fbpx
ملف الصباح

العدالة الجبائية… ترقب وتوجس

فئات تعاني الحيف الضريبي ومنعمون يستفيدون من إعفاءات دائمة

ماهي انتظارات المغاربة من الحكومة الحالية التي رفعت سقف الآمال في تصريحها؟ لائحة طويلة وعريضة يصعب حصرها، لكن هناك مطالب ذات أولوية بالنسبة إلى شرائح واسعة من المجتمع، من أبرزها مسألة العدالة الجبائية، التي شكلت محور المناظرة الوطنية الأخيرة حول الإصلاح الضريبي.

وتعاني فئات من المواطنين بسبب الحيف الضريبي، إذ تتحمل القسط الأكبر من الاقتطاعات، في حين ينعم محظوظون بإعفاءات دائمة أو تخفيضات في نسب الاقتطاع.

وتستفيد مقاولات محظوظة من إعفاءات أو تخفيضات، في حين أن أخرى تتحمل القسط الأكبر من الضغط الجبائي، إذ تشير إحصائيات مديرية الضرائب إلى أن ثلث موارد الضريبة على الشركات يتم تحصيلها من 35 مقاولة. كما أن الأجراء والموظفين يساهمون بحوالي 80 في المائة من الموارد الإجمالية للضريبة على الدخل، في حين أن الفئات الأخرى من الدخول، التي يصل عددها إلى حوالي ثماني فئات، تساهم بالنسبة المتبقية.

وتكلف الإعفاءات والتخفيضات التي يستفيد منها بعض المحظوظين خزينة الدولة 3000 مليار سنتيم، ولا تمثل الإجراءات الاستثنائية الضريبية ضياعا للموارد المالية، فقط، بل إن المقاربة المعتمدة بالمغرب تتنافى، أيضا، مع مبدأ العدالة الجبائية وروح الدستور، خاصة عندما تتحول من مقتضيات خاصة محدودة الأهداف والمدة إلى امتيازات دائمة للمنعم عليهم بها. وينص الدستور في المادة 39 على أن الجميع يتحمل، كل على قدر استطاعته، التكاليف العمومية، التي للقانون وحده إحداثها وتوزيعها، وتقضي العدالة الجبائية بأن يؤدي المواطنون واجباتهم الضريبية بشكل يتناسب مع إمكاناتهم، أي أن الاقتطاع الضريبي يتعين أن يكون مماثلا، كيفما كان مصدر الدخل أو الأرباح المفروضة عليها الضريبة.

لكن المنظومة الجبائية تتسم بغياب العدالة الجبائية، ويتجلى ذلك في أوجه عديدة تتمثل في اختلاف نسب الاقتطاعات المفروضة على مداخيل متساوية، رغم أن الدستور يقر بمبدأ التناسبية بين الاقتطاع وإمكانية كل واحد، ما يفرض أن تكون نسبة الاقتطاع مماثلة إذا تساوت المداخيل، لكن التشريع الجبائي يميز بين المداخيل حسب نوع النشاط، إذ أن النسبة ترتفع لدى الأجير وتخفض بالنسبة إلى المقاولين وتعفى مداخيل شرائح واسعة من الفلاحين وجزء من مداخيل المنعشين العقاريين.

بالموازاة مع ذلك يتجسد غياب العدالة، أيضا، في أن فئات تقتطع من دخولها مبالغ الضرائب المستحقة قبل أن تحصل عليها، أي في المنبع، ولا تقتطع لدى شرائح أخرى، إلا عندما يتم تحصيلها ويمكنها القانون من خصم كل التكاليف، في حين أن الذين تقتطع الضرائب من منبع مداخيلهم تحدد لهم نسبة معينة يحق لهم خصمها من الأجر أو الدخل قبل إخضاعه للضريبة.

وينتظر المغاربة من الحكومة الحالية أن ترفع عنهم الحيف الذي يطولهم بإلغاء الميز في الاقتطاعات بين مختلف الفئات رغم تساوي إمكانياتها.

عبد الواحد كنفاوي


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات

نود أن نشكركم على زيارتكم لموقعنا. لكننا نود أيضًا تقديم تجربة مميزة ومثيرة لكم. لكن يبدو أن مانع الإعلانات الذي تستخدمونه يعيقنا في تقديم أفضل ما لدينا.