العميد أدين بثماني سنوات سجنا والمديرة بثلاث سنوات حبسا نافذا وإرجاع المبلغ المختلس قال أحدهم يوما، "من قال إن المال هو كل شيء؟ هذا غير صحيح، الحب هو أهم ما في الحياة، ولذلك فأنا أحب المال".. ذلك هو لسان حال شرطي تزنيت الذي سقط بمعية خليلته مديرة وكالة بنكية، في قضية اختلط فيها الحب والمال والسلطة، فنتجت مشاعر مريضة، تعكسها سلوكات شرطي يشغل مهمة رئيس دائرة، اختار أن يمارس الابتزاز الجنسي على خليلته، التي سقطت في أول الأمر في حبه، ثم ما لبثت أن تحولت إلى دمية يداعبها كيفما شاء، مستغلا تورطها في قضية إجهاض، وأدلة تكشف ارتكابها جنح الفساد... قصة البنكية والشرطي تليق لفيلم سينمائي، لأن اختلاط المال والسلطة والحب، لم ينتج سوى مشاعر مريضة. إنجاز: محمد العوال (مراكش) لم يساور يوما مديرة وكالة بنكية، أن قصة حب جمعتها بشرطي، ستنتهي نهاية مأساوية، وسيزج بها في السجن في قضية جنائية، وهي التي عقدت آمالا كبيرة على الشرطي، الذي ظل لشهور يلاحقها كالظل قبل أن تسقط في شركه. زواج فاشل قبل حوالي ثلاث سنوات، خرجت الموظفة البنكية من علاقة زوجية، كُتب لها الفشل، نتجية صراعات مع طليقها، فالمرأة لم تتحمل ضغوطات الزوج، فقررت إنهاء علاقة زوجية أثمرت طفلة. ارتبطت الأم بطفلتها ارتباطا وثيقا.. فكانت تنظر إليها كأملها في الحياة، وذلك ما تعكسه تصريحاتها "ابنتي ليست فلذة كبدي بل هي الحياة التي أستنشق، ولا أتصور حياة بدون العيش سويا رفقة ابنتي". قررت الزوجة أن لا تعاود الارتباط مرة أخرى، فبالنسبة لها الزواج مجرد مؤسسة فاشلة في غالب الأحيان، ونجاح هذه المؤسسة حالات نادرة. غير أن كل تلك الأفكار ستتحطم، بعدما ولج شرطي يشتغل بأكادير حياتها، وقلب مزاجها، إذ استطاع أن يغير لها نظرتها المتشائمة إلى الحياة والرجال، فمنحها الكثير من الحب هي وابنتها، إذ كان يتصل بها بشكل يومي عدة مرات للاطمئنان عليها وعلى فلذة كبدها.. صارت المديرة تعشق الشرطي، وتلتقي به في العديد من المرات، ومارست معه الجنس لمرات عديدة، وسافرت رفقته إلى العديد من المدن. اعتقدت المديرة البنكية، أنها ولدت من جديد، وأن الشرطي الشاب، هو قدرها الجميل. الشرطي الذئب بالمقابل، كان الشرطي ماكرا ويخطط لإسقاط المديرة في شركه، فالحب بالنسبة إليه، مجرد علاقة جنسية عابرة، تتخللها كلمات منمقة وعبارات خادعة. فالرجل ينظر إلى البنكية، نظرة مادية، فالمرأة تعيش مستوى اجتماعيا لا بأس به، وتمتلك شقة بحي راق بأكادير، ووضعها المادي مريح. في الوقت الذي كانت المديرة تعيش علاقة حب بالشرطي، كان يخطط لإسقاطها في شركه أكثر، وتوريطها في قضايا تسعفه في ابتزازها فصورها الحميمية معه غير كافية، لذلك كان يصر على ممارسة الجنس معها وحملها، إلى أن وقعت المديرة في المحظور وحملت منه سفاحا.. كانت في حالة نفسية صعبة، وهي تتحدث له عن حملها، ادعى في أول الأمر أنه مستعد للزواج بها، وكان في قرارة نفسه، يعلم جيدا أنها لن توافق، على اعتبار أن زواجها سيحرمها من حضانة ابنتها، فاقترح عليها إجهاض الجنين، وذلك ما كان. بعد هذا الحادث في أسابيع سيتغير كل شيء، وكشف الشرطي عن الوجه الآخر، إذ صار يطالب المديرة بمبالغ مالية تحت ذرائع مختلفة، ثم ما لبث أن طالبها بمبالغ ضخمة، وعندما حاولت أن تشرح لها ظروفها المادية، ثارت ثائرته، وهددها بكشف كل شيء لطليقها، وآنذاك سيزج بها في السجن وستفقد حضانة ابنتها. اضطرت المديرة بعد أن أفلست، إلى اللجوء للقروض الاستهلاكية، للاستجابة لابتزازات الشرطي، الذي كان يطالبها بمبالغ مالية تتراوح ما بين 10 ملايين سنتيم و40 مليونا، إذ بلغ مجموع المبالغ المالية إلى ما يقارب 280 مليونا. إدانة قضت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بمراكش، أول أمس (الخميس)، بإدانة العميد الممتاز بثماني سنوات سجنا، وغرامة 40 ألف درهم، ومعاقبة مديرة الوكالة البنكية بثلاث سنوات حبسا نافذا وغرامة 5000 درهم، وتحميل المتهمين الصائر وتحديد الإكراه البدني في الحد الأدنى. وفي الدعوى المدنية، قضت المحكمة على المتهمين، بإرجاع المبلغ المختلس، وقدره (2.641.732.68 درهما)، مع أدائهما تضامنا تعويضا مدنيا قدره 260 ألف درهم. الريبوح: الأبحاث التمهيدية أنتجت قرائن أكد الأستاذ حسن الريبوح، محام بهياة آسفي، أن النيابة العامة أحالت الملف على فرقة الجرائم الاقتصادية والمالية بالفرقة الوطنية للشرطة القضائية، من أجل ضمان الحياد، على اعتبار أن المشتبه في هذه القضية، آنذاك يشتغل عميدا ممتازا بالأمن الولائي بأكادير، فضلا عن أن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بما لها من دراية في مثل هذه القضايا، بإمكانها إماطة اللثام عن العديد من نقط العتمة في هذه القضية. وأضاف المتحدث نفسه، أن الأبحاث التمهيدية مكنت في هذه القضية، من تحديد المبالغ المالية المختلسة من المؤسسة البنكية، واستخراج الأدلة التي يمكن أن تشكل حجية على ارتكابهما الأفعال المنسوبة إليهما. وأشار المتحدث، إلى أن البحث التمهيدي، الذي بوشر في هذه القضية، وما أنتجه من معطيات، ومواجهة المتهمين معا بها، جعلهما يعترفان، سيما وأنه لم يكن أمامهما من خيار سوى الاعتراف بكل تفاصيل هذه القضية، فضلا عن تسجيلات كاميرات المراقبة بالمؤسسة البنكية. واعتبر المتحدث، أن مناقشة هذه القضية أمام غرفة الجنايات ستكشف عن العديد من المعطيات والحقائق في هذه القضية المثيرة، خصوصا في حال تمت الاستجابة لملتمس الدفاع باستدعاء مجموعة من الشهود.