مجتمع

“فيلـودروم”… متنفـس لهـواة المشـي

حديقة للبيضاويين و فضاء طبيعي للعب الأطفال وحراسة مشددة

«فيلودروم» حديقة وفضاء تاريخي عاد لينبض بالحياة من جديد بفضل سياسة إعادة التأهيل، إذ عانى سكان البيضاء، لسنوات، بسبب ارتفاع مساحات الإسمنت المسلح، على حساب الفضاءات الخضراء في المدينة، خاصة بعد أن أصبحت العديد من الحدائق وفضاءات الاستجمام بالعاصمة الاقتصادية، ملاذا للمتسكعين والمشردين ومرتعا للأزبال والقاذورات، قبل أن ينكب مسؤولو المدينة، على إطلاق مشاريع لتنميتها وإعادة تأهيلها، استغرقت سنوات عديدة، قبل أن تخرج إلى الوجود، من جديد، نابضة بالحياة، وفي مستوى تطلعات السكان، الذين أصبح لديهم متنفس حقيقي، يمكنهم من الاستمتاع بتجربة عيش أجود وأفضل.

اختفت الدراجات وكلاب السباق من «فيلودروم»، فحلبة البيضاء العريقة الممتدة إلى بداية القرن العشرين، أصبحت حديقة حضرية، بعد انتهاء جميع الأشغال، منذ إعلان بداية الهدم، وتم تعويضها بمشروع طموح لفائدة سكان العاصمة الاقتصادية، رصد له 15 مليون درهم، ويشمل إحداث حديقة حضرية تضم فضاءات رياضية وترفيهية، وأخرى ذات صبغة اقتصادية.
لم يعد يثير غياب حلبة «فيلودروم» التوجسات، إذ أصبحت حديقة تستقبل عشرات السكان، خاصة أن موقعها في حي «راسين أنفا»، جعل فئات كثيرة تستفيد من خدماتها وأنشطتها، ولم يعد الحديث عن المعلمة التاريخية الرياضية يجد صدى للرافضين للمشروع، علما أن الحديقة احتضنت بطولات عالمية، ونافس في مضمارها أبطال عالميون في سباق الدراجات الهوائية، في فترة الحماية الفرنسية وبعد الاستقلال. كما اعتبرت حاضنة الدراجة المغربية، بعدما اتخذتها الجامعة الملكية المغربية للدراجات مقرا لها، منذ سبعينات القرن الماضي، وحصد المغرب بفضلها عشرات الميداليات.
الآن، الحلبة أصبحت حديقة يحرسها حارس أمن خاص يتشدد في مراقبة كل الزائرين، أو الراغبين في ممارسة رياضة المشي، أو التنزه، أو مرافقة الأطفال في الألعاب، ف»الحفاظ على الحديقة أولوية قصوى، حتى لا تصبح، مثل بعض الفضاءات مرتعا للمتشردين أو المخربين»، كما قال أحد الزائرين الذي أبدى إعجابه بالتنظيم وسهولة الولوج إلى الحديقة.
افتتحت الحديقة الحضرية لملعب «فيلودروم أنفا» في وجه العموم، في حلة جديدة، تسمح ل»البيضاويين» بالاستمتاع بفضاء جديد مخصص للاسترخاء والترفيه، إذ تم تجهيزها بمطعم ومتجر، وتمتد على مساحة إجمالية تقدر ب 2.2 هكتارا، منها 8854 مترا مربعا مساحة خضراء، وأزيد من 300 متر مربع مخصصة لألعاب الأطفال، بالإضافة إلى ملعب للكرة الحديدية ومعدات رياضية، إذ يندرج هذا المرفق الحيوي، الذي أصبح فضاء بامتياز لمزاولة الرياضة والأنشطة الترفيهية للسكان، في إطار مشروع إعادة تأهيل وتثمين ملعب «فيلودروم» بقلب حي «راسين أنفا». كما يأتي في إطار إستراتيجية شاملة لحماية وتثمين الموروث الثقافي المادي واللامادي والطبيعي للبيضاء.
وتمت إعادة تأهيل وتثمين الحلبة المشيدة في 1922، والمصنفة تراثا وطنيا منذ 2013 ، مع الحفاظ على مرافقه التراثية الرئيسية، بما في ذلك المنصة التي يعود تشييدها إلى 1927 والتي تمت إعادة تأهيلها كجزء من المشروع إلى جانب المضمار الذي يبلغ طوله 320 مترا والذي تم تحويله لإحداث حديقة حضرية للاسترخاء والترفيه.
أنجز المشروع في ظرف 23 شهرا بكلفة مالية تناهز 30 مليون درهم، ساهمت فيها وزارة الداخلية (المديرية العامة للجماعات الترابية) بقيمة 20 مليون درهم، ووزارة الثقافة والشباب والرياضة وجهة البيضاء سطات ب10 ملايين درهم مناصفة.

حلبة عريقة

وضعت سلطات الحماية الفرنسية، في 1919 اللبنات الأولى لـ»فيلودروم» البيضاء، وفتحت أبوابه في وجه عشاق سباق الدراجات رسميا في 1923. وكانت الحلبة تصنف ضمن المعالم الرياضية العريقة بالمغرب، إذ أجريت داخلها منافسات إفريقية وعالمية، واستقبلت أبطالا عالميين من قبيل الإيطالي بارتالي وغيرهم.
ويعتبر كثير من البيضاويين «فيلودروم»معلمة تاريخية، لكنها لم تعد تساير التقدم الحاصل على مستوى رياضة الدراجات، إذ أنجزت بمواصفات القرن العشرين، ثم أصبحت تواجه الدراجين مشاكل في التدريب حينما تكون هناك تساقطات مطرية، قبل أن تتحول إلى حديقة يقصدها البيضاويون.

خالد العطاوي


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات

نود أن نشكركم على زيارتكم لموقعنا. لكننا نود أيضًا تقديم تجربة مميزة ومثيرة لكم. لكن يبدو أن مانع الإعلانات الذي تستخدمونه يعيقنا في تقديم أفضل ما لدينا.