثر، في بعض الأحيان، على ملابس جديدة تحمل ملصقات يدون عليها سعرها بالأورو وماركتها الشهيرة.
ولأن ما ترتديه سليمة يثير إعجاب صديقاتها، صارت تتكلف باقتناء ما يحتجن إليه من ملابس مستعملة، وبيعها لهن مرة أخرى، مع الاستفادة من الأرباح، وهكذا تكون قد ضربت عصفورين بحجر واحد.

إيمان رضيف


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات

نود أن نشكركم على زيارتكم لموقعنا. لكننا نود أيضًا تقديم تجربة مميزة ومثيرة لكم. لكن يبدو أن مانع الإعلانات الذي تستخدمونه يعيقنا في تقديم أفضل ما لدينا.