إشكاليات لا تسمح بنهضة القطاع

100 مليار درهم ضيعتها الحكومة في برامج إصلاحية فشلت في تغيير مستوى المعلمين والمتمدرسين جربت الحكومات المتعاقبة، برامج إصلاحية، حسب ما أنتجته مكاتب دراسات، وضيعت أزيد من 100 مليار درهم، لأنها لم تستثمر في العنصر البشري، أي المدرس، والإطار التربوي، والتلميذ، والمناهج التربوية، إذ ركز كل وزير على تشخيص الأوضاع، واستنساخ برامج دول أجنبية لم تفلح في رفع مستوى منظومة التربية والتعليم والتكوين، آخرها البرنامج الاستعجالي. ورغم أن رؤساء الحكومات والوزراء يتحدثون دائما عن ربط التعليم والتكوين بسوق الشغل، فإن جل الوزراء لم يغيروا المناهج التعليمية الكلاسيكية، واعتقدوا أن إعادة صياغة المقررات المدرسية هو الحل، واتضح في ما بعد أنها بدون جدوى، لأنها غير منتجة لفعل التغيير المنشود، وأنتجت طلبة بشخصية ضعيفة، غير قادرة على اتخاذ المبادرة وتركز على التوظيف والكسل في الوظيفة، وعدم إبداع الحلول. الوفا يرفض الاستعجال فضح الراحل محمد الوفا، وزير التربية الوطنية الأسبق في 2012، ما جرى في التعليم ورفض عقد مناظرة وطنية، لوجود ميثاق التربية والتعليم، والرؤية الإستراتيجية، واشتغال المجلس الأعلى للتربية والتكوين على تحضير القانون الإطار، وهي أمور كافية لإحداث رجة في التعليم. والكل يتذكر الراحل الوفا الذي أوقف البرنامج الاستعجالي، وطرد من مكتبه من وصفه "مول الشعكاكة" الأجنبي الذي تسببت وصفاته الإصلاحية في إحداث كوارث بالتعليم، وقال "سأوقف كل ما يتعلق بالاستعجال والاستنفار. وهي أمور انتهت بالتربية الوطنية"، معتبرا أن الاستعجال منطق يجب أن يظل بعيدا عن مجال التربية والفكر، وتفادي اتخاذ القرارات الانفرادية والفوقية. ولم يتساهل مع الفوضى والتسيب الذي ساد قطاع التعليم، وأوقف الإضرابات الأسبوعية، وتلاعب أساتذة ببند التفرغ النقابي، والسطو على الفيلات الوظيفية، ومغادرة قسم المدرسة العمومية، لإعطاء دروس في المدارس الخصوصية، ومحاربة الفساد في كل المؤسسات التي تشتغل في التعليم، خاصة المؤسسات الاجتماعية ذات الصلة بالتعليم، ومحاربة ترويج المخدرات داخل المدارس وفي محيطها، واستنتج ضعف التكوين، وهاجم الحكومات السابقة التي سمحت بدمج العاطلين مباشرة في أقسام التعليم دون تكوين، ما أدى إلى كوارث وقف عند بعضها حينما وجد تلاميذ لا يميزون بين الحروف في النطق، وأساتذة يرتكبون أخطاء فظيعة في اللغة العربية والفرنسية. جطو... الحكامة الجيدة حينما تولى رشيد بلمختار، وبعده لحسن الداودي، الوزارة، وضعا معا الملف بيد المجلس الأعلى للتربية والتكوين، لإيجاد حل مجتمعي، ومراجعة سياسة المشتريات في الجامعات العلمية، التي فضحها المجلس الأعلى للحسابات على يد إدريس جطو، الذي دافع عن حكامة جيدة في كل القطاعات الوزارية من خلال الافتحاصات، التي أجراها والتي تعد بالمئات، إذ في عهده اكتشف وسائل المفسدين، وفضحهم. وفضح المجلس الأعلى للتربية والتكوين، الوضع المزري لمنظومة التعليم، واكتشف أن نصف التلاميذ يغادرون المدارس لعدم تمكنهم من التعلم، كما أن 50 في المائة من الطلبة يغادرون بدورهم دون أن يحصلوا على شهادة الإجازة، وأن الغالبية الذين درسوا العلوم باللغة العربية من الإعدادي والثانوي، يجدون صعوبة في مواصلة الدراسة بالجامعات، التي تدرس باللغة الفرنسية، فيغيرون التوجه نحو كليات الحقوق والاقتصاد، وكلية الآداب والعلوم والإنسانية، ما أدى إلى الاكتظاظ في المدرجات والأقسام، وأسهم ذلك في تنشيط الحرم الجامعي، من قبل الفصائل الطلابية التي تتقن فن الحديث ورفع الشعارات، على حساب التكوين والتعلم، ما جعل أغلب الطلبة مختصين في معارضة كل شيء، برفع الشعارات الفارغة ودغدغة العواطف. أمزازي... عمل جبار قام سعيد أمزازي، وزير التعليم السابق بعمل جبار لأجل مصادقة البرلمان على القانون الإطار للتربية والتعليم، وتمكن من ذلك بصعوبة، وطبق برنامج الباكالوريا الأجنبية لتشجيع التلاميذ المتميزين، وربح جولة في فضاء التعليم الذي يعاني المشاكل. ومع عهد شكيب بنموسى، تحرك من جديد الإصلاح بتنزيل القانون الإطار الذي صادق عليه ممثلو الأمة في البرلمان، وفضح تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، السياسة التي اتبعتها الحكومات السابقة في قضية التعليم، إذ أكد أن أغلب الأساتذة الذين اختاروا مهنــة التعليــم في المغرب مكرهون بحكــم ظروفهــم الاجتماعية والاقتصادية، لذلك لم يقع تحسن في جودة التعليم، بل تعمقت الأزمة كثيرا لضعف التكوين. ضعف بيداغوجي شدد التقرير على أن ضعف المستوى البيداغوجي والديداكتيكي والرتابة في القسم والمزاج السيئ للأساتذة، تسببت في ضعف جودة التعليم، وأنه في المستوى الابتدائي تجد مدرسين لهم تكوين أدبي يدرسون الرياضيات والنشاط العلمي، ومدرسين لهم تكوين علمي يدرسون اللغات. وأوضح التقرير أن وضعية هيأة التدريس انعكست سلبيا على وضعية التلاميذ، إذ أن 41 في المائة منهم في السنة السادسة ابتدائي لم يكتسبوا المهارات اللغوية الضرورية لمتابعة الدروس في مادة اللغة الفرنسية، ولم تتجاوز نسبة الذين استوعبوا المقرر بأكمله 12 في المائة فقط. وأبرز التقرير أن 76 في المائة من تلامذة السنة الثالثة إعدادي استوعبوا أقل من 21 في المائة من المقرر الرسمي للغة الفرنسية، مقابل 11 في المائة من التلاميذ الذين استوعبوا أكثر من 91 في المائة من المقرر. وبالنسبة لمادة الرياضيات، كشف التقرير أن 48 في المائة من التلامذة استوعبوا أقل من 23 في المائة من مقرر الرياضيات الخاص بالسنة السادسة ابتدائي، وأن 12 في المائة فقط من التلاميذ في المستوى الثالثة إعدادي استوعبوا أكثر من 85 في المائة من المقرر. وبشكل إجمالي لا تتجاوز نسبة التلاميذ الذين يتحكمون في مجموع البرنامج الدراسي لمادة الرياضيات 12 في المائة، أي أن 88 في المائة لا يضبطون المقرر أو يضبطون أجزاء منه فقط. تغيير منطق التوجيه لا يمكن إحداث تغيير في مجال التربية والتكوين، دون تغيير منطق التوجيه، إذ أن 90 في المائة من إجمالي طلبة الجامعات البالغ عددهم مليونا و200 ألف يدرسون شعب القصة، والشعر والنثر، وقواعد اللغة، والتاريخ القديم، والوسيط، والجغرافية، والدراسات الإسلامية، وعلم الحديث، وعلم الكلام، والقانون، والحقوق، والفلسفة، ما لا يساعد على إيجاد شغل في القطاع الخاص، ولا إنشاء مقاولة، أي أن أغلب الدارسين لهذه الشعب يريدون التوظيف في التعليم. و لما تتغير المعطيات، ويصبح مليون طالب يدرسون في كليات الطب والهندسة، والتقنيات والتكنولوجيا، والإحصاء التطبيقي، والتجارة والتدبير، وعلوم الأحياء، والزراعة والبيطرة، فمعنى ذلك أنه تم ربط التعليم والتكوين بسوق الشغل. أحمد الأرقام

إشكاليات لا تسمح بنهضة القطاع

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

لجنة بنموسى اقتحمت خلوة الإصلاحات

تفاصيل السطو على وكالة لتحويل الأموال

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات