سياقة متهورة وإرباك لمستعملي الطريق واختراق للأنفاق والطرق الممنوعة أصبحت الدراجات النارية المستعملة في توصيل الطلبيات والأكلات الخفيفة، خطرا داهما يهدد مستعملي الطرق، بسبب تهور سائقيها وعدم احترامهم إشارات المرور، بل وعبورهم من الممرات الممنوعة على الدراجات، وغير ذلك من أساليب السياقة التي تهدد السلامة الطرقية، وتطرح استفهامات عريضة حول تشابه هذه السلوكات الطائشة بين العديد ممن امتهنوا هذه الحرفة. رغم أن سياقة الدراجات النارية لتوصيل الطلبات والقيام بمختلف أعمال السخرة، يوفران مناصب شغل مهمة سيما لفئة الشباب، إلا أن طريقة اشتغال هذه الفئات تطرح أكثر من علامات استفهام، سيما ما يسجل في حقهم من خروقات والطريقة التي يظهرون بها للعموم، فهم مسرعون دائما ويعانون الضغط، كما يتسابقون في العديد من الأحيان لإنجاز المهمات، لأن تنفيذ عدد من الطلبيات يحدد الأجر أو التعويض الذي يناله السائق، وهو ما يجعلهم تحت ضغط مستمر للتحصيل أكثر. تجمعات وفوضى أولى الملاحظات التي يسجلها المواطن، أن أغلب محلات الأكلات التي تعتمد هذا الأسلوب في التواصل مع الزبناء لتنفيذ طلبياتهم، تكتظ تلك الدراجات أمامها، ويتجمع السائقون حولها ويحدثون الفوضى، وهو ما يكون موضوع تشك من الجيران سواء كانوا سكانا أو تجارا، إذ أن النقاشات بين السائقين تكون بصوت مرتفع سيما بالنسبة إلى المحلات التي تعتمد على هؤلاء السائقين، دون أن يكونوا تابعين لها، أي أنهم يشتغلون بطريقة حرة، أو أجر هزيل ومدخولهم يتحدد من خلال عدد الطلبيات التي ينجزونها. سياقة وهاتف يفاجأ العديد من سائقي السيارات ومستعملي الطريق عموما، بدراجات نارية مميزة بصندوق خلفي، تسير بشكل متهور وسائقها يناور يمينا ويسارا، ولا يحترم إشارات المرور أو تحديد السرعة، أكثر من ذلك أنه في ظل تلك السرعة تباغت الدراجة النارية من خلفها بالإنقاص الفجائي منها، والتمايل بشكل خطير، وعند محاولة استطلاع السبب يتأكد أن سائق الدراجة توصل برسالة لتنفيذ طلب جديد على هاتفه وشرع في تفحصها لمعرفة مكان الإيصال والرد. استعمال الهاتف بشكل خطير لم يعد يقتصر على السيارات، بل حتى الدراجات النارية سيما تلك المخصصة لتوصيل الطلبات، إذ أصبحت خطرا على الطريق بسبب هذا الاستعمال، فقد يستساغ الرد عبر السماعات على المكالمات، لأن درجة الانتباه للطريق تظل مستمرة، إلا أن إخراج الهاتف ومسكه باليد والاطلاع على الرسائل الواردة والرد عليها، أمر يسبب العديد من المشاكل لمستعملي الطريق الذين قد يجدون أنفسهم مسؤولين عن حادثة ليسوا سببا فيها، بل بسبب تهور سائق الدراجة النارية. الطريق السيار والأنفاق رغم أن علامات التشوير الموجودة عند نقطة بداية أي نفق أرضي من الأنفاق التي تخفف الضغط عن السير والجولان، تحمل علامات تشوير تميزها دائرة حمراء وتتوسطها دراجة نارية، للاستدلال على أن الممر ممنوع على الدراجات النارية، إلا أن تلك العلامات تخترق، وكأنها لا تعني أصحاب الدراجات النارية المحملة بصندوق توصيل الطلبيات، وتتزاحم مع السيارات، بل إنها تسير بسرعة تفوق 60 كيلوميترا في الساعة، وكأنها في حلبة سباق مغلقة. ولا يتوقف الأمر عند الأنفاق الأرضية، بل يتعداها إلى الطرق السيارة، التي يمنع فيها منعا كليا مرور الدراجات النارية من الحجم سالف الذكر، ما يتسبب في أخطار لمستعملي الطريق، سيما أن بعض تلك الدراجات يتم تعديل سرعتها عبر إحداث تغييرات بمحركاتها، لتنضاف خطورة تلك التعديلات إلى السياقة المتهورة.Μ ضرورة التدخل بعد أن تزايد الإقبال على تشغيل الدراجات النارية في توصيل الطلبيات، وأصبحت تتحرك أكثر في أوقات الذروة، على اعتبار أن أغلبها مخصص لإيصال الوجبات السريعة سواء للموظفين أو المستخدمين أو غيرهم ممن يفضلون البقاء في مكاتبهم والتوصل بوجبة الغذاء، أصبح ضرورة تدخل المسؤولين للتقنين والتنظيم. وسبق لدول في الخليج العربي أن عمدت إلى تقنين ما يصطلح عليه بـ"الديليفري» بعد ارتفاع نسبة حوادث السير التي يتسببون فيها، إذ أصبح توصيل الطلبيات متوقفا على الحصول على ترخيص تمنحه الجهة المعنية، بناء على التقيد بمجموعة من الشروط. وبات أمام التزايد المستمر لهذه الدراجات التي تشتغل في عشوائية، أن يتم تنظيمها سواء بوضع التزامات محددة للشركات، التي تتخذ من غرض التوصيل نشاطا تجاريا لها وتوظف عشرات الشباب، أو من قبل من يرى في نفسه الأهلية للقيام بهذا النشاط في شكل مقاول ذاتي، وأن تفرض مجموعة من التدابير، من قبيل اجتياز امتحان في سياقة الدراجات، وتوقيع مدونة سلوك على الطريق وغيرها من الإجراءات الرامية إلى الحد من الخطورة، التي تحدثها في الطرق والشوارع. المصطفى صفر