الرايس ساسبو… العميد

رموز فن الروايس 2 كلف مساعديه بتعليم الأطفال اللغة السرية لـ "الروايس" يمثّل فن الروايس بداية كتابة الشعر الأمازيغي، وانتقاله من الارتجال والتواتر الشفوي إلى مرحلة تضمّنت قصائده أبعادا أعمق في التعبير عن الذات والهوية والآخر، مع ارتباطها الوثيق بالموسيقى. وعبّر هذا الشكل الغنائي عن الجوّالين الذي يطوفون بأشعارهم التي تتطوّر بناء على المساجلة والحوار بين أكثر من طرف، ويشير الدارسون إلى أن أحد أبرز أسباب حفظ اللغة الأمازيغية وجزء كبير من تراثها ما راكمه هذا الفن من تجارب اهتمّ أصحابها بتناول الواقع والاشتباك مع قضاياه. في هذا الخاص تسافر بكم «الصباح» من خلال سير بعض رموز فن الروايس واستعادة لأهم ملامح منجزهم الفني. إعداد: عزيز المجدوب بدأ حياته مرافقا وقائدا للقوافل العابرة من سوس أو المنطلقة منه، وهي المهمة التي تسمى عند الأمازيغ ب"تارفاكت"، إنه الفنان الراحل الرايس محمد ساسبو (1865 ـ 1948) أحد رواد الأغنية الأمازيغية. كانت هذه المهمة بالنسبة إلى الفتى محمد أكروم، الذي سيشتهر في ما بعد بلقب "ساسبو"، فرصة مواتية ليفجر مواهبه في الغناء والارتجال الشعري والموسيقي لحظة مرافقة القوافل في مغرب نهاية القرن التاسع عشر، وهي المواهب التي سيطورها بتعلم العزف على آلة الرباب ومجالسة فناني الروايس وتلقي أصول هذا الفن مباشرة على أيديهم. سيلتحق "ساسبو"، ولقبه تحوير للفظ "شاسبو" وهو نوع من البنادق التي كانت سائدة في تلك الفترة، بالفرق الموسيقية الأمازيغية ما سيمكنه من جولات فنية انطلاقا من القرية التي نشأ فيها بأولوز بإقليم تارودانت، بعد أن أسس فرقته الخاصة وشرع في تقديم عروضه الموسيقية بمختلف المناطق والمدن والمجاورة. في كتابه "العصاميون السوسيون في الدار البيضاء" يتحدث الباحث عمر أمرير عن جوانب من سيرة الرايس محمد ساسبو، ويشير إلى نقطة التحول في مساره لحظة انتقاله بمجموعته الموسيقية إلى الدار البيضاء سنة 1912، بعد سنوات قضاها في التنقل بين المداشر والقرى والتجمعات السكانية في الجبال والسهول. ويقول أمرير إن ساسبو، بعد مرور سنوات على مقامه بالبيضاء، سيستقر بدرب السلطان وسيتمكن من توفير منزلين، أحدهما يقطن فيه رفقة عائلته، والمنزل الآخر كان بمثابة مدرسة موسيقية "نظامية". ويتحدث أمرير عن أحد المنازل الذي خصصه الرايس ساسبو "إقامة للفنانين" ومدرسة للتعليم الفني الأمازيغي في العصر الذهبي للموسيقى الأمازيغية بالدار البيضاء، وكان هذا المنزل يوجد بالساحة الأمامية لبوسبير درب السلطان. وكانت الدار وهي بمثابة "دار الفنون الأمازيغية" يقيم فيها العزاب من أفراد مجموعة ساسبو، وفيها يلتقي جميع أعضاء تلك المجموعة، وكانت هناك خطوط مرسومة للتكوين من قبل ساسبو تقوم على تعليم العزف على الآلات الوترية لمختلف الأعمار، إضافة إلى تعليم تقنيات التعبير الجسدي، مع عنايته شخصيا بتلقين مهارات "الركوز"، فضلا عن تعليم النجباء من مجموعته الموسيقية أسرار صناعة الآلات الوترية. كما كلف ساسبو مساعديه الكبار بتعليم اللغة السرية الخاصة بالروايس للأطفال الصغار الحديثي العهد بدخول الحرفة، وتسمى ب"إيلمان" و"تاضوبيرت" أي اللغة السرية التي لا يمكن لأي فنان أن يندمج في مجتمع الروايس بدون معرفتها. قدم ساسبو عروضه الموسيقية في أشهر الساحات العمومية بمختلف المدن المغربية، كما أتيحت له فرصة زيارة العاصمة الفرنسية باريس مطلع الثلاثينات وإسبانيا، وحظيت تجربته باهتمام الباحثين والنقاد الفنيين الفرنسيين منهم ألكسيس شوطان وهنري برنيير، كما تحدث عنه الباحث كورت شيندلر وغيرهم ممن رأوا في تراث هذا الفنان الاستثنائي جوانب تعكس الخصوصية المغربية وتشترك مع موسيقى العالم في مجموعة من الخصائص التي تجعل من العبقرية والإبداع عنصرا عابرا للقارات.

الحبس لموظفين سهلوا تهريب مخدرات

أجاكس القنيطرة اكتسح جميع المنافسات

مقالات ذات صلة

أنتم تستعملون حاجب إعلانات