“ترمضينة” الموظفين… “جيب يا فم أوقول”

اضطراب النوم وضغوط العمل والاحتكاك مع المواطنين جعلتهم قنابل موقوتة
في الأيام العادية، يتورط موظفون في مشاحنات مع مواطنين، لأسباب تكون تافهة وعادية جدا، سريعا ما يتم احتواؤها، إلا أنه في رمضان تتغير اللعبة، ففي الوقت الذي يلتزم فيه موظفون الصمت بمقر عملهم، ويتفادون أي احتكاك مع المواطنين، يقع آخرون فريسة “الترمضينة”، تصل إلى حد تحويل الإدارة إلى حلبة للملاكمة، سيما إذا كان الموظف “مقطوع من درجة فارس”.
توجس عمر، 45 سنة، موظف بمقاطعة بالبيضاء، من العمل الاثنين الماضي الذي صادف اليوم الثاني في رمضان، بحكم أنه معروف بتوتر علاقته مع المواطنين بسبب “القطعة”، لكن حدثت المعجزة عندما أسندت له مهمة خاصة. ومر اليوم دون مناوشات. يرى عمر “ترمضينة” الموظفين ليست بعامة، بل ضحاياها من يحتكون يوميا مع المواطنين، إذ إلى جانب التوتر وضغط العمل، يكون المرتفق أيضا في وضع غير عاد، فتبدأ المناوشات بين الطرفين، وتنتهي بتبادل السب والشتم بشكل علني وبكلام ناب.
لعمر سوابق في مناوشات مع مواطنين في رمضان، لكن هذه السنة أقسم أن تكن النهاية، بعد أن أقلع عن التدخين، وإن مازال مدمنا على “قهوة كحلة”، متسلحا بنصيحة صديقه الطبيب، وهي الحرص على النوم الجيد في رمضان، بحكم أن اضطراب النوم وقلته يعدان سببا رئيسيا في “الترمضينة”، إذ لا يعقل أن يسهر المرء إلى حدود الفجر وينام ساعتين قبل التحاقه بالعمل في التاسعة، إنه انتحار يؤكد عمر. بعيدا عن عمر، يتعمد علال، موظف، الاستفادة من عطلة في رمضان، فهو لا يقوى على العمل في هذا الشهر الفضيل، فهو لا يتقن عمله إلا إذا كان بجانبه كوب من القهوة وعلبة السجائر. وبرر علال ذلك، أنه بسبب الإدمان على المنبهات خصوصا القهوة والسجائر، يعاني الموظف الصائم آلاما واضطرابات في الرأس، لدرجة تجعله يرفض مشاركة أي كان الحديث، فبالأحرى “إوسع خاطروا” مع المواطنين. ويساهم في الاحتقان أيضا، غياب القدرة على الحوار، الذي يتحول إلى نقاش عقيم، ينتهي بالسب والشتم والتلفظ بعبارات نابية، لدرجة أن الموظف بعد أن يفقد السيطرة، يتجرد من كل ما هو رسمي، وقد يتورط في مظاهر خادشة بالحياء وتسيء للإدارة. ويتذكر علال كيف وقع في فخ “الترمضينة”، عندما احتج عليه مرتفق بشدة بسبب تأخر في إنجاز مهمة، فرد عليه علال في البداية بطريقة لبقة، وكشف له أن أسباب التأخير خارجة عن إرادته، لكن المواطن، الذي كان في حالة غير طبيعية، لم يتقبل الجواب، ليتبادل معه السب والشتم، لدرجة أن علال فقد السيطرة على نفسه وشرع في لفظ عبارات نابية استدعت تدخل مسؤوليه الذين احتووا الأمر وتعاملوا بحلم مع الحادث، فهدأت النفوس وتبادل علال وخصمه العناق وطلب السماحة.
مصطفى لطفي