الضريبة … لوبيات واقتصاد غير مهيكل مدمر
الدولة تخسر سنويا 8 آلاف مليار من التهرب والبيانات المغلوطة
لم تتمكن الحكومات المتعاقبة من تطبيق سياسة عادلة في التحصيل الضريبي، لغياب الإرادة السياسية لدى أحزاب الأغلبية، وتلاعب بعض ” اللوبيات” بالوزراء، بالادعاء أن بعض القطاعات الإنتاجية والتجارية وتلك التي تقدم الخدمات تعاني تنافسية شديدة دوليا، وارتفاع تكاليف الإنتاج والتسويق، ومن ثم لا يمكنها أداء الضرائب المستحقة، بل وهناك من يلتمس من الحكومة مواصلة تقديم الدعم العمومي حتى لا تفلس القطاعات.
تعبئة الموارد الضريبية
ورغم وجود جماعات ضغط، فإن الحكومة الحالية أكدت على لسان رئيسها عزيز أخنوش، وبعض وزرائها، عزمهم تطبيق القانون لأجل تعبئة الموارد الضريبية.
وشهدت السنوات الأخيرة تضافر جهود كل الفاعلين خاصة الأطر العليا بوزارة الاقتصاد والمالية التي تصدت في المناظرة الوطنية لإصلاح الجبايات، لجماعات ضغط في القطاع الخاص تقدم بيانات مغلوطة لإدارة الضرائب، قصد التهرب من أدائها، من قبيل ما صرح به زهير الشرفي، الكاتب العام السابق لوزارة الاقتصاد والمالية في حق أرباب المصحات الطبية الذين قدموا بيانات مغلوطة عن ضعف أرباحهم، بالأدلة الدامغة، وعانى كثيرا بسبب ذلك إلى أن غادر منصبه.
وعوض أن يتم نشر ثقافة أداء الضريبة وربطها بقرار حيازة المواطنة، أصبح القطاع الخاص المهيكل، يفكر بعقلية القطاع غير المهيكل، في تقديم معطيات كاذبة ومغلوطة ومضللة، لإدارة الضرائب وبالتصريح أنها مقاولات مفلسة أو تعاني عسرا ماليا، وهو ما جعل عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب يحتج ويهاجم الفاعلين الاقتصاديين الذين يغشون ويتملصون من أداء الضرائب، مؤكدا أن هذا السلوك مستشر لدى المقاولين المغاربة بشكل كبير، ويحتاج إلى الصرامة في مواجهته.
وأكد والي بنك المغرب، في أطول اجتماع شهدته لجنة المالية بمجلس النواب، أن معالجة هذا الأمر تتطلب من الحكومة، التدخل العاجل لمراقبة حساب المقاولات، التي تتلاعب، إذ تقدم معطيات متناقضة، بين تلك التي تمنحها لإدارة الضرائب، والأخرى الموجهة للبنوك قصد تحصيل قروض، ما يعني أنها تقدم حصيلة سنوية غير سليمة للإدعاء أنها تتجه نحو الإفلاس، في إشارة إلى 80 ألف مقاولة التي تعلن منذ عشر سنوات أنها لا تحقق أرباحا، ما يستدعي المواجهة لمحاربة التدليس، وتخليق المعاملات التجارية.
كما تعاني إدارة الضرائب من ثقل القطاع غير المهيكل الذي يشكل 11.5 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وهذا ” الاقتصاد الخفي” يشمل الإنتاج السري، والإنتاج غير القانوني، أو غير المنظم، يمثل 30 في المائة من الناتج الداخلي الخام.
دعوات لتنزيل توصية مناظرة الجبايات
وقال عبد العالي دومو، الأستاذ الجامعي والبرلماني السابق، في يوم دراسي رعاه الفريق الدستوري الديمقراطي الاجتماعي, أخيرا, بمجلس النواب، إن التأخير في تفعيل الإصلاح الضريبي بالمغرب نابع من غياب الإرادة السياسية لمختلف الحكومات، ما يؤدي إلى خسارة ميزانية الدولة سنويا، قرابة 80 مليار درهم، أي 8 آلاف مليار سنتيم، مشيرا إلى أن 90 بالمائة من المقاولات لا تدفع الضريبة على الشركات.
وأشار دومو، إلى أن الموارد الضريبية لا تغطي حاليا إلا 55 بالمائة من إنفاق ميزانية الدولة، والباقي بدون تغطية، وأن الأرقام الواردة في قانون مالية 2022 توضح بأن هناك عراقيل تحول دون تفعيل الإصلاح الضريبي، إذ بإمكان الدولة أن تربح 7 بالمائة من الناتج الداخلي من خلال تطبيق إصلاح ضريبي حقيقي، أي 80 مليار درهم.
ودعا رؤساء فرق المعارضة الحالية في تدخلات نارية بالبرلمان، الحكومة التحرك لتطبيق عدالة جبائية، وتحصيل الضرائب من المتهربين، ومحاربة الغشاشين، وتنزيل توصيات المناظرة الوطنية للضرائب، ما ضيع أزيد من 100 مليار درهم على خزينة الدولة.
ودعت زينب العدوي، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، في اجتماع عقده مجلسا البرلمان وسط الأسبوع، بالعمل على تنزيل توصيات المناظرة الخاصة بالجبايات، وتحصيلها والعمل على تعبئة كل الآليات القانونية للحصول عليها، بما فيها استعمال تحفيزات للمقاولات، عوض اللجوء إلى الاستدانة التي أثقلت كاهل الميزانية ورهنت مستقبل الأجيال.
أحمد الأرقام