fbpx
ملف الصباح

ارتفاع الأسعار … خـدري : يجـب عقلنـة الاستهـلاك

الخبير في ميزانية الأسرة قال إن الارتباك يقع بسبب الغلو في التبضع وعدم التخطيط للمصروف

يرى الدكتور إدريس خدري، الخبير في ميزانية الأسرة، أنه آن الأوان لأن تحرص الأسر على التوفر على قمطر فني للحكامة وحسن التدبير، حتى تخرج من عقلية الاستهلاك بالرغبة إلى عقلية التبضع بالحاجة. ويعزو الخبير المختص في مصروف الأسرة، أن أغلب مشاكل الأسر تنجم عن غياب القدرة على تدبير الأزمات داخل البيوت. ولا يستثني خدرى العوامل الخارجية من قبيل الحرب على أوكرانيا وانعكسات جائحة كورونا، إلا أنه يطالب مقابل ذلك بتحكيم العقلانية والحكامة لمواجهة منسوب المعيشة…..

أجرى الحوار : مصطفى صفر

< من المعروف أن  84 في المائة من الأسر المغربية، لم تكن تدخر قبل حلول جائحة كورونا، ما جعل البيوت  إبان الحجر الصحي المفروض بقرار حكومي، تستنزف واحدة من المبادئ الثلاثة التي يقوم عليها ادخار الأسر، وهي خانة الادخار أو بقايا صندوق أو دينامية الرساميل.
وهذا ما تسبب في تقلص السيولة النقدية لدى البيوت وسبب أزمات أسرية.
وينتظر أن تتفاقم الأزمة مع حلول شهر رمضان، إذ أنها الفترة التي يرتفع  فيها لدى الأسر معدل الاستهلاك بنسبة تصل إلى  16,2 في المائة ، والتي تشكل المواد الغذائية فيها نسبة تفوق 37 في المائة. ويمكن تفسير هذه الوضعية بعوامل أهمها غياب عقلية تدبير الأزمات لدى جل أرباب و ربات البيوت، وهو ما يفرز مشاكل ترفع نسبة العنف في البيوت الى مستوى 25 في المائة، ولعل ذلك ما يبرر ارتفاع حالات الطلاق  الى 55470  حالة في سنة 2019.

< أولا، لا بد من الإشارة إلى أن هناك أسبابا باطنية مرتبطة بالعقلية والسلوك، وهناك أيضا أسباب موضوعية، منها حرب أوكرانيا والتي أدت الى ارتفاع ملحوظ في ثمن البنزين  ليصل إلى أعلى مستويات، لكن لا ينبغي أن نهمش أو نتغافل عن تقلص الموارد الجبا ئية بما قدره 11,5 مليار درهم  بين 2020 و  و2021. أما على مستوى سوء التدبير فيكفي أن نقول   أن ثلثي الزبناء لا يحسنون قراءة أوراق الكهرماء، وأن الاستهلاك عند العديد من الناس غير معقلن.

< أكيد أن المغالاة في التبضع وعدم توفر البيوت على تخطيط للإنفاق، والعبث بالصبيب المالي، كلها اخطاء تؤدي الى ارتباك في المصروف وخاصة في الأسدس الثاني من السنة. ولعل تشتت مهمة الشراء داخل الأسرة  يفرز نزيفا ماليا يوميا، ونحن في حاجة الى عقلنة أكثر لمواجهة منسوب المعيشة، الذي ارتفع مع ارتفاع نسبي في سعر بعض المواد الغذائية.
ثم هناك تحول جذري لدى المستهلك المغربي، إذ أصبح يتبضع على مقربة من المواد الاستهلاكية في المساحات الكبرى وهو يتجول بين الرفوف، فتجارة القرب هذه تغلب الشهوة على الحاجة، فينبغي التوفر على لائحة المقتنيات قبل ولوج هذه المحلات، وعدم ترك الاعتباط والتقدير اللحظي، يتحكمان في الاقتناء، إذ يجب أن نعلم أن مؤشر تكلفة المعيشة يقارب 34,3 في المائة،  مما  فرمل وتيرة الاقتناء سنتي 2020  و 2021. وما يؤثر على نوعية الاستهلاك هو أن 35,6 في المائة من الاسر تعاني المديونية والسلف بجميع انماطهما المهيكلة وغير المهيكلة، لذا لاحظنا  بعض التحول في السلوكات الاستهلاكية  لدى البيوت والتي باتت تلجأ الى الأكلات الجاهزة  الأقل تكلفة أحيانا من الطهو في المنزل.

< أمام المعطيات والأرقام الحالية، وانعكاسات تداعيات كورونا، إذ أغلقت 6300 مقاولة أبوابها، وأمام ارتفاع نسب العطالة التي أضحت تجاور 12 في المائة، أصبح من المؤكد ومن الضروري إعادة النظر في الهيكلة العامة لميزانية الأسر. ومراجعة الذات هاته، تحثنا على إعادة النظر في أولويات الأسر وأسبقيات البيوت. فالحوار المالي بين الزوجين يجب أن يفرز لائحة للنفقات المستعجلة والضرورية، والتخلص مؤقتا من بعض المصاريف الثانوية ريثما تستعيد البيوت عافيتها، وتعود أسعار الوقود العالمية الى الاستقرار، لأن الزيادة في أسعار الوقود تتبعها لزوما زيادات في مختلف المواد الاستهلاكية وحتى الأثاث وغيرها.
وبفضل هذا التدبير العقلاني المرتبط بوضع المؤثرات الخارجية رهن الحسابات ستعود دينامية الادخار الى الواجهة لدى الأسر، ونعود آنذاك الى وتيرة الاستهلاك العادية.

< هناك العديد من الأساليب التي يمكن اتباعها لتفادي الأزمات الخانقة، وأولها إعادة النظر في تعاملنا مع بطاقات الأداء الذكية، لنجعل ذكاءنا يتحكم في ذكائها. وثانيها توفر البيوت على محاسبة ولو بدائية، وحبذا لو كانت في هواتفنا الذكية، أما ثالثها فيتعلق بالاحتفاظ بالفواتير والسندات والوثائق عند التبضع، ثم رابعها القيام بحصيلة دورية نصف سنوية، وفي الأخير ستجد الأسر نفسها أمام وضعية الخروج من عقلية الاستهلاك بالرغبة إلى عقلية التبضع بالحاجة، وهكذا ستتوفر البيوت على قمطر فني للحكامة وحسن التدبير.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى