سـلــطــة بــلا مــــال

الاستقلالية لا تستقيم مع التبعية القضاة لا يتقاضون تعويضات عن العمل خارج الوقت الإداري، ولا يتقاضون نسبا عن المردودية وتحرير الأحكام، وتتساوى الهيأة التي تصدر 1000 حكم في الشهر، مع تلك التي تصدر أقل من عشرة. بينما موظفو قطاعات أخرى من قبيل الجماعات يستفيدون على الأقل من تعويض عن التنقل، ورؤساء المصالح من سيارات للدولة، أما مستخدمو المؤسسات العمومية الكبرى فيتقاضون تعويضات تصل في بعض الأحيان إلى الأجر أو تتعداه، تحت مسمى المردودية. وإذا كانت هذه الوضعية مستساغة في وقت كانت فيه وزارة العدل، تضم القضاة وكتاب الضبط وموظفي السجون، فإنها اليوم بعد استقلال السلطة القضائية لم تعد مقبولة، فلا يمكن الحديث عن استقلال حقيقي، في غياب أهم شروط الاستقالية، إذ أن من يملك المال يملك القرار، فالتبعية المادية عائق، قد يتحول إلى وسيلة للضغط. وسبق لمحمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للسلطة القضائية، أن لفت الانتباه إلى هذه النقطة، عندما كان يزاول مهام رئيس النيابة العامة، إذ طالب في تقريره السنوي حول تنفيذ السياسة الجنائية، بتدخل تشريعي، وتنظيمي يحقق للنيابة العامة استقلالها المادي، والمالي، معتبرة أن الاستقلال المالي المحقق لا يتجاوز توفير مقر رئاسة النيابة العامة، مؤكدا أن الوسائل والإمكانيات المادية، واللوجستيكية، التي يشتغل بها أعضاء النيابة العامة لا تزال خاضعة بشكل مباشر، وبكيفية كاملة لوزارة العدل، كما سجل وجود نقص كبير في الموارد البشرية، خصوصا قضاة النيابة العامة، ما جعل معدل الإجراءات السنوي لكل قاض يتجاوز 6000 إجراء، داعيا إلى توفير وسائل العمل للنيابات العامة، ضمنها وسائل النقل للقيام بالزيارات التفقدية لأماكن الاعتقال، والإيداع المختلفة، وكذا البرامج المعلوماتية اللازمة، وربطها برئاسة النيابة العامة لتمكينها من تتبع ومراقبة تنفيذ السياسة الجنائية. والحديث عن النيابة العامة يجر إلى الحديث عن قضاة الحكم، فوزارة العدل هي المسؤول المالي، ومع مختلف المهام والأعباء المنوطة بها، فإن أمر تخصيص ميزانية مستقلة للسلطة القضائية، أصبح اليوم أكثر إلحاحا، بالنظر إلى حجم الإكراهات والمتطلبات الملقاة على هذه السلطة، سيما أن البنايات وصيانتها وصيانة المكاتب وغير ذلك شأن خاص للوزارة، بل حتى القضاة يكونون تحت عهدتها لأن المعهد العالي للقضاة، يتبع بدوره لوزارة العدل. يشار إلى أنه للوصول إلى دستور 2011، الذي ارتقى بالقضاء إلى سلطة، قطع المغرب مسارا طويلا، بدءا بمسلسل طي صفحة الماضي التي عرفها المغرب بداية من حكومة التناوب (1998 – 2002) مرورا بتوصيات هيأة الإنصاف والمصالحة (2005)، وانتهاء بتأصيل توجهات المغرب، من أجل الارتقاء بالقضاء لمرتبة السلطة الدستورية المستقلة، وهو المبدأ الذي ترجم في الفصل 107 من الدستور الحالي، والذي تم تعزيزه بمجموعة من النصوص التنظيمية، التي تروم منح ضمانات ليس لاستقلال القضاة فقط، ولكن وكذلك لاستقلال النيابة العامة بشكل كلي عن وزارة العدل. المصطفى صفر

سـلــطــة بــلا مــــال

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

خبرة لمتهم بقتل 4 أشخاص

نشر التأديبات لتقويم الاعوجاج

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات