محنة تلاميذ أزيلال… تحالف الفساد والطبيعة

مدارس بدون نوافذ ومراحيض وأطفال يقطعون عشرات الكيلومترات وسط الثلوج في وقت يشهد فيه قطاع التعليم، نقاشا غير مسبوق، ووعودا بالإصلاح، هناك تركيز كبير على جوانب وإغفال أخرى، إذ أن كل النقاش المثار في الآونة الأخيرة، يركز على الأساتذة وسن التوظيف وعدم تمكن التلاميذ من استيعاب الكفايات الأساسية بعد سنوات من التحصيل، لكن بالمقابل لا أحد تحدث عن واقع التعليم بالقرى، والجبال البعيدة، التي ما تزال تفتقر إلى أبسط بنيات التدريس، سواء تعلق الأمر بالنقل المدرسي أو البنيات التحتية، ما يجعل التلاميذ والأساتذة على حد سواء، يعيشون واقعا صعبا، وغير مشجع على مواصلة التعليم. هذا الواقع ينطبق على معظم المناطق الجبلية والقرى، غير أن إقليم أزيلال، الذي يعتبر من أكبر الأقاليم فقرا، ويعرف أيضا بعدم تمكن التلاميذ من مواصلة تعليمهم، بسبب تحالف الفساد والطبيعة، فمن جهة هناك غياب للبنيات التحتية، فرغم الميزانيات الضخمة، التي رصدت للمدارس الجماعاتية، وشعارات تعميم التعليم وربط القرى بالمدارس، إلا أن واقع هذه المدارس، التي تقوم الوزارة بعدها في الدارسات، وتقدمها في الحصيلة الحكومية، لا تصلح أن تسمى مدارس، بالنظر إلى افتقارها إلى كل المرافق الأساسية، سواء تعلق الأمر بالأسوار والمراحيض، أو بالماء والكهرباء وجودة الأقسام، إذ هناك وحدات بدون نوافذ أما الأرضيات فجلها "محفرة". شعارات زائفة إذا كانت الوزارة تعتبر أن معظم القرى بنيت فيها مدارس، وبإمكان التلاميذ متابعة دراستهم، فإن الواقع الذي رصدته "الصباح"، من خلال تصريحات فاعلين محليين، وأساتذة، وجملة من الصور التي تنقل الواقع، تجعل من شعارات الوزارة مجرد كلام، لا أثر له في الواقع. وفي هذا الإطار، يقول عمر أوزياد، فاعل جمعوي محلي، في تصريح لـ "الصباح"، "إن غياب البنيات التحتية التربوية الأساسية، أصبح ظاهرة تشمل جل مدارس جماعات الإقليم، إذ يعيش الأساتذة والتلاميذ واقعا مريرا، نتيجة هذه المشكلة". وأضاف أن ما زاد الطين بلة، هو الساعة الإضافية، التي تطرح إشكالا كبيرا في فصل الشتاء، بالنسبة إلى تلاميذ القرى والجماعات البعيدة، والدواوير الموجودة وسط الجبال، التي تكسوها الثلوج، مبرزا أن التلاميذ يضطرون لمغادرة منازلهم نحو المدارس، في وقت مبكر جدا، وتكون درجات الحرارة منخفضة بشكل كبير. وتابع المتحدث ذاته، أن هذه المشاكل بنيوية، وتتعلق ببعد المدارس والظروف الطبيعية، وفقر أسر التلاميذ، غير أنه بالمقابل، يعتبر أوزياد، أنه رغم هذه المشاكل، يجب تمكين الطفل عندما يصل إلى المدرسة، من أقسام في المستوى، لها أبواب ونوافذ، وفيها المرافق الأساسية، مثل الماء والكهرباء والمراحيض. وأشار المتحدث ذاته، إلى أن إحدى المدارس الموجودة في جماعة "تامدا نومرصيد"، والتي لا تبعد سوى بكيلومترات عن مركز أزيلال، وهي مثال فقط لعشرات المدارس المشابهة، لا تتوفر على مرحاض ولا كهرباء ولا ماء ولا سور، يحمي الأطفال من أي خطر، إذ يمكن لأي شخص أو حيوان أن يتسكع قرب نوافذ القسم. مناخ ومنتخبون لا يرحمون وجد تلاميذ قرى أزيلال بين فكي الطبيعة والفساد، فمن جهة فتحوا أعينهم على تضاريس قاسية ومناخ لا يرحم، إذ هناك مناطق تظل مكسوة بالثلوج لأزيد من 6 أشهر في السنة، ومن جهة أخرى هناك منتخبون ومقاولون فاسدون، يتلاعبون بالمال العام، ولا يقومون بالعمل الواجب، فهناك الكثير من الأقسام والأسوار التي بنيت، لكن بمجرد تساقط الثلوج والأمطار لمدة معينة، تتلاشى هذه البنيات، وتهوي الأسوار بسبب ضعف جودتها. ولا يعقل حسب أوزياد، أنه في القرن 21، وفي مغرب يرمي إلى إرساء نموذج تنموي جديد، ألا يجد الأطفال مرحاض يقضون فيه حاجاتهم البيولوجية، موضحا أن الأساتذة والتلاميذ يضطرون إلى التبول في العراء، ومع ما لهذا الأمر من مضاعفات صحية. وتابع المتحدث ذاته، أنه تواصل مع أستاذة بالمنطقة، وأخبرته أنه في أحد الأيام، اضطرت للتغيب عن القسم بسبب أنها كانت مريضة بالإسهال، وبما أن المدرسة لا تتوفر على مرحاض، فإنها أجبرت على عدم التدريس. وأما النقل المدرسي، فيشكل عقدة أيضا لتلاميذ أزيلال، إذ هناك من يضطر إلى قطع مسافات طويلة من أجل الوصول إلى المدرسة، وفي أيام الثلوج، يعيشون ظروفا قاسية، خاصة أن معظمهم لا يتوفرون على الإمكانية المالية، لاقتناء أحذية مناسبة، الأمر الذي يضطر جزءا كبيرا منهم، إلى الامتناع عن الذهاب إلى المدرسة في فصل الشتاء. عصام الناصيري

محنة تلاميذ أزيلال… تحالف الفساد والطبيعة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بنسليمان يطلق وعد "بلخور" بمراكش

غزوات الرعاة الرحل تتواصل بسوس

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات