مقاول شاب دخل سوق المنافسة بتأسيس شركة للإنتاج مختصة في الإعلام وتصوير أفلام وثائقية للترويج للمغرب "خاص غير الزعامة والإيمان بالقدرات"، شعار اتخذه حسن كجوط شاب ثلاثيني منطلقا لتحقيق حلمه في إنشاء مقاولة إعلامية، في عصر التنافس والبقاء للأصلح. حسن واحد من الشباب الذين استطاعوا بامكانياتهم الذاتية أن يشقوا لهم طريقا نحو النجاح، فابن تنغير المنتمي لما يعرف ب"المغرب العميق" الذي يعاني الفقر والتهميش، قرر خوض غمار التحدي بركوب مغامرة الاستثمار في ميدان الإعلام والأفلام الوثائقية عوض الاكتفاء بالاشتغال صحافيا أجيرا في مؤسسة خاصة أو عامة. بداية الحكاية وهو يتابع دراسته الابتدائية والإعدادية، دأب حسن على تقليد نشرات الأخبار في حصص المطالعة، قبل أن يقرر بذل مجهوداته لتحقيق النجاح، من أجل الحصول على الباكلوريا، التي يعتبرها مفتاحا لولوج عالم الصحافة والإعلام الذي ظل حلما يراوده منذ الطفولة. وبعد حصوله على شهادة الباكلوريا، وجد نفسه حائرا بين عدد من التوجهات، إذ اختار دراسة شعبة العلوم الاقتصادية ثم انتقل لدراسة شعبة تقني متخصص في المالية والمحاسبة، بهدف إتمام دراسته بالخارج للحصول على آفاق أرحب، قبل أن يقرر بعد تخرجه التخلي عن فكرة الهجرة إلى الخارج. ولأنه كان مدمنا على الكتابة والبحث في الأمازيغية والانثروبولوجيا والشعر، نشر في عدد من الجرائد المهتمة بالثقافة الأمازيغية التي كانت تعاني الإقصاء والتهميش، إلى أن اقترح عليه صديقه فكرة التسجيل بالمعهد العالي للصحافة والإعلام لتحقيق حلمه الطفولي، وهو ما استجاب له حسن ليتابع دراسته وخاض تجارب ميدانية وتدريبات بعدد من المؤسسات الإعلامية. أمل بعد إحباط ولأنه مر من تجربة محبطة تمثلت في استغلاله من قبل إحدى شركات الإنتاج دون منحه مستحقاته، قرر اعتبار عمله مجرد فترة تدريب لاكتساب التجربة، ليقرر حينها خوض غمار تأسيس مقاولة إعلامية خاصة به، بالقول "ما المانع من إنشاء شركة للإنتاج؟". ولأنه خبر المجال بعد فترات تدريب وعمل، تمكن حسن من تأسيس شركته الخاصة اعتمادا على إمكانياته الذاتية، وإدخال أحد الشركاء الذي عرضه للخداع واستولى على شركته ليفر إلى الخارج. ورغم صعوبة الوضع الذي يمكن أن يؤدي به إلى البطالة وإعلان الإفلاس، إلا أن "الصبر والاجتهاد" اللذين يعتبرهما حسن مفتاحا للنجاح، جعلاه غير مستسلم لما جرى، فأعاد التجربة مرة ثانية مهما كانت عواقبها، إذ بادر بإمكانياته الذاتية إلى إنشاء شركة أخرى في 2016 تعنى بالإعلام وإنتاج الأفلام الوثائقية. التحرك بحرية كشف حسن أن الدوافع التي جعلته يقرر دخول عالم المقاول الذاتي، رغبته في التحرر من ثنائية "الباطرون والأجير" والتحرك بحرية في تنفيذ أفكاره ومشاريعه حتى لو كانت مجنونة بالنسبة للآخرين، وأيضا ليبرهن لصاحبة الشركة التي استغلته طويلا أنه قادر على صنع اسم له في الميدان وإثبات ذاته مهما كانت العوائق والصعوبات. وأورد الشاب في حديث مع "الصباح"، أن صحافي اليوم يجب أن يكون ملما بجميع التخصصات التي تتعلق بميدانه، مشيرا إلى أنه في مقاولته الخاصة يعمل على الإعداد والترجمة والتصوير والمونتاج، رغم أن هناك طاقما يساعده، فهاجس الإبداع والتميز يجعله حاضرا بمختلف مراحل الإنتاج حتى يكتمل العمل ويكون ذا جودة تنال إعجاب الزبون والمتلقي على حد سواء. القدرة على التنافس أوضح حسن وهو يتحدث بثقة، أنه بعد خوضه تجارب مهمة في الصحافة وشركات الإنتاج، وبعد دخوله المعترك، استطاع التعرف على كيفية المشاركة في طلبات العروض والصفقات العمومية التي تهم المجال التلفزيوني والإذاعي والمركز السينمائي المغربي من برامج وثائقية وأفلام قصيرة وطويلة، ثم الصفقات العمومية التي لها علاقة بالإعلام كالإشهار والوصلات والفيديوهات الترويجية لمؤسسة منتخبة أو إدارات أو قطاعات وزارية كوكالة تنمية الواحات وشجر الأركان و"أونسا" وغيرها أو شركات خاصة. و استطاع حسن السير بخطوات حثيثة لتوفير ما ينقصه باقتناء كل ما يخصه على حدة، ثم البحث عن كيفية توفير المعدات المتبقية "راك عارف الماتيرييل غالي بزاف ولكن حيت أنا ما كنبغيش اللي عاوني ويمن علي، أؤمن بضرورة العمل بالمتوفر وتوفير ما يخص على قدر المستطاع". وتمكن حسن من نيل ثقة عدد من الفاعلين في المجال، إذ تخصص في إنجاز ربورتاجات لعدد من المهرجانات من بينها مهرجان الورود بقلعة مكونة والمهرجان الدولي للمضايق بتنغير قبل جائحة كورونا ودفع طلبات لتنظيم مهرجانات وملتقيات أخرى وإنجاز أفلام وثائقية داخل المغرب وخارجه، فالهاجس الذي يشغل المستثمر الشاب هو صنع اسم لمقاولته يحظى بالاحترام والتقدير. خدمة الأمازيغية استطاع حسن تحويل مقاولته الإعلامية من وسيلة للصحافة والإعلام، إلى صناعة للتسويق والترويج للمناطق المستهدفة في أعماله التاريخية والثقافية والفنية، من أجل توفير فرص العمل المباشرة وغير المباشرة حيث يستفيد الجميع من الحركة السياحية النشطة وينتعش الاقتصاد والتجارة وحركة التبادل التجاري والثقافي، مشددا على أن هدفه الأساسي من وراء مقاولته الإعلامية التعريف بما تزخر به جهة درعة تافيلالت خاصة والمغرب عامة من معالم سياحية سواء أكانت طبيعية أم أثرية تاريخية أم فندقية أم فنية، باستخدام جميع الوسائل الإعلامية المتطورة من أفلام وثائقية وإعلانات قادرة على جذب السياح الأجانب ومواطني البلد، لما لذلك من أثر إيجابي في الترويج السياحي والمساهمة في تنمية المنطقة أو الجهة المستهدفة. ولأنه لا ينفك عن دفاعه عن أصوله وحضارته، قرر حسن تسخير طاقاته ومؤهلاته ومقاولته أيضا لإحياء وبعث الثقافة والهوية الأمازيغيتين، وتأريخ وتوثيق الأحداث التي عرفتها المناطق الأمازيغية عامة وتنغير خاصة ومؤهلاتها الثقافية والفنية داخل المغرب وخارجه. محمد بها