طنجـة… عـودة الـروح

مشاريع مهيكلة وأوراش لتأهيل البنيات التحتية الأساسية لاستقطاب الاستثمارات تواصل عاصمة البوغاز، تجديد جلدها لاستعادة رونقها وتاريخها الضارب في القدم، واستشراف المستقبل بكل ثبات لتؤكد للعالم أنها مازالت نجمة ساطعة عند ملتقى الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، وقبلة تسترعي بمؤهلاتها الاقتصادية والجغرافية العديد من المستثمرين المغاربة والأجانب، وملاذا شاطئيا رائعا للباحثين عن البحر والرمال والطبيعة الجميلة... إنجاز: المختار الرمشي / تصوير(أيت الرموش) تعيش طنجة اليوم، على وقع ثورة حقيقية وتحولات جذرية عميقة تجسدها الوتيرة المتسارعة لمسلسل المشاريع المهيكلة والأوراش الهادفة لتأهيل البنيات التحتية الأساسية للمدينة، وجعلها أرضية مواتية لاستقطاب الاستثمارات وتحقيق تنمية سياحية مستدامة تنطوي على التوازن بين الأهداف الاجتماعية والاقتصادية والبيئية... وتخوض السلطات المحلية بطنجة، بمعية شركائها وكافة المتدخلين، بشكل يومي، معركة متواصلة لانجاز الأوراش الكبرى والمشاريع المبرمجة ضمن مخطط تنموي محلي، سواء على المستوى البنيوي أو الاستراتيجي، إذ رغم ظروف الحجر الصحي التي فرضتها جائحة كورونا وتوقف حركة العديد من القطاعات الحيوية بكل بقاع العالم، أصرت الجهات المسؤولة بالمدينة على المضي قدما وأنجزت عدة مشاريع هامة تبرز رونق المدينة استعدادا لفترة ما بعد «كورونا». وركزت السلطات المحلية على المشاريع السياحية والاجتماعية والثقافية، واهتمت بتأهيل البنيات التحتية وتحسين جمالية الفضاء العام والمساحات الخضراء، وكذا الواجهات العمرانية المصنفة ضمن التراث المادي للمدينة، بالإضافة إلى أعمال الرصف والصيانة وتجديد أعمدة الإنارة بأهم الشوارع والساحات العمومية، وهي مشاريع أضفت على حدائق المدينة وساحاتها العمومية لمسات جمالية تليق بتاريخ هذه المدينة الساحلية العريقة. مرقالة... متنفس بحلة جديدة من بين الفضاءات العمومية التي استفادت من إعادة الترميم والإصلاح، نجد «كورنيش مرقالة»، الذي يطل على الساحل المتوسطي الجميل، حيث عززت بنيته التحتية بعدد من التجهيزات والكاميرات التي من شأنها أن توفر ظروف الأمن والسلامة اللازمين لعشاق ومحبي الأنشطة الرياضية والترفيهية، الذين تغص بهم جنبات الكورنيش صباحا ومساء، مع إنشاء مساحات خضراء ومسارات للرياضة والمشي على طول الكورنيش، بالإضافة إلى تحسين صورة التل المطل عليه من جهة حي الحافة، وغرسه بورود ساهمت في إضفاء صورة أكثر جمالية على المناظر الطبيعية الموجودة به. مرائب لضمان انسياب السير تعززت البنية التحتية الخاصة بالسير والجولان بعاصمة الشمال، خلال السنوات الأخيرة، بعدد من مرائب السيارات تحت أرضية وأخرى سطحية، لتخفيف الازدحام وتسهيل حركة المرور داخل المدينة، بعد أن عاشت الشوارع الرئيسة والمدارات اختناقا في المرور لا يطاق بفعل ارتفاع منسوب حركة الراجلين والسيارات والشاحنات والدراجات النارية. وشهدت المدينة، في الآونة الأخيرة، افتتاح ثلاثة مرائب عصرية أخرى، ويتعلق الأمر بمرأب «باب المرسى» بسعة 246 سيارة، ومرآبين يقع الأول بالجزء العلوي من القصبة بـسعة 19 سيارة، والثاني بالجزء السفلي بـ 39 سيارة، فيما لا زالت أشغال بناء مرأب سوق سيدي بوعبيد (207 سيارات) ومرآب “رينتيستيكا” (235 سيارة) في طور الإنجاز. ويرتقب تسليم هذه المرائب، التي تأتي في إطار تنزيل برنامج تأهيل وتثمين المدينة العتيقة لطنجة، إلى جماعة طنجة من أجل تفويت تسييرها في إطار التدبير المفوض لمواقف ركن السيارات على مستوى المدينة. "فيلا هاريس"... متعة التجول التجول في «حدائق «فيلا هاريس» لا يقل متعة عن التجول بالحدائق الاسبانية المشهورة، نظرا لما تتمتع به من مرافق وفضاءات طبيعية جذابة، إذ تم أخيرا تعزيز بنيتها التحتية وتوسيع مساحتها وغرسها بالأشجار والزهور الملونة الزاهية، بالإضافة إلى تهيئة موقف كبير للسيارات ومسارات لرواد المنتزه، وكذا إقامة ملاعب وفضاءات ترفيهية للأطفال، مع إحداث مرافق صحية مجهزة، ناهيك عن مطعم ومقهى لاحتساء فنجان من القهوة أو الشاي الأخضر، وهي الأشغال التي خضعت لدراسات مسبقة تم تنفيذها من قبل طاقم من المهندسين والتقنيين تحت إشراف المسؤولين القطاعيين المعنيين، ما جعل من هذه الحديقة العمومية فضاء رائعا يستهوي عشاق الطبيعة ويستمتع فيه الكبار والصغار. ساحة إسبانيا... تراث متميز تعد ساحة إسبانيا، البوابة الرئيسة لميناء طنجة المدينة، معلمة تاريخية وذاكرة جماعية توحي بفترة عظيمة عاشتها مدينة البوغاز، وهي واحدة من بين الساحات والواجهات العمرانية المصنفة ضمن التراث المادي للمدينة، التي شملتها رياح الإصلاح والترميم، وخضعت لأشغال كبرى تبعا للمشروع الملكي، الذي انطلق منذ سنوات من أجل تأهيل المدينة العتيقة المطلة على الساحة والميناء الترفيهي المجاور لها. وخضع هذا الفضاء التاريخي، الذي تأثرت أنشطته التجارية والخدماتية سلبيا جراء إغلاق محطة القطار القديمة ونقل جل الخدمات البحرية إلى الميناء المتوسطي، لأشغال همت توسعة الطرق وتكسيتها وإصلاح الأرصفة والإنارة دون المساس بالطبقات الأركيولوجية تحت الأرضية، مع وضع كراس لاستراحة المتنزهين والعابرين المغاربة والأجانب عند وصولهم للمدينة عبر البواخر السريعة والعابرات السياحية، وهي أشغال ستعيد للساحة دون شك قيمتها التاريخية ورونقها الذي افتقدته لسنوات طويلة، وستساهم في دعم الحركة السياحية بالمدينة. "بلاصا طورو"... معلمة وطنية خلفت أشغال ترميم ساحة الثيران المعروفة عند الطنجاويين بـ «بلاصا طورو»، بهجة وسعادة لا مثيل لهما لدى أهل المدينة وعشاقها، سيما أنه لا أحد كان ينتظر أن يهتم المسؤولون بهذه المعلمة، التي افتتحت في غشت 1950 وأعلنت الحكومة المغربية في 2016 أنها «معلمة وطنية»، حيث خصص المجلس الجماعي ميزانية تقدر بـ 20 مليون درهم لإجراء الإصلاحات اللازمة، التي تجمع بين الاستخدامات الثقافية والتجارية للمراهنة على المعلمة في الترويج السياحي، وذلك على غرار الاستخدامات التي اعتمدها الإسبان في ساحات مماثلة بمدينة برشلونة، بعد حظر البرلمان الكاتالوني مصارعة الثيران في 2010. "برج دار البارود"... قيمة مضافة بعد سنوات من الإهمال، نفض مشروع تهيئة المنطقة المينائية لطنجة المدينة الغبار عن المعلمة الأثرية «برج دار البارود»، التي كانت تمثل، في حقب تاريخية مختلفة، الحصن العسكري الأول للدفاع عن مدينة البوغاز من الأطماع التوسعية القادمة من وراء مضيق جبل طارق. وهمت عملية ترميم هذه المعلمة الفريدة، تدعيم البنية الأثرية والأبراج المكونة لبرج دار البارود، من بينها على الخصوص السقالة وأجزاء تعود لزمن الاحتلال البريطاني وفترة حكم السلطان مولاي سليمان (1214 هجرية)، وشملت أيضا تحويل عدد من مخازن الذخيرة إلى قاعات عرض للأسلحة الخفيفة كالسيوف والبنادق وأزياء العسكريين المغاربة، وكذا نسخ لمخطوطات القرآن الكريم وبعض الوثائق والمجسمات، ما حول البرج، الذي سيفتح في وجه عموم الزوار قريبا، من فضاء عسكري إلى فضاء ذي بعد ثقافي، يمكن الزائر، في مسار سياحي، من التعرف على كافة التحصينات العسكرية القديمة لطنجة، التي تعد بحق قيمة مضافة للسياحة بالمدينة. المدينة العتيقة... إشراقة جديدة تعتبر المدينة العتيقة بعاصمة البوغاز، بوابة لاكتشاف تاريخها وتراثها المعماري الفريد، الذي يشهد على حقب تاريخية عديدة، ويحكي أحداثا رسمت ملامح مختلفة لعلاقات المغرب مع جيرانه الأوروبيين، إلا أن تعرضها، خلال السنوات الأخيرة، للإهمال وعدم الاهتمام، أدى إلى تدهور بنياتها التحتية ومعالمها التراثية ووضعية بناياتها التي صارت آيلة للسقوط، ما حتم على السلطات المحلية تدخلا عاجلا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فأطلقت مع شركائها برنامجا يروم إنقاذ المعالم والمواقع الأثرية ورد الاعتبار لها، وترميم المباني المتدهورة التي تشكل خطرا على قاطنيها، وكذا تزيين الدروب والأزقة والساحات التاريخية، حتى تسترجع المدينة إشعاعها ومكانتها السابقة بحوض المتوسط. وشملت أشغال التدخل، التي انطلقت في 2020 وتنتهي أواخر 2024 ورصد لها مبلغ إجمالي يقدر بحوالي 850 مليون درهم، أربعة محاور أساسية تتعلق بـ «تأهيل المجال العمراني»، و»ترميم وتأهيل التراث»، و»ترميم وتأهيل أماكن العبادات»، و»إحداث فضاءات للصناعة التقليدية والمنتجات المحلية»، وكلها مشاريع تروم الاستثمار في التنمية المحلية وتعزيز الجاذبية السياحية والاقتصادية للمدينة. كما شمل البرنامج، الذي ساهمت فيه وزارات الداخلية والمالية والسياحة والسكنى والتعمير، بالإضافة إلى جماعة طنجة وجهة طنجة تطوان الحسيمة، عددا من المباني الآيلة للسقوط داخل أسوار المدينة العتيقة، التي بلغ عددها حوالي ثلاثمائة منزل مهدد بالانهيار، حيث أعيد إصلاحها ومعالجتها عن طريق توزيع 80 ألف درهم على كل بيت منها، ضمن ميزانية قيمتها 54 مليون درهم، فيما رصدت للبنيات التحتية ميزانية خاصة، وشملت شبكات الصرف الصحي والماء الصالح للشرب، وأشغال الرصف والإنارة العمومية، بالإضافة إلى تجهيزات عامة همت تجديد الواجهات وتأهيل الأسواق والساحات العمومية، وإحداث فضاءات للصناعة التقليدية والمنتجات المحلية، لضمان عيش ملائم لسكان المدينة. أما بخصوص عملية التأهيل السياحي، التي يرتقب أن تجذب للمدينة العتيقة الآلاف من السياح مستقبلا، اهتم المهندسون بالمسارات السياحية، من أجل تسهيل انسيابية عملية التنقل داخل المدينة العتيقة، وعملوا على تركيب لوحات توجيهية تبين المسارات السياحية وتشير إلى المواقع التاريخية والثقافية الأكثر شهرة بداخل المدينة، كما سيتم وضع دليل رهن إشارة السياح يضم خرائط ومعلومات وافية حول هذه المدارات السياحية٬ فضلا عن إحداث مكتب للتوجيه والتنشيط السياحي وموقع إلكتروني للتعريف بتراث المدينة وكنوزها المعمارية.

طنجـة… عـودة الـروح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

وهبي "الطوندونس" يشاكس وزير الداخلية

الاتحاد فقد هويته

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات