قرارات السراح المؤقت تحتاج إلى الجرأة رغم مرور أشهر على الدورية الصادرة عن رئاسة النيابة العامة، في شأن التعامل مع قرارات الاعتقال الاحتياطي إلا للضرورة، إلا أن متتبعين مازالوا يجمعون على أن دار لقمان مازالت على حالها في التعامل مع الأفراد الموقوفين، إذ تغيب الجرأة في تفعيل الدورية بسبب مجموعة من الإكراهات. ومازالت العديد من سجون المملكة تعاني الاكتظاظ، سيما خلال فترة الجائحة التي عرفت صعوبات آجال البت في ملفات التلبس، ما انعكس سلبا على تفعيل الدورية، وظلت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج تشتكي من ارتفاع نسبة الاعتقال، وهو ما يرفع نسبة الحاجة إلى موارد مالية وبشرية أكثر لمواجهة سلبيات قرارات الاعتقال الاحتياطي. ويرى حاتم عريب المحامي بهيأة الرباط، أن الجهاز القضائي بالبلاد لم يصل بعد إلى تجسيد استقلالية السلطة القضائية على أرض الواقع سواء بالنسبة للقضاء الجالس أو الواقف، إذ غابت برأيه الجرأة في اتخاذ القرارات الشجاعة لمنح قرارات السراح المؤقت ولو بالضمانات المتوفرة كدفع الكفالات أو المراقبة القضائية وأيضا سحب جوازات السفر وإغلاق الحدود في وجه المشتبه فيهم. ويضيف عريب أن القاضي ما زال يتلقى استفسارات عن سبب تسريحه للمشتبه فيهم، ولا يسأل عن أسباب اتخاذه قرار الاعتقال الاحتياطي، وهو ما يفسر أن ممثلي النيابات العامة يدفعون باتخاذ هذه الإجراءات لتفادي تلقيهم الاستفسارات والوقوع في المطبات، ليس أمام الرؤساء في العمل، وإنما أيضا أمام الرأي العام وأمام مختلف الفعاليات الحقوقية والجمعوية، وكذا محو الشبهات التي عادة ما تلصق بهم. ويشدد المتحدث ذاته على أن عودة النواب إلى وكلاء الملك أو الوكلاء العامين، من أجل الاستشارة معهم في قضايا الاعتقال أو السراح يشكل بدوره معيقا في استقلالية النواب أثناء اتخاذ القرار، سيما أن النائب يتتبع جميع مراحل الأبحاث التمهيدية ويكون على إلمام بمختلف الشكليات والحقائق المرتبطة بمضمون الشكاية أو الوقوع في حالة تلبس. ويلفت المتحدث ذاته الانتباه إلى أنه أمام صعوبات اتخاذ القرار، سيما في القضايا المرتبطة بتمتيع الأظناء بالسراح، تبقى الضابطة القضائية جهازا أقوى من النيابة العامة، مشيرا إلى أنه في غياب تبني الجرأة يصبح المحضر بمثابة قرآن منزل، يتم إثره ما يناسب الوثائق المعتمدة، "لا بد من استخدام التقنيات الحديثة أثناء البحث التمهيدي ومراقبة النيابة العامة عن بعد لتفادي خرق القانون والسماح للمحامين كملاحظين أثناء إجراءات البحث التمهيدي" وذلك من أجل إحقاق العدالة وصون كرامة المشتبه فيه. ويضيف المتحدث ذاته أن العديد من الإكراهات الأخرى تكون حاضرة مثلا في الحملة الوطنية لمحاربة العنف ضد النساء، شملت إيداع العديد من المشتبه فيهم رهن السجون، إذ يعطي التفاعل الإيجابي مع مجموعة من الحملات القاضية نتائج سلبية على القضاء الذي يجد نفسه في موقف محرج، وهذا هو الخطأ الجسيم أو الإحراج الذي تقع فيه المنظومة القضائية، بعدما يشتغل مشتكون مزعومون هذه المناسبات للولوج إلى القضاء، بهدف تصفية الحسابات أو الابتزاز. عبدالحليم لعريبي تضارب اعتبــر قانــون المسطرة الجنائية أن البراءة هــي الأصل، إلى أن تثبت إدانة الشخص بحكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به، بناء على محاكمة عادلة، تتوفر فيها كل الضمانات القانونية، وهو ما نص عليه في المادة الأولى. وأحاط قانون المسطرة الجنائية بقاعـدة البراءة هي الأصل، عدة تدابير عملية لتعزيزها وتقويتها، من بينها اعتبار الاعتقال الاحتياطي والمراقبة القضائية تدبيرين استثنائيين، وتحسين ظروف الحراسة النظرية والاعتقــال الاحتياطي، وإحاطتهما بإجراءات مراقبة صارمة من قبل السلطة القضائية، وترسيخ حق المتهم في إشعاره بالتهمة، وإخبار عائلته بوضعه تحــت تدابير الحراسة النظرية، وفي الاتصال بمحام خلال فترة تمديد الحراسة النظرية، وحق المحامي في تقديم ملاحظات كتابية خلال تلك الفترة. كما يمنع تصوير شخص معتقل أو يحمل أصفـــادا أو قيـــودا، أو نشر صورته أو اسمه أو أي إشارة تعرف به دون موافقة منه والمعاقبة على ذلك، أو القيام بأية وسيلة كانت بنشر تحقيق أو تعليق أو استطلاع للرأي يتعلق بشخص تجري في حقه مسطرة قضائية، سواء كان متهما، أو ضحية دون موافقته.