قانون محاربة العنف… نقائص تعتري المشروع

قاضيات وجمعويات يناقشن المشروع وممثل الوزارة يطالب المتدخلين بتوصيات في خضم النقاش الدائر حول العنف ضد النساء ومشروع القانون الذي أصدرته وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، وحاولت من خلاله مقاربة الوضعية بوضع نصوص قانونية زجرية لمحاربة الظاهرة، ارتأت الجمعية المغربية للمرأة القاضية، تنظيم ندوة لمقاربة ظاهرة العنف ضد النساء ومدى ملاءمة مشروع القانون للواقع. عمدت الندوة إلى طرح الإشكالية من وجهة نظر النيابة العامة والضابطة القضائية والجمعيات المهتمة، خلصت إلى توصيات، كان من أهمها الدعوة إلى حوار وطني لمقاربة الظاهرة تشارك فيه كل الفعاليات المجتمع دون استثناء، ويتم فتح قنوات الحوار والتواصل للخروج بقانون لا يغلب عليه الطابع الزجري. كان من بين أهم الملاحظات التي حملتها بشرى سليم، نائبة وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية "المحكمة الزجرية" بالبيضاء، تلك التي تخص تسمية المشروع، إذ كان ينتظر منها أن تخص النساء فقط، غير أن المفاجأة التي حملها المشروع، هي تضمين فئات أخرى الأطفال والأصول والكافلين والأزواج ما يدخله في معالجة عمومية، ويبعده عن تصور دقيق لتجريم العنف ضد النساء. المشروع مجرد تعديلات على قوانين قائمة اعتبرت سليم في مداخلتها حول موضوع "مشروع قانون محاربة العنف ضد النساء بين القانون الجنائي والمسطرة الجنائية"، أن مقتضيات هذا القانون "جمعت بين حماية المرأة وحماية الطفل، في حين كان حريا به أن يتكفل بالمرأة فقط، وتنظيم وضعيتها كضحية للعنف، خاصة أن وضعية المرأة مختلفة عن وضعية الطفل. وبالنسبة إلى تعريف العنف، أشارت نائبة وكيل الملك إلى اقتحام تعريف العنف ضمن آليات التكفل يعد أمرا غير مقبول، إذ كان حريا عند الحديث عن العنف إجراء تصنيف له وترك أمر التعريف للفقهاء والاجتهاد القضائي حتى يبقى الباب واسعا، لإدماج كافة أنواع المعرفة أو الممكن تصور ظهورها مستقبلا، حتى لا يكون القاضي عند تطبيق النص القانوني مرتبطا بتعريف معين يقيده في بعض القضايا.وبخصوص المنهجية، أشارت نائبة وكيل الملك إلى أن "القانون الجديد جاء عبارة عن تعديلات على فصول القانون الجنائي، خاصة بابه الثاني، فيما حمل بابه الثالث إجراءات مسطرية، تظهر أنها تعديلات على المسطرة الجنائية، ويتضح أن باقي مقتضيات المشروع مجرد تعديلات على قوانين قائمة ما يفرغه من محتواه كقانون قائم الذات وخاص بفئة معينة، ولم تخف أن الملاحظات التي أبدتها تسير في اتجاه الوصول إلى مشروع قانون يحارب جريمة العنف ضد النساء بشكل متكامل. الناصري تدعو إلى حوار وطني حول العنف ضد النساء لم يكن هاجس العنف ضد النساء بالنسبة إلى عائشة الناصري، رئيسة الجمعية المغربية للمرأة القاضية وليد ما يشهد الحراك الدائر في الوقت الحالي حول مشروع قانون العنف ضد النساء، وإنما منذ 2006، حينما مثلت المغرب في اللقاء الإقليمي الذي نظمته منظمة كفى عنفا واستغلالا، ببيروت، والذي كلفت فيه ساعتها بدراسة نقدية لوثيقة خاصة بالعنف أعدتها الأمم المتحدة، واعتبرت خلال اللقاء الذي نظمته جمعيتها حول موضوع "أي موقع للوقاية والحماية في مشروع قانون العنف ضد النساء؟"، يوم الجمعة الماضي، أن المغرب يعتبر من البلدان التي اهتمت بالعنف الممارس ضد النساء وعمدت خلال تشريعها إلى الاستجابة إلى الالتزامات الدولية بهذا الشأن.وترى رئيسة الجمعية أن ظاهرة العنف الممارس ضد النساء تعرف تسارعا للوتيرة بشكل مقلق ليس في المغرب فقط، ما يتوجب دراسة الوضعية من جميع الجوانب، ليس فقط من خلال التشريع الجزري بل لابد من مقاربة علاجية تأخذ بعين الاعتبار وضعية المعنفة، وحتى المعنف من خلال دمج أطباء نفسانيين. وشددت الناصري على ضرورة فتح وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية الراعية لمشروع العنف ضد النساء لحوار وطني تشارك فيه جميع الفعاليات المتهمة، على شاكلة الحوار الوطني لإصلاح العدالة الذي أطلقته وزارة العدل والحريات، لكي تتم ملامسة الظاهرة من جميع الجوانب، وتتمكن من الخروج بقانون شامل، يترجم تطلعات المجتمع في محاربة الظاهرة. 1260 شكـاية سنـتـي 2012 و2013 ظاهرة العنف عالمية وليست محلية أكدت نزهة العلوي، البرلمانية السابقة، وممثلة اتحاد العمل النسائي، في مداخلتها حول "مشروع قانون العنف ضد النساء ومدى ملاءمته مع المواثيق الدولية"، أن ظاهرة العنف عالمية وليست محلية، واستفحلت في الآونة الأخيرة بشكل كبير، مستندة في ذلك إلى إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط، التي أظهرت أن 62.8 في المائة من النساء تعرضن للعنف، مضيفة أن دور الحركة النسائية ساهم في كشف الظاهرة والتحسيس بمخاطرها على تماسك الأسر والمجتمع برمته. وأقرت العلوي أن المغرب اعتمد إستراتيجية لمناهضة العنف ضد النساء من خلال التطور الذي عرفته التشريعات الوطنية فيما يتعلق بوضعية النساء (مدونة الشغل والقانون الجنائي ومدونة الأسرة وقانون الجنسية)، وأيضا رفع تمثيلية النساء في المؤسسات التنفيذية (مجلس النواب والجماعات المحلية)، فضلا عن مضامين دستور 2011، الذي نص في ديباجته على ضرورة إرساء مجتمع يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية، والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية، ومقومات العيش الكريم، كما حظر جميع أشكال التمييز من خلال الفصول 19 و20 و21 و22 و30. وأبرزت أن المغرب صادق على جميع الاتفاقيات الدولية، وعمل على ملاءمتها مع التشريعات الوطنية، مضيفة أن مشروع قانون العنف ضد النساء جاء في سياق الدستور الجديد، لكن وصفته بـ "الجديد- القديم"، قائلة "في الواقع هو مجرد تعديلات على القانون الجنائي، وهو قانون يجمع بين النساء والأطفال، وأتى بتعاريف فضفاضة وغير دقيقة، وأحيانا غامضة"، مضيفة أن مشروع القانون "ركز كثيرا على المقاربة الزجرية، ولم يعتمد مقاربة مندمجة تراعي أبعاد الوقاية والحماية والزجر والتكفل". خلايا لتقديم الدعم القانوني والنفسي أوضحت المديرية العامة للأمن الوطني، هي الأخرى وجهة نظر في قضايا العنف ضد لنساء، إذ أكدت صليحة ناجح، أن المديرية، منذ إحداث الخلايا العنف ضد النساء، عمدت إلى القيام بدورات تكوينية مستمرة تستهدف ضباط الشرطة القضائية والعناصر العاملة بالخلية حتى تكون مؤهلة لاستقبال النساء ضحايا العنف. وأكدت ناجح أن من المقومات التي قامت بها المديرية العامة للأمن الوطني هي تأنيث تلك الخلايا، وذلك بأن تضم في تشكيلتها موظفات الشرطة لمنح نوع من الدعم النفسي ومزيد من الثقة إلى النساء المعنفات، وتسهيل عملية التواصل واستيقاء المعلومات في الأبحاث. وكانت لغة الأرقام حاضرة في الندوة، إذ بلغ عدد الشكايات المتعلقة بموضوع العنف ضد النساء، التي توصلت بها خلايا التكفل بالنساء والأطفال بالمحاكم، 1260 شكاية بين سنتي 2012 و2013، فيما بلغت القضايا المتعلقة بموضوع العنف ضد الأطفال 69، وقضايا العنف ضد المرأة 64، وقضايا الأطفال في وضعية صعبة 11 قضية. هذه الأرقام جاءت في مداخلة حورية سار، نائبة وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالمحمدية، حول موضوع خلايا التكفل بالنساء ضحايا العنف بين الممارسة والمأسسة"، إذ أكدت أنها مرتفعة، مقارنة مع السنوات الماضية، بعد إحداث خلايا التكفل بالنساء والأطفال بالمحاكم المغربية. وأوضحت سارة أن هذه الخلايا، التي تستهدف النساء والأطفال ضحايا العنف، والأطفال في وضعية صعبة أو مخالفة للقانون أو إهمال، تعمل جاهدة على الحد من ظاهرة العنف ضد النساء، عبر تقديم الدعم القانوني والنفسي، مشيرة إلى أن كل خلية تتألف من مجموعة من المتدخلين كل حسب اختصاصه، على رأسهم ممثل النيابة العامة (منسق عام)، وقاضي الأحداث وقاضي التحقيق وقاضي الحكم (مستشارين)، بالإضافة إلى المساعدة الاجتماعية وكتابة الضبط. ولم تخف نائبة وكيل الملك أن الاشتغال داخل خلايا التكفل بالنساء والأطفال التابعة للمحكمة الابتدائية بالمحمدية أبان على مجموعة من العراقيل، التي يجب اجتنابها، وتتلخص في ضرورة ضمان التفرغ لمنسق الخلية، بهدف العناية اللازمة بقضايا المرأة والطفل، وتدعيم الخلايا بالمزيد من المساعدين الاجتماعيين لاستيعاب جميع الإشكاليات المطروجة عليها، مع ضرورة إحداث خلايا نوعية، والعمل على توحيد طرق العمل بين جميع الخلايا، وسن قوانين تنظيمية تنص صراحة على تدخل الخلية والأدوار التي يمكن أن تقوم بها المساعدة الاجتماعية. وحاولت النقاشات التي صاحبت الندوة كلها تسليط الضوء على ما اعتبرته التدخلات نقائص تعتري المشروع، والتي يجب التنصيص عليها غير أن ممثل وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية اعتبر في تدخله أن مشروع القانون حاول إثارة جميع النقاط، معتبرا أنه هناك ربما سوء فهم لمضامينه، مطالبا بتوصيات لاعتمادها في حال وجود أي نقصان في المشروع. كريمة مصلي

قانون محاربة العنف… نقائص تعتري المشروع

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

اختلالات بمؤسسة الأعمال الاجتماعية للأشغال العمومية بأكادير

ولاة وعمال بارزون خارج الإدارة الترابية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات