الضرائب”بعبع” القطاع الخاص

الحكومات المتعاقبة تفرض أعلى مستويات في إفريقيا والمنطقة العربية
تنهك الحكومة كاهل المقاولات في القطاع الخاص بعدد كبير من الضرائب التي تجعل الاستثمار في هذا المجال مغامرة غير محسوبة العواقب.
وتعول الحكومة على إنعاش خزينتها على عائدات الضرائب والرسوم الجبائية المتأتية من القطاع الخاص غير المعفي، إذ تتوقف عشرات المقاولات في منتصف الطريق، حين يقتنع أصحابها أنهم يتعبون في الليل والنهار فقط من أجل أداء رواتب العمال ونفقات التسيير، ثم الضرائب، بينما تتقلص الأرباح لتصل إلى أرقام مخجلة.
وكشف المستورعبد اللطيف الجواهري والي بنك المغرب، حين قال في تقرير قدمه أمام لجنة المالية والتنمية الاقتصادية، إن كثرة الضرائب تنهك المقاولات والشركات المغربية في القطاع الخاص وتعيق تطورها.
وأكد الجواهري أن مجموع الضرائب على الدخل والرأسمال في المغرب يصل إلى 33 في المائة تقريبا، وهو مستوى أعلى مقارنة بأغلب دول الفئة التي ينتمي إليها المغرب، وأعلى بكثير من المستوى المسجل ببعض الدول القريبة، مثل الأردن (13.2في المائة) وبولونيا (13.3 في المائة) والتشيك (16.5 في المائة) وتركيا (18.5 في المائة).
وفي وقت تدافع فيه الحكومة عن خطاب لتشجيع الاستثمار ودعوة الراسمال الخاص للانخراط في التنمية الاقتصادية والاجتماعية واحداث مناصب شغل جديدة لامتصاص البطالة، يفاجأ المستثمرون بلائحة عريضة من النفقات الإجبارية المستحقة للدولة، تؤدي دون الحق في “الشكاية”.
وتمثل الضريبة على الشركات واحدة من هذه الضرائب الباهظة المفروضة على المقاولات، إذ قال عبد اللطيف الجواهري في التقرير المقدم أمام اللجنة إن هذه الضريبة تبلغ 31 في المائة، وهي أعلى بكثير من المستويات المسجلة على الصعيدين العالمي (في حدود 23 في المائة) و الإفريقي (لا تتجاوز 2.5 في المائة).
ورغم بعض “التدابير” التي وردت في قانون مالية 2022 بخصوص الضريبة على الشركات، مقارنة مع قانون 2018 وما بعده، فإن الثقل مازال منهكا للشركات التي لا تحقق أرقام معاملات كبيرة، خصوصا في ظل الأزمات التي يعرفها المغرب في السنوات الماضية، وما سيشهده في السنوات المقبلة.
وتعتبر الضريبة على الشركات “بعبع” القطاع الخاص في المغرب، إذ يعود تاريخ اعتمادها إلى 1987، وقد خضعت لعدة تعديلات ما بين 1988 و1996 تم بموجبها خفض المعدل من 45 في المائة إلى 35 في المائة. وفي 2008، تم اعتماد إصلاح حدد معدلها في 30 في المائة بالنسبة للشركات غير المالية، و37 في المائة للشركات المالية.
وفي السنوات الأخيرة، شهدت هذه الضريبة إصلاحات متوالية بدأت في 2016 بتغيير سلم التضريب بالاعتماد على الأرباح عوض رقم المعاملات. وتم اعتماد معدلات تصاعدية (10 في المائة بالنسبة للأرباح أقل من 300 مليون درهم، و20 في المائة ما بين 0.3 مليون درهم و1 مليون درهم، و31 في المائة لما فوق 1 مليون درهم، و28 في المائة بالنسبة للشركات الصناعية التي تحقق أكثر من 1 مليون درهم).
وعوض هذا النظام التصاعدي، اعتمد قانون مالية 2022، نظاما نسبيا في احتساب الضريبة على الشركات. فبالنسبة إلى الشركات التي يقل، أو يساوي رقم معاملاتها السنوي 300 ألف درهم يطبق عليها معدل 10 في المائة، أما رقم المعاملات المتراوح ما بين 300.001 درهم إلى مليون درهم، فإنه يطبق عليه معدل 20 في المائة، ورقم المعاملات الذي يفوق مليون درهم، فإن معدل 31 في المائة هو المعدل المطبق.
يوسف الساكت