طلبة أوكرانيا

لا نملك، في مثل هذه اللحظات العصيبة، إلا أن نقول: كان الله في عون آلاف الآباء والأمهات العالقة فلذات أكبادهم في أتون حرب مجنونة بين روسيا وأوكرانيا. أكثر من ثمانية آلاف طالب وطالبة، ومعهم عشرات المغاربة المقيمين في هذا البلد، مازال مصيرهم عالقا، بأمل ضئيل في العودة سالمين إلى الوطن، وهي العملية المستحيلة هذه الأيام، بعد إغلاق الحدود الجوية الأوكرانية نهائيا، ولم يتبق لهم سوى العبور إلى بعض الدول المجاورة برا، رغم ظروف الفوضى التي تمر منها المنطقة، خصوصا في الجانب المتعلق بالنقل والغذاء والأمن. وبينما غامر مئات الطلبة بالوصول إلى بعض المنافذ البرية، وتجاوز طوابير الانتظار الطويلة، اختار عدد كبير منهم التكدس في محطات الميترو، والعيش تحت أسقف الملاجئ، وهم يسمعون دوي القصف المكثف، الذي تشهده عدد من المناطق، لليوم الرابع على التوالي. ومهما كتبنا في هذا الحيز، لن نقدم سوى صورة مختزلة جدا عما يعيشه مغاربة أوكرانيا هذه الأيام، وبالتالي لا يمكن إلا أن ندق ناقوس الخطر، ونحث المسؤولين في وزارة الخارجية والسفارة والقنصليات على بذل مزيد من المجهودات لإخراج هؤلاء، في أسرع وقت ممكن، إلى مناطق آمنة. إننا نتفق جميعا أن الحرب فرضت على الجميع، (حكومات ومهاجرون وطلبة وبعثات دبلوماسية)، أمرا واقعا، لا يمكن تغييره بحزمة إجراءات، خصوصا في منطقة لا يملك فيها أحد خيارات كثيرة. فالحرب هي الحرب، بكل اختصار، لا ترحم أحدا، ولن تنتظرك حتى تبحث عن جواز سفرك، وتعد حقيبتك وتربط خيوط حذائك وتسرح شعرك أمام المرآة. لكن في الوقت نفسه، يجب أن نقر أن وزارة الخارجية لم تأخذ الأمر على نحو جدي، منذ البداية، وعملت بمنطق أضعف الإيمان، الذي يعني بالنسبة إليها تحرير بلاغ تطلب فيه من المغاربة مغادرة البلد، وهو المنطق نفسه الذي ساد في فترات الحجر الصحي، حين كانت تغلق الأجواء والمعابر في وجه المغاربة، هكذا دون سابق إنذار. إن مهام وزارة الخارجية وبعثاتها الدبلوماسية، ليست تحرير البلاغات وإصدار الأوامر، بل المعرفة الدقيقة لأحوال كل مغربي ومغربية خارج الوطن، واعتبارها رمزا من رموز السيادة لا يمكن العبث به. فقد أظهرت مجريات أحداث الأيام الأخيرة، أن موظفي السفارة والقنصليات لا يعرفون المشاكل الحقيقية لآلاف الطلبة الذين يتابعون دراساتهم في عدد من التخصصات، ولا يعرفون، على وجه التدقيق، طبيعة العلاقة التي تربطهم مع إدارات هذه الجامعات، وظروف سكنهم وعيشهم في هذا البلد. لذلك، عوض الاكتفاء بإصدار بلاغات من باب رفع العتب، كان على الوزارة أن تتجند لحل كل مشكل على حدة، وتهييء عودة جميع الطلبة في ظروف آمنة، قبل أيام من اندلاع الحرب، مع ضمان رجوعهم إلى دراستهم بعد انتهاء الحرب دون صعوبات، أو أثر على مستقبلهم. طبعا، لا شيء من ذلك حصل كالعادة، ونحن نلاحظ كيف تضاف مأساة مغاربة أوكرانيا إلى مآسي جاليات مغربية أخرى في العالم، لا نتذكرها إلا في عمليات «مرحبا»، أو حين نتفقد خزينة الدولة ونطلع على مساهمة المهاجرين فيها. للأسف.

طلبة أوكرانيا

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

نهاية «الامتياز القضائي» لكبار الدولة

ضيعات لتبييض أموال الكوكايين

مقالات ذات صلة