لم تثمر إعادة هيكلة حكامة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في عهد الوالي محمد الدردوري، نتائج إيجابية، من خلال محاصرة انتشار وباء الفساد، الذي ضرب العديد من المشاريع التي تمول بأموال المبادرة نفسها. وتفيد التقارير القادمة من العديد من الأقاليم والعمالات، أن بعض رؤساء أقسام العمل الاجتماعي، لا يدبرون مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بالشفافية والحكامة والنزاهة المطلوبة، إذ منهم من حول المبادرة، إلى تجارة مربحة، ومنح امتيازات لا تعد ولا تحصى للمقربين والمحظوظين. وقررت وزارة الداخلية، في ضربة استباقية، سحب البساط من تحت أقدام رؤساء الجماعات، الذين كانوا يترأسون اللجان المحلية لمشاريع المبادرة الوطنية الوطنية، وهي المشاريع التي حولت العديد منهم إلى أغنياء، بفعل التلاعبات الخطيرة التي طالت طريقة تفويت مشاريعها وإنجازها. وعهدت وزارة الداخلية، في دورية جديدة، إلى رجال السلطة بمختلف رتبهم، بترؤس اللجان المحلية للمبادرة نفسها، وهو ما فرض على المجالس المنتخبة في مختلف ربوع الوطن، عقد دورات استثنائية، من أجل المصادقة على مقرر يشرح التحول الذي حدث في تدبير مشاريع وأموال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. وتزامن ذلك مع إعادة تحديد مهام أجهزة الحكامة الحالية، بالشكل الذي يضمن لها النجاعة والفعالية في المستوى المجالي الذي تشتغل فيه. وتقرر على المستوى المحلي، أن تتولى اللجنة المحلية للتنمية البشرية التي سيرأسها باشا أو قائد، بدل رئيس جماعة، إعداد التشخيص التشاركي على مستوى كل جماعة ترابية، وتحديد الحاجيات المعبر عنها، من قبل السكان المحليين، المندرجة في اختصاصات ومجال تدخل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. وعلى المستوى الإقليمي، تقرر أن تناط باللجنة الإقليمية للتنمية البشرية مهمة إعداد برنامج التنمية البشرية متعدد السنوات للإقليم، بالاعتماد على التشخيص المحلي، كما ستعمل على إعداد عقد البرنامج المتعلق به، مع العمل على تنفيذ وتتبع المشاريع، وإعداد التقارير بشأنها. وعلى المستوى الجهوي، ستسهر اللجنة الجهوية للتنمية البشرية على تناسق البرامج الإقليمية، وتوزيع الموارد المالية الخاصة بالمبادرة، حسب البرامج المعتمدة وأولوياتها. وانسجاما مع مستجدات الجهوية المتقدمة واللاتمركز الإداري، سيتم إحداث بنيات إدارية جديدة على مستوى كل ولاية جهة، وهي أقسام التنسيق الجهوي للتنمية البشرية التابعة للكتابة العامة للشؤون الجهوية، ستناط بها مهام التنسيق بين المستوى الترابي والمركزي في مجالات التأطير والتكوين والتتبع والتقييم. وبدأ الحصار يضيق على مقاولين ورؤساء جمعيات "كارطونية"، ومعهم بعض رؤساء الأقسام الاجتماعية، من خلال الرفع من وتيرة التفتيش المحلي والمركزي، الذي من المنتظر أن يطيح بأسماء استفادت كثيرا من "ريع" المبادرة نفسها. عبد الله الكوزي